ان لم يتدارك المتمرد الدارفوري عبد الواحد محمد نور موقفه بسرعة، فإن من المحتم أنه سيلاقي مصيراً ربما أشد قتامة من رفيقه في حركة العدل والمساواة الدكتور خليل ابراهيم، فالأخير كما شهدنا ورأينا أصبح (منبوذاً سياسياً) وتعاف الدول استضافته، ولم يكن هو نفسه يتوقع بأي حال من الأحوال أن تلفظه تشاد، وأن يفقد (حضنه السياسي الدافئ) هناك في أنجمينا ومدينة أبشي الحدودية التي كان يأتيه فيها الدعم اللوجستي (سلاحاً وعتاداً) من كل مكان. ولعل الفارق الجوهري بين الاثنين – عبد الواحد وخليل – أن الأول كان في بدايته ينطلق من منطلق معقول، كونه يطالب بمطالب دارفورية لا تتجاوز التنمية والاصلاح السياسي، ولكنه ما لبث بعد ذلك – بدافع من الغيظ الشخصي – أن وقع في براثن الاستخبارات الدولية لدرجة أصبح فيها عميلاً اسرائيلياً علنياً تستحي منه اسرائيل نفسها وهو لا يستحي. أما الثاني فقد حمل السلاح بلا قضية وعمل على اعطاء بُعداً جهوياً، وتظاهر بأنه يملك قوات ضخمة واتضح لاحقاً أنها ليست سوى تجمعات لأطفال وصبية صغار غرر بهم. غير أن ما أتيح لكليهما من فرص أضاعاه دون أدنى تقدير أو حسابات سياسية صحيحة. فعبد الواحد اضاع اتفاق ابوجا في 5 مايو 2006م وكان بامكانه وقتها هو ورفيقه مني اركو ميناوي أن يوقع على الاتفاق وأن يحكما سيطرتهما – بموجب الاتفاق – على اقليم دارفور ولكانا الآن خاضا الاستحقاق الانتخابي وأدركا طبيعة الوزن السياسي لهما في اقليم يعج بعشرات القبائل ومن الضروري معرفة كل قائد سياسي لوزنه السياسي لأن الامر في النهاية سوف يتحدد عبر صناديق الاقتراع وضرورات التداول السلمي للسلطة. د. خليل تجاهل ذات الفرص التي جاءته في الدوحة قبل نحو من عام ولو وقع على اتفاق حينها لكان اليوم في موقع افضل واكرم له بدلاً من التحرك بين العواصم بحثاً عن مأوى او ملاذ حتى لو توفر له فهو لن يدوم ولن يكون بذات الأريحية التي كان يتمتع بها في تشاد. الآن عبد الواحد رأي مصير د. خليل ولعل أكبر عبرة فيما آل اليه مصير خليل أنه تقدم نحو العاصمة السودانية بجيش حاول من خلاله فعل شئ ولكنه فشل، ودار بقواته أنحاء من دارفور وقاتل وواجه، ولم يجدي كل ذلك في النهاية وأصبح الآن مجرد طريد لا يعرف أين يقيم ولم يعد اقليم دارفور – رغم مساحته الشاسعة – يتسع له. العبرة هنا مهمة لعبد الواحد، فالأخير ليست له قوة حقيقية تضاهي قوة خليل قبل أشهر ويرفض التفاوض بدون مبررات، وهناك الآن وضع سياسي جديد يتشكل في السودان، فيا ترى هل يتعظ ويعتبر عبد الواحد بما جرى لخليل، أم يقع في ذات الحفرة التي وقع فيها خليل؟