تدهورت الأوضاع الأمنية بولاية جنوب دارفور وعاصمتها نيالا حتى غدت المصارف نهباً للنهابين، وعصابات وجدت مناخاً يسمح لها بدخول المدن والنهب في رابعة النهار الأغر، عنوة واقتداراً، وحمرة عين، كأن نيالا تعيد ذكرى الهمباتي (جاعور) الذي كان ينهب الإبل عنوة، ولا يستغل إنشغال الرعاة عن إبلهم أو ظلام الليل البهيم، فأخذ الهمباتي (جاعور) يتحدث عن نفسه ومهنته في السرقة كبديل للزراعة، ويقول (ما دام أم قجة سادرة وواردة، شنو الجابرني لى حش الملودة الحار.) والنهابين والحرامية في نيالا ما عادت لهم حاجة لزراعة الأرض، ورعي الإبل، والأبقار، فالسلاح متاح في نيالا، وسيارات اللاندكروزر يمكن الحصول عليها من المواطنين، والبنوك مهما كانت قريبة من منزل الوالي تستطيع سيارات اللاندكروزر الوصول إليها لأخذ أموال المواطنين، والهروب بعيداً عن عيون الشرطة، والجيش، والأمن. الوضع الأمني المتدهور في نيالا لا تتحمل مسؤولياته وتبعاته القيادة السياسية والتنفيذية وحدها في الولاية، بل المسؤولية المباشرة تقع على عاتق الأجهزة العسكرية، والأمنية، والشرطية بلا إستثناء، فالقيادة السياسية ممثلة في الوالي مسؤولة- نعم- عما يجري في الولاية، لكن حماية المال العام من النهب والسلب هي مسؤولية أجهزة الدولة، والتفريط وعدم المسؤولية تبتدي من خلال ما ورد في الصحف من مراسلين بجنوب دارفور عن وجود اثنين من أفراد الشرطة يتوليان حراسة وتأمين بنك التضامن، الذي لا يبعد عن منزل الوالي أكثر من (800) متر، كيف لمصرف كبير وفي مدينة يتم نهب رجال الأعمال فيها وضح النهار، يتم تأمين المصرف باثنين من أفراد الشرطة. عندما أنتهك مني أركو مناوي حرمة مدينة الفاشر واحتلها لساعات، أصدر الرئيس قرارات بإعفاء الوالي وإحالة كل قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية للتقاعد، ومن يومها لم تشهد الفاشر حدثاً مفجعاً كالذي يحدث في نيالا من نهب وسلب في منتصف النهار، وحينما سقطت طائرة في مطار الخرطوم أصدر الرئيس قراراً بإعفاء مدير الطيران المدني، حتى ثبت أخيراً براءة الرجل، ولكنه خرج من الباب الصغير، وفي شأن دارفور لا يستطيع الرئيس إعفاء الوالي د. عبد الحميد موسى كاشا، لأن الرجل منتخب، ولا يتحمل وحده مسؤولية ما جرى ويجري الآن، لكن لماذا تغيب المحاسبة الصارمة لقادة الأجهزة المسؤولة في جنوب دارفور، حتى لا ينفرط عقد الأمن أكثر مما هو ماثل الآن؟ أين قانون الطوارئ الذي تتحمل الحكومة المركزية تبعاته السياسية، ولا أثر له في واقع جنوب دارفور الحالي، حيث النهب والسلب في وضح النهار، والصراعات القبلية التي أخذت في التنامي حتى أضحى خبر مصرع (40) شخصاً في اشتباكات بين القبيلة (أ) والقبيلة (ب)، لا يشكل في ذهن القارئ مصدر دهشة وحسرة، فالموت في جنوب دارفور أضحى قريباً من فراش الوالي، فلا تعجب أخي القارئ إذا طالعت قريباً خبراً عن نهب أمانة الحكومة، ومنزل الوالي، وسيارته، بواسطة عصابة مجهولة، والوالي يعلن النفرة لإلقاء القبض على ناهبي بيته!! نقلا عن صحيفة اخر لحظة السودانية 3/10/2010م