كما كنا نتوقع – فقد نفى المتحدث باسم حركة العدل والمساواة الدارفورية المتمردة ما تردّد قبل يومين عن اعتزام الحركة انشاء قاعدة عسكرية لها في يوغندا، على حدود السودان الجنوبية. والغريب، أن النفي صدر عن المتحدث باسم الحركة، ولكن لم يصدر عن كمبالا، على اعتبار أن النبأ يخص كمبالا من ناحية استراتيجية، لأن ثبوت استضافتها لحركة مسلحة تعمل ضد السودان يضاهي اعلانها الحرب ضد السودان. وحتى لو نفت كمبالا لاحقاً، فإن النفي لن يكون بمستوى الحقيقة، ذلك أن يوغندا تعود منها جارها السودان اتخاذ المواقف العدائية دون مبررات وان شئت يمكنك مراجعة اعتداءاتها على السودان منذ عملية الامطار الغزيرة الشهيرة منتصف تسعينات القرن المنصرم وكان آخر عمل عدائي قامت به يوغندا ضد السودان عقدها لمؤتمر الجنائية في كمبالا ثم اطلاق تصريحات بأنها سوف تعتقل الرئيس البشير اذا حضر قمة الاتحاد الافريقي في يوليو الماضي، مما أشار بوضوح الى وجود (رواسب) لا تزال عالقة في أعماق كمبالا. لهذا لن يكون مستغرباً أن تستضيف كمبالا حركة د. خليل، فالحركة فقدت مقرها المثالي في تشاد، ولم تستطع طرابلس احتمالها في ظل قيامها بهجمات وزعيمها موجود في طرابلس وما من دولة من دول الجوار تقبل بتواجد الحركة على أراضيها سوى يوغندا. ولئن تساءل احد عن دواعي قبول يوغندا بالاستضافة فإن الاسباب عديدة ذلك أن كمبالا من جهة أولى مسرح استخباري واسع للاستخبارات الغربية، أقصى ما تفعله كمبالا أنها (تقبض) ثمن معدات استخدام المسرح، وأجر الأداء والمعاونة، ومن المؤكد أن جهات استخبارية ما، ضغطت على كمبالا لتقبل بأمر لا يكلفها كثيراً فهي بعيدة – عملياً – عن السودان الشمالي وبجوارها الجنوب السوداني ولهذا الجنوب علاقة قوية بكمبالا. من جانب ثان فلربما بدأ الموسفيني ان وجود حركة مسلحة مناوئة للحكومة المركزية في السودان ربما يسهم في تخفيف الضغط الموجه اليه عسكرياً من حركة جيش الرب وفي الوقت نفسه يمكنه أن يطلب من الحركة القتال معه في مواجهة جيش الرب كمقابل للاستضافة والانطلاق. من جانب ثالث فإن الرئيس موسفيني على وجه الخصوص يكن عداءً صارخاً للحكومة السودانية وقد رأينا كيف مضت تعاملاته السياسية مع الخرطوم منذ الارتباك الكبير عقب حادثة قرنق، وتغيبه غير المبرر عن الجنازة الرسمية لقرنق في جوبا، ثم تغيبه مؤخراً عن حفل تنصيب البشير، وحرصه على حضور حفل تنصيب رئيس حكومة الجنوب!! هذا العداء من جانب الرئيس موسفيني في مواجهة الحكومة السودانية مضافاً اليه تطلع الرجل لقيام دولة جديدة في الجنوب جعله يستهين – منذ الآن – بالشمال السوداني ويضعه في خانة الأعداء. لكل ذلك فإن استضافة كمبالا للمتمرد خليل وحركته أمر ثابت بالدليل القاطع الذي سوف (ينكشف) عاجلاً وليس آجلاً!!