وفي تقديري أن الخبر ليس عفوياً .. الذي بثه حصل على النتائج البحثية التي يردها بصورة كاسحة .. فقد ثبت أن الشعب السوداني ناقل سريع للخبر العادي.. لكنه ناقل بسرعة البرق للخبر الذي يفتقد للمنطق (أي غير عادي).. والبرهان معي.. بئر القضارف التي سميت (الفكي أبو نافورة) .. والتي أشيع أنها تعالج الناس من جميع الأمراض .. فهب السودان كله هبة رجل واحد .. وفاضت القضارف حتى النخاع بملايين لم يسألوا عن برهان يثبت الخبر.. قبل عدة سنوات انتشرت إشاعة غريبة في العاصمة، أن هناك مجموعة افريقية وافدة تجوس خلال الديار .. ما ان يصافح الرجل أحداً منهم حتى تختفي الأعضاء التناسلية .. ومن فرط تصديق الناس للإشاعة كف الكثيرون عن المصافحة .. مصافحة الرجال طبعاً وليس النساء .. ولبس البعض (جونتيات) من باب الحذر حتى لا يرتكب خطيئة المصافحة سهواً .. وزعم أن أحد لم يطلب من الشرطة (شهادة فقدان) .. الا أن الكثيرين آمنوا وصدقوا الحكاية وتصرفوا وفق ايمانهم وتصديقهم.. في مدينة الحلفاية .. يظهر فجأة يوم عيد الأضحى .. خروف مكتوب عليه أسم الجلالة.. وفي لمح البصر هب الناس من كل حدب وصوب للتبرك ورؤية المعجزة .. بل وكان على رأس المهرولين للمعجزة تلفزيون السودان نفسه الذي بث الخبر فرح وزهو في النشرة الرئيسية ليمعن في تأكيد المعجزة .. وكثير غيرها .. دائماً يزداد تصديق الناس للخبر كلما زادت غرابته وشذوذه . لم يسأل واحد نفسه كيف يصعق الموبايل صاحبه لمجرد مكالمة هاتفية من رقم دولي معين .. هل الصعقة جاءت عبر الأثير من صاحب المكالمة؟ هذا هراء .. ولا يمكن إطلاقاً أن يحدث .. هل الصعقة آتية من (جهاز) الموبايل .. نعم هذا ممكن بشرط واحد.. ان يفعل صاحب المكالمة ما فعلته المخابرات الإسرائيلية في العام 1996م. عندما استخدمت رجلاً من أقرباء المهندس عياش أحد قادة المقاومة الفلسطينية .. فأهدى الرجل جهاز موبايل الى عياش .. الجهاز كان ملفوماً بمادة متفجرة حشتها المخابرات الإسرائيلية.. وعندما استخدم المهندس عياش الموبايل في مكالمة وكانت ترصدها المخابرات الإسرائيلية .. وتاكدت المخابرات الإسرائيلية من صوته .. وتيقنت أنه هو الذي يضع الموبايل على أذنه في أقرب موقع لمخه.. ضغطت على زر فانفجرت العبوة الملغومة في رأسه ونسفته .. الفكرة هنا أن جهاز الموبايل هو المفخخ .. وليس الأثير .. وأجهزة الموبايل التي يحملها الناس ليست مفخخة .. فلا يعقل افتراض أن شركات تصنيع هذه الأجهزة لفمتها كلها ب (كود) سري يسمح بتفجيرها أو الصعق بها عن بعد.. هذه احدي سلبيات التكنولوجيا المتقدمة.. أنها أقنعت الناس بأنها فوق الطبيعة وان عصر المعجزات لم ينته.