تجددت – وعلى نحو مفاجئ – الاشتباكات بين قبيلتي المسيرية والرزيقات في ولاية جنوب دارفور، وبحسب ما توفر من أنباء من مصادر متنوعة في نيالا فإن (57) شخصاً ما بين قتيل وجريح كانوا هم حصاد المواجهة. وقد كان الأمر المفاجئ أن تجدد الاشتباكات جاء بالتزامن مع جلسات مؤتمر صلح تشهدها مدينة زالنجي بولاية جنوب دارفور لحل الاشكال بين القبيلتين، وفي وقت أبدت قيادات القبيلتين استعدادهما الكامل للصلح وانهاء القتال. ومع ان الاقتتال القبلي في دارفور ظل أمراً معتاداً لهذا السبب أو ذاك، ما بين القبائل الرعوية وتلك التي تمتهن الزراعة في ظل محدودية المراعي والمسارات وموارد المياه في الاقليم الاّ أن الاقتتال الذي جرى بدا – خاصة في الوقت الراهن – وكأنه نتاجاً لأصابع خفية تستثمر في الظروف القائمة، بعد أن تميزت أوضاع دارفور مؤخراً بقدر عالي من الاستقرار السياسي والأمني – ولم تستبعد مصادر سياسية مطلقة في حكومة جنوب دارفور أن تكون هناك أيادي تعبث بالأمن مستغلة تناقضات القبيلتين، اذ انه لو وجدنا الأعذار للاشتباكات الأولى، والتي كانت تجري جلسات الصلح لاحتوائها فإن من الصعب ان لم يكن من المستحيل أن تجد عذراً لاندلاع القتال مرة أخرى ومن جديد وبهذه الصورة الدامية. وقد تسنى لسودان سفاري مهاتفة أحد أعيان قبيلة الرزيقات في نيالا وسألته عن دواعي تجدد القتال والأنظار مركزة على مؤتمر الصلح، فقال الرجل ان الامر بدأ حتى بالنسبة له مفاجئاً لأن قادة الادارة الأهلية كانوا قد تعهدوا جميعاً بمنع أي إحتكاك بين القبيلتين على الأقل الى حين التوصّل الى حل كامل للمشكلة كما أن ذات هؤلاء القادة قدموا تعهدات قاطعة لولاة الولايات الدارفورية الثلاث الذين شاركوا في فعاليات مجلس الصلح بالعمل على منع المواجهات ولكن فيما يبدو – بحسب المسؤول الأهلي المرموق – فإن بعض أطراف القبيلتين لعبت بهم جهات معينة – على حد تعبيره – يهمها أن يضطرب الأمن في الاقليم وحين استفسرناه أكثر عن من يرى أن له مصلحة في ذلك أجاب بأن بعض الحركات المسلحة تصطاد في مياه القتال العكرة وتؤلب البعض من تلك القبيلة على هذه كما أن هناك ساسة محليين لديهم ضغائن وثارات تجاه عملية الانتخابات التي أخفقوا فيها هم أيضاً يبحثون عن اختلال في الأمن يزعزع استقرار الاقليم بحثاً عن واقع جديد. وهكذا فإن المؤشرات تشير الى عدم وجود أسباب منطقية واضحة لتجدد الإقتتال وليس من المستبعد أن تكون أيدي بعض الحركات المسلحة اليائسة مثل حركة خليل قد أسهمت في الامر، كما لا يستبعد وجود لاعبين من الخارج بصورة أو بأخرى خاصة وأن ولايات دارفور الثلاث تمكنت من تشكيل حكومات ولائية تميزت بميزات خاصة اثارت الإعجاب!!