على مدار تاريخ البشرية كان الأمن مطلباً رئيسياً للإنسان كي يستطيع العيش بسلام، ليحرث الأرض ويزرعها، وليتكاثر ويبني ويطور ويتقدم نحو الحضارة والرفاه، حتى صار الحفاظ على أمن الحدود والشعوب من أهم مهام الحكومات وفي قمة أولويات المشاريع التنموية، وصار توفير أدوات ووسائل وثقافة حماية أمن المجتمع من أهم التزامات مؤسسات الدولة الرسمية والمدنية في كل زمان ومكان.. فالأمن وريد الحياة، ولا يمكن الاختلاف على هذا المبدأ، حتى بدعوى المطالبات السياسية والحقوقية، فزعزعة الأمن يعني خراب الأمة وإلحاق الأذى بكل المجتمع لمصلحة أفراد.. ولا مجال للمزايدة على هذا المبدأ الإنساني سياسياً وأخلاقياً ووطنياً، بل من يسيئ لأمن المجتمع، بفعل أم بقول، يدخل في خانة الخيانة الوطنية، وهذا ما يؤكده تاريخ المقاومات الوطنية والشرعية الشريفة التي كانت مصدر أمن وأمان لشعوبها بينما تنفذ عملياتها ضد العدو الأجنبي. في أكثر المجتمعات تقدماً وديمقراطية لا تتردد السلطات في إنزال أقصى العقوبات على كل من تراوده نفسه للمساس بأمن المجتمع، وتستخدم كل الوسائل المعلنة والخفية، المباشرة وغير المباشرة، القانونية وغير القانونية، في معاقبة المنحرفين والمتطرفين ومن يلفقون الأكاذيب للإساءة إلى الوطن وزعزعة أمنه، والإعلاميون هم أكثر الناس معرفة بهذه الحقائق لمدى قربهم ومتابعتهم لأحداث العالم، لذلك كان مسيئاً جداً دور بعض وسائل الإعلام في تلفيق الأخبار المشوهة حول الإجراءات البحرينية الأخيرة التي اتخذتها الدولة لممارسة دورها الذي تنازلت عنه طويلاً على أمل أن يرجع المتطرفون إلى رشدهم ويتعلموا ممارسة حقوقهم في المساءلة والمطالبة بكل ما هو متاح من وسائل سلمية وحريات إعلامية وديمقراطية. نقلت وكالات الأنباء ووسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية أخبار البحرين التي تبثها السلطات أولاً بأول لتتفادى تناقل الأكاذيب حول الإجراءات الأخيرة التي اتبعتها لإيقاف أحداث العنف والإرهاب التي عمت بعض المناطق مؤخراً.. إلا أن عددا من الفضائيات والصحف انحرفت عن الحقيقة ولفّقت قصصاً مبالغ بها في هذا الشأن، وبصورة غير محايدة في محاولة لقلب الحقائق.. والجدير بالاهتمام أن هذه الوسائل الإعلامية بنفسها تعد مشبوهة لارتباطها بالاحتلال والقوى الخارجية، مما يجعل من أدائها هذا إدانة إضافية للمتهمين في أحداث البحرين، ويكفي الإشارة إلى أن هذه الوسائل الإعلامية المسيئة تشمل فضائية الديار العراقية وأختها فضائية دجلة، التي يديرها أحمد الركابي، والمعروف عنه بأنه كان أول القادمين على أول طائرة أمريكية حطت في مطار بغداد بعد الاحتلال ليهنئ الشعب العراقي بالتحرير، ثم عينه بول بريمر في مناصب إعلامية كبرى. والغريب أن بعض النصوص التي تناقلتها هذه الوسائل الإعلامية تشبه ما تنشرها إحدى الصحف البحرينية التي تمارس دور تشويه الحقائق على مدار العام، والتي لم تتوقف يوماً عن تبرير كل الإرهاب والعنف الذي يمارسه المتطرفون في شوارعنا، وفي اللحظات الأخيرة بدأت بتغيير خطابها لتأخذ منحى يحفظ مكانتها في ظل انكشاف الكثير من الحقائق المغيّبة عن الجمهور. إذن هذا الأداء الإعلامي المشبوه في الدفاع عن الإرهابيين والمحرضين على الإرهاب في البحرين يعزز من مصداقية التهم الموجهة إلى المتهمين، ويعد شبهة سياسية في حقهم، ودليلا على تورطهم في العمل مع أطراف أجنبية، كما يعتبر التبرير الإعلامي والسياسي لكل هذا الكم من التحريض والعنف والإرهاب الذي عم البلاد دليلا يدين هذه الوسائل الإعلامية ويعتبرهم مشاركين في الإرهاب والتحريض عليه إذا حكم القضاء بصحة التهم. وعسى الله أن يحمي بحريننا من كل شر ومكروه.. المصدر: اخبار الخليج 18/8/2010