نجحت اتفاقية السلام الشامل والتي انهت أطول حرب أهلية بافريقيا في تحويل النفط من وسيلة لتأجيج الصراع الي أداة فاعلة في تأمين السلام من خلال الطريقة المبتكرة لاتفاق تقاسم عائدات النفط التي احتوت عليه هذه التفاقية وتدفقت أكثر من8 مليارات دولار من الخرطوم الي جوبا منذ توقيع السلام الشامل في العام 2005م الامر الذي لعب دورا كبيرا في الحفاظ علي استمرارية الاتفاقية.. مع ذلك صفقة تقاسم الثروة تطفو علي السطح من جديد مع الترتيب للاستفتاء الذي سيعقد في يناير العام 2011م والذي يرجح الخبراء والمحللون السياسيون بأنه سينتهي بتصويت كاسح للانفصال من الجنوبيين الامر الذي قد يهدد الاستفتاء بالبلاد وتمثل عائدات النفط 50% من الايرادات المحلية و 93% من الصادرات كما تمثل 98% من دخل حكومة الجنوب. ويخشي المحللون أن يؤدي التصويت للانفصال الي مواجهات مسلحة بين الجيوش المتمركزة علي الحدود بين الجنوب والشمال خاصة وان غالبية ابار النفط توجد بالجنوب. وتناقش المفاوضات الجارية بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان جملة من المواضيع المهمة مثل مصير ملايين الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال في حال تم الانفصال ومصير الجيش .. غير أن قضية النفط أهم القضايا التي يجب الاتفاق عليها. وذكر المبعوث الخاص للسودان أنه وبدون التوصل الي اتفاق جديد للنفط وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب فان احتمالات العودة للصراع مرة اخري تكون عالية جدا وأن اتفاقا جديدا للنفط يتطلب اتخاذ قرارات بشأن مجموعة من القضايا من بينها ترسيم الحدود ومصير الشركات النفطية العاملة بالجنوب في حال اصبح الجنوب دولة مستقلة وحقول النفط الموجودة علي الحدود بين الجنوب والشمال وحصص شمال السودان وجنوب السودان في شركات النفط المملوكة للدولة في مختلف مناطق الامتيازات النفطية. وعليه فان أهم تحديات الفترة القادمة كيف يمكن تقسيم عائدات النفط بالتساوي بين شمال السودان وجنوبه في فترة ما بعد الاستفتاء. وفي حال انفصل الجنوب فانه سيصبح احد الدول غير الساحلية والتي ستعتمد علي شمال السودان لتصدير نفطها حتي في وجود مقترحات لبناء خط انابيب من جنوب السودان الي الساحل الكيني لانه من غير الممكن القيام بذلك قبل العام 2011م كما أن حكومة الجنوب لن تستطيع ايقاف صادراتها النفطية حتي يتم انشاء الخط الجديد خاصة مع ارتفاع المخاوف والشكوك بأن جنوب السودان قد لا يملك ما يكفي من النفط لجعل خط الانابيب ذا جدوي اقتصادية مربحة وعليه فان علي شمال السودان وجنوبه التعاون من اجل الحفاظ علي تدفق النفط وعائداته والفصل بين الموارد الطبيعية والصراع والفساد. وهناك خمسة مبادئ اساسية يجب أن يلتزم بها أي اتفاق جديد للنفط في السودان ليصبح قادرا علي الصمود امام التحديات القادمة وأول هذه المبادئ تبني سياسة الانفتاح والافصاح الكامل في كافة التعاملات النفطية. تبني اتفاق نفطي جديد قابل للضبط والمراقبة السهلة والسريعة وايجاد الية تسوية النزاعات في حال وجدت كما يجب ان تبدأ الاتفاقية الجديدة بسجل نظيف وذلك باخضاع الاتفاق الحالي للمراجعة .. ويجب عدم المبالغة في التفاصيل للاتفاق الجديد حتي لا يتكرر ما حدث في العام 2007م عندما حامت الشكوك حول تقاسم عائدات النفط وأوشكت اتفاقية السلام الشامل علي الانهيار بانسحاب الحركة الشعبية مؤقتا عن الحكومة المركزية هناك الكثير من القضايا علي المحك كما أن هناك المثير من عدم الثقة بين الطرفين الا أن اتفاق تقاسم عائدات النفط الجديد يجب أن يحتوي علي قدر كبير من الضوابط والتوازنات التي تجعله قادرا علي الصمود أمام التحديات القادمة. كما يجب علي السودان أن يستصحب تجارب بلدان اخري مرت بظروف مماثلة كأنغولا وغينيا الاستوائية وجمهورية الكنغو وكمبوديا وتيمور الشرقية وأن يعمل جاهداً علي ابعاد البلاد من شبح الصراع العسكري. نقلا عن صحيفة اخر لحظة السودانية 18/7/2010م