مهما تبدلت سيناريوهات المشهد السياسي اللبناني التي ترسم في واشنطن وتل أبيب لينفذها العملاء المحليون، تبقى الغاية الجوهرية النهائية ثابتة: تجريد المقاومة المتمثلة في «حزب الله» من أسنانها - أي السلاح. وحتى الوسيلة الرئيسية - إشعال فتنة طائفية - لا تتغير إلا من حيث اللوجستيات. هذه المرة يتخذ السيناريو عنوان «المحكمة الدولية» التي تضطلع بمهمة تحقيق قضائي في حادثة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وهو سيناريو ينطوي على طعم استدراج قيادة حزب الله إلى فخ قانوني بهدف توريطه في ارتكاب الحادثة. فهل تبتلع قيادة المقاومة ذلك الطعم ؟ في وقت ربما يكون قريبا سوف يعلن قضاة المحكمة الدولية قرار توجيه الاتهام الأولي أو ما يسمى «القرار الظني».. ليشمل الأشخاص الذين ترى المحكمة أن لديها من الأدلة الأولية ما يتطلب مثولهم أمام القضاة في لاهاي كمتهمين. هذا بالطبع - نظريا - عمل إجرائي قانوني لا شذوذ فيه. لكن هنا يطرأ تساؤل : كيف تسنى لزعيم سياسي لبناني أن يعرف مقدما هويات الأشخاص المراد توجيه الاتهام المبدئي إليهم؟ هذا الزعيم السياسي هو سعد الحريري الذي خلف والده الراحل في قيادة حزب «تيار المستقبل». والقصة كما رواها قطب حزب الله حسن نصر الله علنا هي أن الحريري الابن أبلغه بأن من سوف يشملهم القرار الظني هم «عناصر غير منضبطة» من كوادر حزب الله. ولم يكذب الحريري هذه الرواية. هنا يبدو الأمر موضع ريبة وكأن رواية سعد الحريري تأتي في سياق سيناريو موضوع سلفا لإستدراج قيادة حزب الله إلى ورطة قانونية تجريمية يتخذ المسار التالي : تعلن المحكمة الدولية أسماء أشخاص فيمثلوا أمامها مدعين الانتساب إلى «حزب الله» «ليعترفوا» ويقولوا إنهم تلقوا تعليمات من قيادتهم لتدبير حادثة الاغتيال أو المشاركة في التدبير. ويتواصل السيناريو ليسفر عن مشهد هستيري يتصدره قادة «14 آذار» - ومن ورائهم الولاياتالمتحدة وإسرائيل - للمطالبة بنزع سلاح حزب الله. ومع مرور الأيام تتوسع الحملة الهستيرية العدوانية لتشمل سوريا وايران. في الأسبوع المنصرم قال فؤاد السنيورة قطب «تيار المستقبل» : إذا ارتكب ابني جريمة.. فهل أنا أكون مسؤولا في هذه الحالة ؟ يقول ذلك من باب التطمين لقيادة حزب الله من قبيل استدراجها إلى الفخ القانوني. ولكن هل يبتلع قادة المقاومة هذا الطعم ؟ أشك في ذلك.. ليس فقط من قبيل الثقة في رصانة هذه القيادة ولكن أيضا لأن السيناريو مفضوح. المصدر: الوطن القطرية 2/8/2010