ظللت أكتب وأتناول وأعبر عن قناعاتي حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري منذ اليوم الأول بأن القاتل إسرائيل ومخابراتها الإرهابية التي تمتلك سجلاً طويلاً أسود في الاغتيالات والأعمال الإجرامية والإرهابية على مر السنين، فالأسلوب والتكنولوجيا والإمكانات التي تمت بها جريمة الحريري أمور لا تتوافر لدى أي قوة أو مجموعة عربية والعمل السريع الذي تم عقب توجيه الاتهام المباشر لسوريا كان يهدف في الحقيقة لأمرين لا ثالث لهما.. أولاً إخراج الجيش السوري الذي كان يحرس اتفاق اللبنانيين عقب الحرب الأهلية الطويلة التي شغلت أهل لبنان ردحاً من الزمن حتى يتسنى لإسرائيل التمدد في جنوب لبنان وترسيخ أقدامها وتأمين حدودها مع لبنان وثانياً لصرف الأنظار عن اتهام المخابرات الإسرائيلية التي برعت في الاغتيالات مثلما هو ثابت في تعقب القيادات الفلسطينية القوية وضربها إينما كانوا ومتى أرادوا مثل اغتيال فتحي الشقاقي ومحاولة اغتيال خالد مشغل واغتيال عماد مغنية وأخيراً المبحوح في دبي كما كشفت الوقائع ذلك. وإذا أعدنا قراءة شريط اغتيال رفيق الحريري وما أعقب ذلك من حراك دولي.. ندرك تماماً أن العرب تتم مخادعتهم بسرعة ويسيرون خلف الخدع والمكر الصهيوني بصورة عمياء.. فإسرائيل لا تريد أي شكل من أشكال القوة في لبنان التي تريد أن تبقى كحديقة خلفية ومساحة للأمن القومي الصهيوني والدليل هو تحريك آليات الأممالمتحدة ومجلس الأمن والقرارات المتعاقبة السريعة التي صدرت في حق الجيش السوري والاتهامات التي أشارت إلى ضلوع القيادة السورية في اغتيال الحريري والتفاعلات الداخلية التي قسمت الشعب اللبناني إلى قوى الرابع عشر والثامن من مارس. وهي فتنة اعتادت القوى الصهيونية بل وتخصصت في إشعالها في كافة البلدان العربية عندما تقتضي الضرورة الأمنية والسياسية ذلك والأمثلة كثيرة ومتعددة في العالم العربي والسودان على وجه الخصوص وما قضية دارفور إلا نموذج حي لذلك لمن يدقق النظر التحليلي ويمعن البحث والدراسة لمسببات القضية وجذورها ومساراتها. لماذا لا نسأل أنفسنا من صاحب المصلحة في أن تظل البلاد ما حول دويلة إسرائيل ضعيفة ومفككة؟.. ولماذا لا نسأل أنفسنا لماذا تغتال هذه الدويلة كل شخصية قومية ووطنية تبرز على الساحة العربية.. لماذا يموت بعض القيادات العربية مسمومين؟ ومن الذي يقوم بتسميمهم؟ لماذا استقال قضاة التحقيق فيما يسمى بالمحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رفيق الحريري؟ ولماذا تسارعت الدول الإمبريالية لإصدار قرارات مجلس الأمن تلك فيما يختص بالشأن اللبناني؟ ولماذا قبل هذا القاضي الأخير الاستمرار في التحقيق.. ولماذا جرى تسريب هذا الخبر الآن بأن الاتهام سوف يطال بعض عناصر حزب الله.. أفيقوا أيها العرب واقرؤوا ما يجري بينكم وما حولكم لتستبينوا إلى أين تقادون ومن الذي يقودكم إلى حيث الخلافات والانقسامات والضعف.. أميركا هي إسرائيل وإسرائيل هي أميركا.. مجلس الأمن والأممالمتحدة وصندوق النقد الدولي وهيومان رايتس ووتش وكل المنظمات التي تسمى بالدولية هي مجرد آليات ممولة من الشعوب ومسخرة ضد مصالح الشعوب.. إسرائيل تعبث بحقوق الإنسان وتحتل أراضي الغير وتقتل كيفما تشاء ووقتما تشاء ولا تطولها القوانين الدولية ولا العقوبات الدولية والعالم العربي تشعل فيه نيران الفتن والاحتلال.. كل أطراف العالم العربي ابتداء بموريتانيا والمغرب والجزائر والسودان واليمن والعراق بها مشكلات مختلفة ومصنوعة.. اليد الصهيونية والإمبريالية فيها وضاحة.. فمتى تعود الروح إلى الأمة لكي نكشف ألاعيب الصهيونية والاستعمار!؟ أخيراً جاءت زيارة جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز لسوريا ولبنان ومعه بشار الأسد وسمو الشيخ حمد بن خليفة لإطفاء الفتنة التي كادت تنفجر مرة أخرى في لبنان بسبب تسريب خبر ورود أسماء بعض منتسبي حزب الله بالضلوع في مؤامرة اغتيال الحريري وهي فتنة مدبرة ومرتب لها.. فالمحكمة إسرائيلية والحيثيات إسرائيلية والإدعاء إسرائيلي.. تماماً كما ادعاءات أوكامبو ومحكمته النسائية ضد السودان ورمز سيادته عمر البشير.. ونأمل أن يدرك القادة اللبنانيون هذه الحقائق الأصولية ويعملون على إطفائها بصورة نهائية وتوجيه جهودهم لتحويل لبنان إلى دولة واحدة يتوافق ساستها على جعل بلادهم جبهة وطنية عربية في مواجهة العنف والعدوان الأميركي الصهيوني. ** قناعة أخيرة: ما زلت عند رأيي المرتاب من قوات الأممالمتحدة وآلياتها ومعداتها التي تترك أو تمنح أو ينتزع منها بواسطة المتمردين.. ولا بد من التخلص من هذا الإخطبوط التابع لأميركا الصهيونية الإمبريالية الاستعمارية في السودان. المصدر: الشرق5/8/2010