وزير الشئون الإنسانية وإدارة الكوارث بحكومة جنوب السودان (جيمس كوك) وفي ذروة توجهات الحركة الشعبية الانفصالية، لم يجد مناصاً من إطلاق محاذير دواية قال أن على المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والأجهزة السودانية والمنظمات المختلفة الاستعداد لمواجهتها منذ الآن . حيث قال الوزير أنه وفي حالة انفصال الجنوب السوداني، فان على الأخير استقبال ما يفوق ال (1،5مليون جنوبي) سوف ينزحون من الشمال، وهذا العدد – الذي وصفه الوزير بأنه هائل – اذا أضيف له عدد المواطنين المتواجدين بالإقليم والذين يعيشون أوضاعاً إنسانية متردية حيث النقص في الغذاء والخدمات فسوف تصبح الأمور على حد وصف الوزير بمثابة (كارثة إنسانية)! وقال الوزير وهو يضغط على كل كلمة يقولها (علينا أن نكون مستعدين، ويجب أن تكون لدينا خطط) . ورسم الوزير ثلاثة سيناريوهات بشأن ما سوف يحدث وكان أسوأها الانفصال لأنه أشار إلى أنه في حالة الوحدة فان الأزمة ستقف فقط عند حد (عدم رضاء ذوي الميول الانفصالية في الجنوب) وأما في حال الانفصال فنحن (غير مستعدين في الجنوب لاستقبال العائدين) ولم يكشف الوزير عن السيناريو الثالث . غير أننا نتوقف هنا عند المشكلة التي قال الوزير كوك إنها ستكون (مشكلة حقيقية) اذا وقع الانفصال وهي عدم قدرة الجنوب لاستقبال العائدين من الشمال. فهذه الإشارة في واقع الأمر مست كبد الحقيقة، وبدت واقعية للغاية ولعل من هذه الإشارة تتضح لنا أموراً عديدة أولها أن الحركة الشعبية وحكومة الجنوب لم تدرس دراسة حقيقية كافية ما سيؤول إليه الوضع جراء الانفصال هي فقط قررت المضي قدماً وجر مواطني الجنوب نحو انفصال لم تستعد هي له ولا أعدتهم له لأنها لو درست الأمر لما كان وزير الشئون الإنسانية في حاجة إلى إطلاق هذه التحذيرات المزعجة والتي من المؤكد إنها أثارت ذعر بعض قادة الحركة والمواطنين، فالوزير يقول هذه الحقيقة لأول مرة بخوف واضح. أما ثاني ما تكشف عنه هذه الإشارة فهو أن الحركة الشعبية وحكومة الجنوب لم تفعل أي شي – باعتراف وزيرها كوك – لأنها لو فعلت طوال السنوات الخمس الماضية شيئاً لما تخوفت من عودة (1،5) مليون نازح واعترفت صراحة بأنها لن تستطيع مواجهة عودتهم. فالاعتراف هنا اعتراف تقصير تنموي خدمي أداري مربع اعتراف به الوزير علانية بحيث لم يدع ادني مجالاً للشك حول خواء حكومة الجنوب وعدم قدرتها على التعامل مع واقع خطير محتمل لن يأتي بالمصادفة ولكنه يقع ضمن خططها وإستراتيجيتها. الأمر الثالث والأخير الذي يتجلي في تصريحات الوزير كوك هو أن الجنوب في حالة الانفصال وعلى فرض تنادي المنظمات الدولية لمساعدته فسوف يظل قطراً يعيش على العون والمساعدات فحكومة الجنوب (حكومة كسولة) لم تفعل من قبل شيئاً ولن تجد الوقت الكافي على المدى القريب لتفعل شيئاً وسوف تنشغل بنزاعاتها مع الشمال حول ترسيم الحدود، وحول موارد النفط وحول العديد من القضايا. في الواقع كانت تصريحات الوزير كوك بمثابة (نيران صديقة) لأبرز ما ميزها أنها صديقة وصادقة!!