اتفاقية السلام الشامل التى ولدت من رحم نيفاشا وضعت بروتوكولات وبنود سميت برتوكولات نيفاشا لتمر بمراحل عديدة فى قسمة السلطة و الثروة و غيرها لتقف اخيراً عند محطة الاستفتاء تلك المحطة التى تعترض مجري سفينة السلام المتجهة اليها عدد من الشلالات و الجنادل تحتاج الى رسم الملاحة البحرية حتى تستطيع ان تبحر هذه السفينة لتمر بأمن و أمان و تخرج راكبيها الى سدرة المنتهي تلك السدرة التى يجب ان يبقي عنها السودان موحداً او منفصلاً و هذا الخياران يحتاجان الى ترتيبات كثيرة يراها المراقبون أهم من عملية الاستفتاء نفسها ، و ذلك لارتباطها الجوهري بالمصير المرتقب لهذا البلد وحدة كانت او انفصالاً او كونفدرالية كانت او غيرها ، بيد ان مما قاله باقان من تصريحات امس الاول مؤشر خطير لمستقبل السلام بين الجنوب الشمال وينذر بالعودة مرة اخري الى ذلك الخيار التعسفي حسبما يراه مراقبون. و فاقان الذى جاب انحاء المعمورة محرضاً العالم على استقبال دولة جديدة فى الجنوب ليكون ذلك تقريراً مبكراً بشأن شعب الجنوب و لم يكتف بهذه الدعوة الصريحة و البغيضة حتى انه شارك فى قمة كمبالا تلك القمة التى خالفت اللائحة الأساسية بالاتحاد الافريقي باعتبار الاتحاد هو مؤسسة رؤساء الدول وبذلك يمكن لهم ان يبعثوا من ينوب عنهم ، لكن امر غريب أثار تساؤلات المراقبين بشأن مشاركة باقان اموم فيها ليفتح الباب واسعاً لاتهامات السودان ليوغندا بمساندتها لانفصال الجنوب، يبد ان جميع هذه الخطوات لم تكن الاخيرة التى اتهم فيها شريكه المؤتمر الوطني بالتنصل عن اتفاقية السلام من خلال ربط عملية ترسيم الحدود بالاستفتاء و عقد مؤتمراً صحفياً هدد فيه باللجوء الى خيارات اخري ينظر فيها البرلمان بالجنوب على حد قوله ، و نفي ان يكون هناك مقترح مصري لتأجيل موعد الاستفتاء ، وقال انه افتراء وتلفيق فى وقت اتهم باقان الوطني بالتلكوء و التراجع عن الوحدة فى تكوين مفوضية أبيي ، مضيفاً انهم قد توصلوا الى طريق مسدود معه بشأن تكوين المفوضية ، مشيراً الى انهم سيحاولون ايجاد مخرج من الازمة ،وكشف عن تفاهمات بين الشريكين تبدأ أمس عبر تكوين لجان بشأن الديون الخارجية و العملة و رحب باقان بالداعين للإنفصال. تصريحات باقان تحمل رسائل واضحة فحواها يمكنهم اعلان الانفصال من برلمان الجنوب بعدياً عن الخطوات الاجرائية المحمية بموجب دستور نيفاشا و التى أراد باقان ان يرفع عنها هذه الحصانة الدستورية فى وقت مبكر و ذلك اشارة لتهدداته بشأن انفصال الجنوب ، و تسائل مراقبون عن سر استعمال باقان لهذه الخطوة طالما انها آتية لا محالة فى وجهة نظره وتأكيداته التى اكد فيها كثيراً رغبة شعبه فى تحقيق الانفصال و قيام دولة منفصلة ذات سيادة مستقلة . بيد ان المحلل السياسي الدكتور اسامة زين العابدين استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين قال ان هناك اتجاه داخل الحركة الشعبية يدعو الى عدم قيام الاستفتاء مبرراً أنه لا حاجة اليه اصلاً و عللوا لعدم قيامه احلال البرلمان و هو الذى يمثل الشعب ،و اضاف زين العابدين ان فلسفة من يثبتون هذه الاتجاه ترجع الأمر الى ان برلمان هو الذى يمثل الشعب و طالما انه منتخب منهم و بين ان هنالك تجربة سابقة تدعم هذا الاتجاه و قال انه فى العام 1953 حصل ذات الامر و كان ينبغي انيقوم استفتاء شعبي لكنه قام بواسطة البرلمان و حل محل ارادة الشعب . و تابع زين العابدين حديثه (للحرة) امس فى ذات الاتجاه لكنه عاد و قال ان الحركة تريد ان تلوح بهذه الكروت ليؤكدوا لشريكهم الوني بانهم يمتلكون بدائل مناسبة فى اشارة منهم الى عدم التعسف فى الولوج الى حلول الاخري ، و استبعد زين العابدين لجوء الطرفين للحرب المباشرة مرة اخري و قال يمكن ان تكون هناك حرب بالوكالة ، مؤكداً ان ذلك اصبح فيه شئ من الاستحالة بين الطرفين . استفهامات كثيرة بشأن تصريحات الحركة بشأن تقرير مصير ما تبقي من عمر نيفاشا و تخوفات كبيرة من اللجوء الى الحلول المنفردة من الحركة بعيداً عن شريكها الآخر ن ,ان ثمة أمور تحتاج الى نقاش ودارسة اكثر ، فهل ينجح الطرفان فى احتواء هذه الازمة أم انهم سيلجأون بعيداً عن الحلول الحتمية؟ نقلاً عن الحرة 10/8/2010