مع إقتراب موعد إجراء الاستفتاء يثور بين المثقفين بصورة خاصة ومواطني البلاد بصورة عامة جدل الهوية حيث يدعي البعض ان السودان بلد بلا هوية ولذلك وجدت فيه مشاكل عدم الانصهار القومي وعدم التمازج الذي يشكل وجدان الامة الواحدة ويذهب البعض الى ان السودان بلد عربي اسلامي بحسب عملية الثقافة العربية والاسلامية فيه بينما يرى البعض الآخر ان السودان بلد افريقي وبذلك يؤيدون مدرسة الزنوجة ومدرسة الغابة والصحراء في الادب والفكر في مقابل مكونات الثقافة العربية الاسلامية وكأنما هناك تضاد ولنا قرابين الاثنين ، ومن المعروف ان افريقيا هي منطقة جغرافية وليس بينها تضاد مع العروبة التي هي عنصر وثقافة وعرفت في القارة الافريقية منذ قديم الزمان وذلك قبل ان ينشق الاخدود الافريقي العظيم ويفصل البحر الاحمر بين العرب في آسيا واخوانهم في افريقيا ونجد ان اسم افريقيا ذاته قد اطلقه العرب قديما على منطقة تونس الحالية وبذلك يكون الجدل الدائر حول الصراع بين الثقافة العربية والافريقية ليس قائما على اسس متينة وما هو إلا نوع من الجدل السفسطائي العقيم. ?{? ونجد ان التمازج والتعايش بين الثقافة العربية والاسلامية المسيطرة على شمال السودان والثقافات الزنجية في الجنوب هو الذي كان سائدا ويتم بصورة تلقائية من خلال الحراك السكاني والتمازج الاجتماعي الحادث واستمر ذلك الحال الى ان تنبه له الحكام الانجليز وارادوا ان يبنوا جدارا من الفصل الثقافي بين الشمال والجنوب حينما قاموا بسن قانون الفصل العنصري الذي اطلقوا عليه قانون المناطق المقفولة وبموجبه تم منع الاسماء والازياء العربية في جنوب السودان وكذلك تم منع سفر الشماليين الى الجنوب الا بواسطة اذن خاص من سلطات الاستعمار وبذلك تمكنوا من زرع اولى لبنات الانفصال الثقافي والاجتماعي بين الشمال والجنوب. ?{? ولذلك لا تعجب من ان كل داعية انفصال بسبب اختلاف الثقافات والديانات بين الشمال والجنوب انما يمثل نتاجا لتلك السياسة الاستعمارية ولو حدث انفصال سياسي فانه يكون حصادا لتلك السياسات الاستعمارية القديمة والتي تتم تغذيتها حاليا بخطاب انفصالي ضعيف لا يستند الى وقائع قوية وانما يمثل امتدادا لذلك الاستلاب الثقافي الذي لا يريد للبلاد التوحد على اساس المواطنة السودانية رغم ان التعدد العرقي والثقافي هو السمة الرائدة والرائجة في معظم دول العالم اليوم ولكن الاغراض المريضة هي التي تدعو الى تأييد الانفصال بسبب قضية الهوية المفتعلة في السودان دون غيره من دول العالم. نقلاً عن صحيفة أخبار اليوم 27/9/2010م