يشترك المتمردان – د. خليل وعبد الواحد محمد نور – في الوقت الحالي في أمرين الأول أن كليهما أضاعا الفرص الجيدة بشأن السلام في دارفور، عبد الواحد أضاعها وأهدرها في أبوجا 5 مايو 2006، ود. خليل أضاعها قبل الاستحقاق الانتخابي بأشهر طوال كانت كفيلة باعطائه موقعاً متقدماً الآن. الأمر الثاني أن كليهما الآن ونتيجة لارتباطهما الشديد بأجانب يدفع ثمن هذا الارتباط، د. خليل دفعه نقداً حين تخلّت عنه وعلى حين غرة تشاد التي كانت – قبل أشهر قلائل – توفر له المأوى والملاذ وقاعدة الانطلاق وأصبح الآن طريداً شريداً لا يجد من يأويه (سياسياً) أما عبد الواحد فإنه أصبح رهيناً بافراج باريس عنه، وهي في الغالب يئست منه وأيقنت أنه بعد الآن لن يمثل ورقة مهمة بالنسبة لها. نتيجة لهذين العاملين المشتركين فإن المتمردين – خليل وعبد الواحد – ليس لهما الآن من سبيل سوى القبول بتفاوض مع الحكومة السودانية يفضي الى أي شئ ممكن ولم يعد هناك مجال للتمني والاشتهاء. ولعل هذا ما بدأ يترسخ الآن بقوة فالدكتور خليل لم يجد في طرابلس مأوى سياسياً، كل ما وفرته له الجماهيرية مقر مؤقت أو عابر لحين انطلاق مفاوضات الدوحة أما عبد الواحد فإنه وبحسب ما قاله بعض قادة الادارة الاهلية في دارفور من إثنية الفور تحديداً الذين التقوه مؤخراً وأعطوه (صورة واضحة وأمينة) لطبيعة الأوضاع وأن أهله سئموا حياة المعسكرات، فإنه (مضطر) هو الآخر لقبول الجلوس للتفاوض، بعد أن خمد بريقه السياسي سواء على صعيد علاقاته في الخارج أو على صعيد علاقاته بالقوى السياسية السودانية أو على صعيد أهله في دارفور. ومن المهم هنا – بالنسبة لهذين النموذجين القريبين من التطابق – أن نستخلص عبر ودروس سياسية مهمة، ذلك أن حمل السلاح والتمرد على أي سلطة قائمة أمر ممكن ولكن من المؤكد أيضاً أن حمل السلاح ليس هو هدف في حد ذاته وهذا ما وقع فيه هذين المتمردين فهما ظلا يتعنتان، ويرفضان التفاوض دون مبررات مقنعة لدرجة أن أهل دارفور أنفسهم ضاقوا بهم ذرعاً وأسقطوهم من حساباتهم ولمن اراد أن يستوثق فليراجع حكومات ولايات دارفور الثلاث التي احتشدت بكفاءات علمية وساسة مقتدرين من إثنيات دارفور المختلفة بحيث ابهج ذلك مواطني الاقليم وبدأوا بالفعل في التفكير في حياتهم ومستقبلهم بعيداً عن قعقعة سلاح المتمردين – درس آخر يمكننا إستخلاصه ايضاً وهو أن الارتباط بالخارج – أياً كان ذلك الخارج – يورد وأرديه مورد الهلاك وهذا ما يجري الآن بالنسبة للرجلين فهما أخذتهما العزة بالأجنبي ولم يدركا – الا بعد فوات الأوان – أن الحل في النهاية بيد السودانيين وحدهم!!