هدّد حاكم إدارية أبيي (دينق أروب كواي) بتدخل مجلس الأمن الدولي لتنفيذ قرار محكمة تحكيم لاهاي الخاصة بترسيم حدود أبيي وحذّر من تحول النزاع في المنطقة الى نزاع إقليمي واتهم أروب جهات لم يكشف عنها بعرقلة ترسيم الحدود في المنطقة، ودعا – في الوقت نفسه – الى ضرورة قيام استفتاء أبيي في موعد متزامن مع استفتاء جنوب السودان مطلع العام المقبل. ولعلك عزيزنا القارئ سوف تندهش حين تقرأ هذا الكلام من قيادي بالحركة الشعبية يطالب بضرورة الاسراع بترسيم الحدود ليتزامن استفتاء المنطقة مع استفتاء الجنوب السوداني العام المقبل، ومبعث الدهشة هنا، أن د. لوكا بيونق القيادي بالحركة والوزير بمجلس الوزراء السوداني ظل وما يزال يردد أحاديثاً مفادها أن ترسيم الحدود لا أهمية له في الوقت الراهن، بقدر ما أن الأهمية لعملية الاستفتاء فحسب!!، كما أن أمين عام الحركة الشعبية (ووزير سلام الجنوب) باقان أموم مضى في ذات الاتجاه بل وطالب بإرجاء ترسيم الحدود الى ما بعد الاستفتاء! أنظر كيف تناقض الحركة الشعبية وتتصادم مع نفسها في أمر واحد!. فهي تهدد باللجوء الى مجلس الأمن ليقوم الأخير بإجبار الشريك بتنفيذ قرار هيئة التحكيم الخاصة بحدود أبيي، وفي ذات المنحى تقول إنه يمكن اجراء الاستفتاء دون الحاجة لترسيم الحدود. ولا ندري هنا لماذا اكتسبت حدود أبيي أهمية (خاصة) وضرورية لاجراء الاستفتاء في حين لم تكتسب بقية المناطق الأهمية نفسها بشأن ترسيم الحدود؟ لماذا لا تقبل الحركة – كما تقول الآن – اجراء الاستفتاء في أبيي دون ترسيم حدود؟ ان من الواضح أن حديث (دينق أروب) هو من قبيل هدم ما قاله قادة الحركة فهو أشار الى استحالة اجراء استفتاء بدون ترسيم حدود، فيا ترى كيف يقرأ بقية قادة الحركة حديثه هذا وهم يصرون على أن الترسيم ليس لازماً للاستفتاء. اما بشأن حديثه عن تدخل مجلس الأمن. فهو حديث غريب ومن الواضح أن هدفه من ورائه هو إشاعة الخوف ونسى الرجل أن السودان لم يتملكه الخوف من قبل مطلقاً من مجلس الأمن وخاض مواجهات متعددة مع المجلس دون أن يطرف له جفن أو تهتز منه شعرة. فما الذي استجد الآن ليخاف السودان من تدخل مجلس الأمن؟ هذا من جهة، ومن جهة ثانية لم يقل لنا الحاكم المحترم بأي كيفية ومن أي منطلق سوف يتدخل مجلس الأمن؟ فالقضية محسومة قانوناً، وبامكانهما معاً، توافقاً أو بغير توافق – تنفيذ قرار هيئة التحكيم لأنه قرار متراضي عليه فما الذي يستدعي هنا تدخل مجلس الأمن؟ ومتى كان مجلس الآمن نفسه (أداة تنفيذية) لهيئة تحكيم دولية يتم الاحتكام اليها بالتراضي؟ ان مثل هذه المواقف في الواقع تعطي مؤشراً سالباً عن تناقضات مواقف الحركة الشعبية وسوء نيتها وتوجهها نحو تدويل الشؤون الوطنية وهي كلها بمثابة علامات ضعف وهشاشة في السياسات وفي المواقف والرؤى!