أصدرت حركة التحرير والعدالة التي تتفاوض مع الحكومة السودانية للتوصل الى سلام في اقليم دار فور بياناً حول الاستراتيجية الجديدة التي اتخذتها حكومة الخرطوم لحل المشكلة.. وقالت الحركة في البيان الذي اصدرته امس وأعقبته بمؤتمر صحفي تحدث فيه رئيس الحركة المكلف حيدر قالواكوما أتيم: إن هذه الاستراتيجية الجديدة من شأنها ان تنسف المفاوضات الجارية في الدوحة، وتمسكت الحركة بمنبر الدوحة باعتباره السبيل الى تحقيق السلام الشامل في دارفور.. ووصفت حركة التحرير والعدالة الاستراتيحية الجديدة بأنها مؤامرة ضد اهل دارفور وضد السلام في هذا الاقليم. وقال: إن الحركة ستلتقي بالوسطاء لمعرفة وجهة نظرهم من التحول الجديد في مسار سلام دارفور، وأشارت الحركة الى ان محاور الاستراتيجية الجديدة التي ترفضها تقوم على إعادة وتوجيه عملية السلام، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة وتقوم على الامن والمصالحة والعدالة والتحول من الاغاثه الى التنمية. واشار رئيس حركة التحرير والعدالة المكلف الى أن الاستراتيجية ترتكز على توطين العملية السياسية في دارفور وتعزيز الامن على الارض مع تعجيل العودة الطوعية، واتخاذ إجراءات لتنفيذ مشاريع تنموية. والعمل مع الوسطاء واليوناميد والهيئة التنفيذية لتسهيل وتنظيم عملية المشاورات بين المجتمع المدني بجانب العمل على تطبيق العدالة من خلال الآليات الوطنية.. واعادة توجيه العمليات الانسانية من الاغاثة الى التنمية بجانب تعزيز المصالحة بين مجتمعات دارفور والعمل مع الشركاء لإبرام اتفاق سياسي عادل نهائي وشامل على اساس التشاور مع مجتمع دارفور، والمفاوضات السابقة. وشرح حيدر قلواكوما رؤية الحركة حول الاستراتيجية الجديدة من قبل الحكومة السودانية، وقال: إن الاستراتيجية اعتمدت على الاستعانة بالشركاء الأساسيين متمثلين في الوسطاء وبعثة اليوناميد ولجنة الهيئة التنفيذية العليا (مجموعة ثاومبيكي) وقال: إن هذه الاخيرة لها اجندة ورؤية تتسق مع النظام في الخرطوم حول فكرة ما أسموه بالسلام من الداخل. واضاف: لا نتوقع ان تزج الوساطة الاممية والقطرية نفسها في مثل هذه الاستراتيجية. وقال: إن الحركة ترى أن استراتيجية الحكومة اعتمدت على تحقيق الامن كأولية قصوى، حيث أتبع الأمن بالتنمية ثم إعادة التوطين ثم المفاوضات أخيرا. وتساءل رئيس الحركة عن كيفية تحقيق الامن على الارض وإعادة التوطين دون مشاركة المقاومة المسلحة في دارفور كطرف أساسي (وليس مكملاً) للعملية التفاوضية؟، وقال: إنه مع الاخذ في الاعتبار ان الحلول العسكرية والامنية أثبتت فشلها، ومن الغباء الاستمرار فى إدمان الفشل. (بحسب كلام رئيس الحركة). وقال حيدر: إن الاستراتيجية الجديدة اعتمدت على فتح منبر آخر داخل السودان بالاعتماد على أبواق وأتباع المؤتمر الوطني، ومحاولة التأثير على المجتمع المدني الدارفوري برؤية مغايرة لتلك المتبناة في ملتقى الدوحة التشاوري الأول والثاني، وبذلك يكون النظام مفاوضاً ومشاوراً لنفسه. وأشار الى ان الاستراتيجية تحدثت عن وثيقة حل شامل يتم إعدادها من خلال مشاورات داخلية لمنتسبي المؤتمر اللاوطنى ومبادرة تاومبيكي (السلام من الداخل) لتكون بديلا لاتفاق الدوحة المرتقب، ولتعرض على أطراف لم تكن متفاوضة فيه، وذلك للهروب من استحقاقات السلام ومطالب أهل دارفور.. وقال: إن حكومة الخرطوم دأبت على أن تلعب فى الزمن بدل الضائع بالاتفاقيات الموقعة. نجدها اليوم تتباكى على الالتزام باتفاق أبوجا كعويلها على الاستفتاء، وقال: إننا نستشف من ذلك ان الاتفاقات القادمة انما هي مكملة لابوجا بآلياتها المختلفة والموجودة على الارض، وبذلك تغلق الحكومة الباب للوصول الى حل حقيقي عادل وشامل نتجاوز من خلاله اخفاقات ابوجا. وذكر حيدر قالواكوما أن الاستراتيجية ربطت وبصورة مباشرة بين السلام في دارفور وملف المحكمة الجنائية الدولية وهو نوع من (المقايضة).. وذكر أن استراتيجية حكومة الخرطومالجديدة تحدثت عن متغيرات جديدة على الارض، منها أناس منتخبون وما أسمته بضعف، وتشقق الحركات، وتحول في الموقف الدولي، والشركاء الاساسيين، ووصف هذه المتغيرات بأنها وهمية يعول عليها النظام في بناء استراتيجية مؤامرة لا يمكن تطبيقها في الواقع العملي.. وشرح رؤية الحركة حول تحول الجسر الإنساني الإغاثي الى ما أسمته بالتنمية، وقال حيدر في هذه الاثناء: إن الحكومة تريد الاستيلاء على أموال المانحين المخصصة للإغاثة لإنفاقها على منتسبي النظام، لتفريغ المعسكرات والاستمرار في جريمة الإبادة الجماعية. وتحدث رئيس الحركة عن مصالحات بين مكوِّنات مجتمع أهل دارفور، وتطبيق العدالة الواردة في الاستراتيجية وفق آليات وطنية، قال: إنها (مشكوك فى نزاهتها) واضاف: إن النظام أخرج نفسه عن دائرة التجريم وهو المجرم الذي أنتج هذا الواقع المرير، فاختزل المآسي في مشاكل طفيفة بين أهل دارفور، ويدَّعي حلها بآليات وطنية أهلية، وبذلك اعتمدت الاستراتيجية في هذا المحور على معالجة إفرازات الحرب بصورة سطحية لا تمس الواقع بشيء، وبالتالي تجاهلت معالجة جذور المشكله، وقال: إن من حق أهل دارفور المشروع في المطالبة بالعدالة ضد من ارتكبوا الفظائع الجسيمة، ومن ثم الانتقال الى المصالحات وليس العكس كما هو وارد في الاستراتيجية، وأكد أنه حسب قراءتنا فان الاستراتيجية تهدف الى توطين الازمة في دارفور من خلال فرض الحلول العسكرية والامنية، وليس ايجاد حل عادل وشامل متفق عليه. وذلك واضح من خلال عدة مؤشرات تتمثل في طبيعة تكوين اعضاء لجنة المؤامرة من اشخاص ذوي صبغة عسكرية وامنية. وتتمثل في تصريحات المسؤولين وتهديداتهم المستمرة بفرض السلام في دارفور. والخروقات اليومية والهجمات على مواقع الحركة والثوار وعلى شعب دارفور والقصف الجوي.. والتهديد الدائم للمنظمات الإنسانية بالطرد والتقييد المستمر لحركتها، وقد طال الامر حتى البعثة الاممية.. وقال ايضا: إن الحل العسكري يتمثل في المحاولات المتكررة لإفراغ المعسكرات (كلمة وحميدية كمثال) من خلال منع المنظمات من الدخول الى هذه المعسكرات، بجانب الإصرار على ترحيلها الى اماكن اخرى تكون السيطرة فيها للنظام وليس للمنظمات. وناشد رئيس الحركة المكلف الوساطةَ الأمميةَ والقطريةَ، ألا تنجر خلف ما أسماه بالمؤامرات والمشاريع الوهمية للنظام، وألا تضيع الجهد والوقت في سراب لا نهاية له، وخاصة أن الوساطة دورُها التوفيق وتقريبُ وجهات النظر بين الاطراف المتنازعة، وليس ايَّ شيء آخر يمكن أن ينزع عنها صفة الوسيط. وناشدت حركة التحرير والعدالة المجتمع الدولي واللجنة العربية الإفريقية الراعية لهذه المفاوضات ان تمارس الضغوط على النظام لوقف ما وصفه بالمؤامرة والتركيز على العملية التفاوضية الجادة. كما ناشدت حركة العدالة كافة فصائل المقاومة لوحدة الصف للتصدي إلى هذه المؤامرات التي تحاك ضد حقوق أهلنا وشعبنا في دارفور. وكانت حركة التحرير استهلت بيانها حول العملية التفاوضية، بالقول: "في الوقت الذي تدير فيه حركة التحرير والعدالة العملية التفاوضية مع نظام الخرطوم بمنبر الدوحة بدولة قطر حيث قطعت شوطا مقدرا في العملية التفاوضية بالتزامن مع إشراك منظمات المجتمع المدني الدارفوري والنازحين واللاجئين في لقاءات تشاورية، أفضت الى وضع رؤية موحدة لمطالب اهل دارفور، وقد ركزت الجهود جلها من الوسطاء والمجتمع الدولي ودول الجوار حول هذه العملية التفاوضية. في ظل ظروف عصيبة من تاريخ السودان وتحديات ماثلة للعيان. من صراعات في الهامش السوداني، بالإضافة الى تحدي جنوب السودان. والصراعات السياسية على مستوى المركز. يطرح النظام مؤامرة لإجهاض العملية التفاوضية. بعد تحليل عميق للاستراتيجية المطروحة من النظام ومِن خلفه حزب المؤتمرالوطني، الذي ادعى فيها أن هدفه الاساسي هو تحقيق السلام الشامل والامن والتنمية في دارفور. تتلخص الاستراتيجية في أنها مؤامرة لتصفية ثورة دارفور والهامش وتدشين جديد لتنفيذ الإبادة الجماعية الثانية، وهو منهج جديد لتنفيذ نفس السياسات السابقة للنظام، التي ادت الى اكبر كارثة انسانية في العالم، وذلك بقتل أكثر من ثلاثمائة ألف، وتشريد أكثر من ثلاثة ملايين من شعب دارفور. المصدر: الشرق 15/8/2010