حسناً فعل السيد رئيس الجمهورية بعدم المشاركة في القمة الافريقية المنعقدة هذه الايام بالعاصمة الاوغندية كمبالا والاكتفاء بتمثيل السفير محيي الدين سالم مندوب السودان لدي الاتحاد الافريقي فالقيادة الاوغندية لا تضمر خيرا للسودان.. ارضا.. وشعبا وحكومة. أوغندا دعت حكومة الجنوب للمشاركة في القمة ولو بصفة مراقب بينما لم تفعل اثيوبيا في القمة السابقة او ليبيا في القمة الاسبق.. فهل اصبحت كمبالا تعامل الجنوب باعتباره دول مستقلة ذات سيادة؟! الامر يحتاج الي استدعاء الخارجية للسفير الاوغندي وسؤاله عن خلفيات واسباب ومبررات دعوة حكومة الجنوب التي مثلها (الكوماندور) باقان أموم!! نما الي علمنا أن مجموعة تسمي نفسها لجنة دعم انفصال الجنوب قد افتتحت مكتبا في مدينة الرنك بولاية اعالي النيل ووضعت عليه لافتة بحضور المحافظ..! نطالب بمساءله ومحاسبة ثم اقالة هذا المحافظ (الانفصالي) فقط لانه كمسؤول (دستوري) قد خالف الدستور والاتفاقية. صحيح ان الكثير من مثقفي الجنوب تبدو عليهم النزهة الانفصالية لكن هؤلاء المثقفين في جوبا وغيرها هم انفسهم الذين يتحدثون في مجالسهم الخاصة والعامة عن (دكتاتورية) الحركة الشعبية ونظامها (القمعي) في الجنوب!! فهل يطالبون بالانفصال مجاراة للموضة أم أنهم يرحبون حقا بالمزيد من الدكتاتوية بعد انفراد الحركة التام بهم .. وبالملايين من الغلابي الجوعي والعراة في احراش الاستوائية وبحر الغزال؟! هل سيغادر حوالي (3) ملايين مواطن جنوبي ولايات الشمال في حالة انفصال الجنوب يغادرون الخرطوم من شارع الجمهورية الي شارع القصر.. ومدارس كمبوني وكنائس شارع النيل والعمارات.. ومربعات الحاج يوسف.. وجبل اولياء.. وحواري أم امدرمان .. وبورتسودان.. وحلفا .. وكردفان.. وغيرها من بقاع الشمال.. هل سيغادرون مراتع صباهم.. ويتركون مصادر ارزاقهم من أجل ان يصبح رئيس الحركة الشعبية اوربما أمينها العام.. رئيسا لدولة صغيرة فاشلة اسمها دولة الجنوب؟! اذا كان الشماليون قد قصروا في حقوق الجنوبيين وعاملوهم باعتبارهم مواطنين من (الدرجة الثانية) وهذا غير صحيح فماذا قدمت حكومة الجنوب للجنوبيين طيلة الخمس سنوات الماضية؟! هل احترمت حقوقهم هل وفرت لهم فرص معيشة افضل من الخرطوم هل وفرت لهم مساكن ومستشفيات ومدارس وجامعات وطرق.. افضل من تلك التي تتوفر لهم في الشمال؟ حكومة الجنوب وفرت لقيادات الحركة الشعبية فرص عمل افضل ومرتبات شهرية بالاف الدولارات لكن التلاميذ في (رمبيك) لا يجدون كتبا ولا مقاعد ولا معلمين.. فخرجوا مع اولياء امورهم في تظاهرات الشهر الماضي .. ليس في (رمبيك) وحدها .. بل في اغلب مقاطعات الجنوب. الانفصال ليس هو الحل لرفع المعاناه عن كاهل الجنوبيين.. الحل في معالجة ازمة القيادة ازمة الادارة.. والثورة علي المحسوبية والقبلية والسيطرة الاوغندية علي القرار في حكومة الجنوب.. وعندما يشعر المواطن الجنوبي بالرفاهية فمن حقه من بعد ذلك ان يطالب بالوحدة أو الانفصال.. ولكنه جرب ولخمسة اعوام الفقر.. والمعاناة.. والاضطهاد وكبت الحريات في ظل (حكومة جنوبية) لم يتدخل الشمال في شؤون ادارتها للحكم طوال هذه السنوات. لماذا اذن تصرخون تحت لافتات الانفصال.. طلباً للموت والمزيد من المعاناة؟! نقلا عن صحيفة الأهرام السودانية 26/7/2010م