كما توقع الموفد الامريكي الخاص اسكوت غرايشن هو نفسه قبل وصوله الخرطوم فان مهمته فيها لم تكن بالذات في هذه المرة سهلة وسلسلة فقد تقاطعت زيارته مع تصريح أمريكي صادر عن الخارجية الامريكية داعم- وعلي نحو سافر – لمذكرة الجنائية الصادرة مؤخرا والتي تضمنت اضافة تهمة الابادة الجماعية ضد الرئيس البشير . غرايشن التقي العديد من المسئولين السودانيين وفي مقدمتهم مستشار الرئيس د. غازي صلاح الدين الممسك بالملف الامريكي وملف دارفور. وكعادة د. غازي في الوضوح والصراحة في سياقها غير البعيد عن الاعراف الدبلوماسية فقد حرص علي ابراز موقف الحكومة السودانية مما تري أنها (مواقف غير مبدئية) تقفها واشنطن بموقفها الحالي حيال مذكرة الاتهام ضد البشير وما من شك أن د. غازي كان منطقياً في هذا السياق لأن واشنطن وفضلاً عن عدم انضمامها لميثاق المحكمة تعلم ويعلم موفدها الخاص سواء عبر معلومات خاصة أو تقارير صادرة عن الأممالمتحدة أن دارفور لم تشهد ابادة جماعية والعجيب أن غرايشن نفسه سبق وأن ردد هذه المقولة قبل أن تلاحقه استياءات جهات معينة في واشنطن تقف خلف أزمة دارفور. ويمكن القول ان غرايشن الذي جاء (يطلب) وجد نفسه (مطالب) فالدكتور غازي أكد له ضرورة ايضاح واشنطن لمواقفها (باتساق تام) حيال السودان حتي يتسني للسودان بالمقابل أن يتجاوب و يتفاعل مع المطلوبات الأمريكية ويستفاد من هذا الموقف أمراً علي جانب كبير من الاهمية وهو أن الخرطوم لم تعد تجامل بحال من الاحوال في شئونها الاستراتيجية وتبدو خصماً صعب المراس أمام واشنطن وتهتدي في ذلك بالمنطق وبالقواعد المتعارف عليها في العلاقات الدولية. وتشير مصادر دبلوماسية مطلقة تحدثت لسودان سفاري من الخرطوم الي أن الدكتور غازي صلاح الدين استطاع أن يضع (نقاطاً عديدة) فوق حروف العلاقات السودانية الامريكية اذ أن واشنطن تتعامل مع بلد موحد علي أنه قد انشطر كما أنها لا تهتم بالقدر الكافي بأزمة دارفور كأزمة قابلة للتفاوض وبالامكان – وبقليل من الضغط علي الحركات المسلحة- التوصل لاتفاق سلام ينهيها تماماً ويغلق ملفها وعلي ايه حال واياً كانت النتائج التي خرج بها غرايشن في محادثاته مع المسئولين في الخرطوم فان من المؤكد أن قضية استفتاء الجنوب السوداني ستكون صعبة في ظل مواقف واشنطن الحالية سواء لغموضها أو ممالأتها للطرف الجنوبي أو عدم اكتراثها لازمة دارفور وتركيزها غير المبرر ولا المنطقي علي قضية الملاحقة الجنائية وما من شك أن واشنطن يتعين عليها (فعل الكثير) لفض تشابك هذه الخيوط المعقدة ان كانت كما قال نائب الرئيس الامريكي (جو بايدن) تريد النظر اليها كطرف ذي مصداقية حريص علي الحفاظ علي هذا البلد!!