سؤ التقدير وسؤ النية , وربما غياب الرؤية السياسية الثاقبة أودت بالحركة الشعبية – وهي حتي الان تجهل ذلك- حين اختارت أن تقف موقفاً بالغ الغرابة حيال قضية التشاور الوطني بين كافة القوي السياسية حول قضية الاستفتاء فنحن- وكما قال الدكتور نافع مساعد الرئيس السوداني في مؤتمر صحفي الخميس الماضي- تقدر الحركة الشعبية (حرجها السياسي) من المشاركة والحضور في ملتقي الغرض الاهم فيه ترسيخ قضية الوحدة وهي كما وضح جلياً لا تريد هذه الوحدة, وتتفهم أن الحركة تزرعت بزرائع واهية لتغيب عن محفل ليس لها فيه فائدة بعد ما بان توجهها الانفصالي الذي لم يعد موضع شك وانها خشيت أن تحاصرها كافة القوي السودانية بما في ذلك حلفائها في تحالف جوبا- بقضية الوحدة وتصبح معزولة ويتضح للكل الا فائدة من التعامل السياسي معها ومن ثم تصبح (منبوذة) سياسياً!! هذا الامر في الواقع مفهوم لكل مراقب اذ أن كل الذي جعل الحركة الشعبية تصدر بياناً (بتوقيع عرمان) – لسخريات القدر ومفارقاته – وتلوذ بعيداً عن اللقاء هو أنها لا مصلحة لها – بحسب رايها- في مناقشة قضية الوحدة. غير أن مالا يمكن فهمه هو أن تتغيب الحركة بل وتتهرب من مناقشة قضية الاستفتاء نفسها من حيث الاجراءات والقواعد والنزاهة وقضية ترسيم الحدود وما اذا كان من المناسب تأجيل العملية لبضعة اسابيع أو أشهر للحصول علي استفتاء أفضل أم اجراءه بالكيفية الممكنة في الحقبة الزمنية المتاحة؟! هذه القضايا تهم الحركة وكان من الضروري أن تكون أول الحاضرين لمناقشتها ولكنها تعمدت التغيب وهي تسوق مبررات جد مضحكة فقد حفل بيان عرمان بالحديث عن التحول الديمقراطي وحل أزمة دارفور والغاء القوانين المقيدة للحريات!! الحديث يجري عن الاستفتاء وبيان عرمان يتحدث عن قضايا التحول الديمقراطي والقوانين المقيدة للحريات وحل ازمة دارفور!. القوي السياسية مطالبة بأن تدلي بدلولها – دون سابق تحضير أو حجر علي أحد كما تقضي بذلك قواعد الممارسة الديمقراطية في حين أن بيان عرمان الذرائعي يتحدث عن ضرورة مشاركة الجميع في التحضير للقاء ووضع أجندتة وقضاياه!! لقد كان من السهل ادراك أن الحركة في حرج بالغ, وكان من السهل أيضا ان ندرك أنها تبحث عن مشجب لتعليق فشلها في البقاء ضمن سودان موحد – وهو أمر متاح الامر الذي نقل حرجها هذا الي بقية حلفائها الذين اضطروا لمسايرتها في التغيب علي أمل اقامة (محفل منفصل) – أو كما يقولون للحديث عن القضايا المعروفة حول التحول الديمقراطي وقضايا الحريات!! ان الحركة الشعبية خسرت منذ الان – عملت ذلك أو جلهته – قضية الاستفتاء فقد أسفرت عن وجهها الانفصالي مبكراً وهي لا تستطيع ارغام الناخبين الجنوبيين علي التصويت للانفصال وفي الوقت نفسه وكما قال أحد المراقبين فان الحركة جعلت الجنوبيين يزهدون في الانفصال وبذات القدر جعلت الشماليين يزهدون في الوحدة. ومطلوب منها ايجاد معادلة للتوفيق بين الخطين المتوازيين!!