"منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    عثمان ميرغني يكتب: «منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود    مجلس السيادةينفي ما يتم تداوله حول مراجعة الجنسية السودانية    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وليد حامد القيادي بالحركة ل(الأحداث) : المشروع الذى ضحيت من أجله يُذبح أمامي
نشر في سودان سفاري يوم 06 - 10 - 2010


أجراه: عبد المنعم أبو إدريس
نبرة من الحزن والأسى كانت واضحة على صوته وهو يتحدث الي كما انه ردد عبارة فشلنا أكثر من مرة.. وفي إجابات على أسئلة مختلفة تلك كانت حالة القيادي بالحركة الشعبية قطاع الشمال وليد حامد.
وحالة الحزن لم تكن فقط في عبارات وليد فمبنى قطاع الشمال للحركة الشعبية بدأ ذلك النهار خالياً إلا من ثلاثة شبان جلس أحدهما في السياج الخارجي للمبنى والاثنان الآخران يتابعان فيلماً على إحدى القنوات التلفزيونية والمكاتب في الطابق الأرضي مغلقة وأثناء الحوار حضرت شابة ولذا صمت كبير يلف المكان حتى إنه يريد أن يقول إن ساكنوه هجروه.
* من خلال التسريبات التي تتم في الإعلام والجو العام يشير الى أن جنوب السودان يذهب في اتجاه اختيار الانفصال وهذا الأمر يثير تساؤلاً بالنسبة للحركة الشعبية هو أنها تطرح مشروعاً للسودان بأجمعه هو مشروع السودان الجديد كما انها منذ منفستو التأسيس هي حركة وحدوية فهل بعد هذه السنوات الخمس التي تلت توقيع اتفاق السلام الشامل أصابتها حالة من اليأس من مشروعها الوحدوي وانكفت نحو الجنوب؟
الحركة هي صاحبة مشروع السودان الجديد وبناء دولة سودانية موحدة على أسس جديدة, ولكن هذا المفهموم اعترضته قضيتان. الاولى منهما هي المؤتمر الوطني الذي لديه رؤية يتحدث عنها هي المشروع الحضاري, وفي آخر تصريحاته اكد انه لن يتنازل عن رؤيته في سبيل أي شيء حتى الوحدة.
أما القضية الثانية هي أن الجنوبيين لديهم أحلام وطموحات قديمة تنحو نحو الانفصال وتأسيس دولتهم وهذه الطموحات القديمة تراود كثيراً جداً من الجنوبيين.
* أنتم أصحاب مشروع السودان الجديد والوطني صاحب المشروع الحضاري توصلتم لاتفاق سلام يعتبر تاريخياً في ظل مشروعيكم، هل الحركة تخلت الآن عن مشروعها في السودان الجديد في لحظة مواجهتها بمشروع المؤتمر الوطني، وهل السودان الجديد هُزم أمام المشروع الحضاري؟
هي حالة فشل أكثر منها تخلٍّ عن مشروع يجب الاعتراف بذلك وأقول نحن فشلنا في تنفيذ المشروع الذي ناضلنا من أجله وكنا نحلم به, لذلك تراجعنا.
الدكتور جون قرنق كان يتحدث كثيراً بأن الترتيبات التي حدثت من خلال الاتفاقية هي الحد الادنى للسودان الجديد, وكان من المفترض ان تكون الاتفاقية هي الأساس الذي ننطلق منه نحو تكملة مشروع السودان الجديد, ولكننا قبعنا في النقطة التي بدأنا منها ولم نتحرك شبراً نحو بناء السودان الجديد وهذا هو الفشل.
* أنتم بعد خمس سنوات مازلتم في النقطة التي بدأتم منها كأنما أنتم في حالة حصار فمن يحاصركم هل هي العوامل من داخل الحركة أما العامل الخارجي الوطني؟
هنالك سببان الأول فشل سياسي تتحمل مسؤوليته الحركة والمؤتمر الوطني وكافة القوى السياسية لأننا فشلنا في أن نأتي بنموذج للحكم يرضي كل مكونات الشعب السوداني, نحن طرفا الاتفاقية تمسكنا بها وأمضينا الخمس سنوات في مشاكسات وأمور لا تخدم مستقبل السودان, وأيضاً عزلت القوى السياسية الأخرى عن هذا المشروع الوطني الكبير لذلك فشلنا في أن نطور مشروعاً وطنياً ودولة يمكن أن تكون نموذجاً للتعايش لكل مكونات الشعب السوداني.
لماذا تم ذلك؟
لسببين في تقديري ان المؤتمر الوطني لم يساعدنا في ذلك ونحن في الحركة لم نبتدر مشروعاً نحاول ان نسوقه للوطني وللآخرين, والآن نحن كأنما نعيش في يوم التاسع من يناير 2005م ليس هناك تطور سواء على المستوى السياسي أو النظري.
* حالة العجز التي تعانيه الحركة هل هي لغياب مركز تفكيرها في ظل اعتقاد البعض أن الدكتور جون قرنق كان يلعب دوراً أساسياً في مركز تفكير الحركة؟
هي ليست بتلك البساطة ولكن اعتقد أن الاتفاقية والظروف التي أعقبتها جعلت الحركة تنغمس في قضايا الحكم وتنفيذ الاتفاقية ولم يكن لديها وقت كافٍ للعصف الذهني لتأتي بمشروع تسوقه للقوى الأخرى ولكن أيضاً المؤتمر الوطني ساهم بنفس القدر بتعطيل الحركة والقوى السياسية الأخرى بأن تأتي بمشروع وطني.. وما يصدر عن الوطني هو محبط بقدر كبير لكل القوى السياسية بما فيها الحركة..
على الرغم من هذا أنا ضد ان نحمل المؤتمر الوطني وحده وزر ما سيحدث, لأن المؤتمر الوطني ليس صاحب مشروع وحدوي كمشروع الحركة في بناء دولة سودانية على أسس جديدة.. إذا فشلنا في ذلك يجب أن نتحمل نحن القدر الأكبر من المسؤولية في اننا لم نحدث التغيير في جعل الوحدة جاذبة, ولبناء سودان يقوم على اسس جديدة كما دعونا له.
لذلك ترى الآن هناك تصريحات من قادة الحركة مختلفة ومتضاربة ومتناقضة ولكن كل هذه التصريحات فردية وشخصية والحركة الشعبية كمؤسسات وأنا عضو في هذه المؤسسات لم تناقش هذا الأمر ولم تتخذ موقفاً واضحاً وصريحاً فيما يتعلق بالوحدة أو الانفصال.
أنا أؤمن بضرورة وإمكانية وحدة السودان على اسس جديدة وهناك آخرون يؤمنون بغير ذلك ولكن هذين الرأيين لم يناقشا داخل مؤسسات الحركة الشعبية حتى تتبنى الحركة أحد الخيارين أو خياراً ثالثا.
* ولكن بدأ كأنما الحركة تهرب للامام من تحديد موقف فتم تأجيل اجتماع مجلس التحرير الذي كان مأملاً أن يبت في موقف الحركة؟
تأجيل الاجتماع كان لظروف موضوعية هي رحلة قيادة الحركة للولايات المتحدة ولمزيد من الترتيبات ولكن الشيء المهم ان للحركة مسؤولية سياسية واخلاقية. السياسية لأنها طرحت برنامجاً ورؤية يجب أن تذهب بها الى النهاية. أما الاخلاقية فإن البرنامج الذي طرحته استطاع أن يجذب عشرات الآلاف من المواطنين السودانيين غير الجنوبيين وهؤلاء المواطنون ساهموا عبر خمسة وعشرين مساهمات كبيرة جزء منهم فقد روحه وهناك عشرات الآلاف من ابناء جبال النوبة والنيل الازرق فقدوا أرواحهم..
هذه مسؤولية اخلاقية تحتم أن تتخذ الحركة قراراً لصالح الوحدة أو الانفصال.. هناك أيضا جنوبيون داخل الحركة يؤمنون بضرورة الانفصال أو الاستقلال، لذلك الحركة كمنظمة سياسية ستجد نفسها في حرج كبير وفي موقف سياسي معقد وصعب.. وتبني أيٍ من الموقفين سيقسم الحركة الشعبية الى نصفين فإذا تبنت الموقف الانفصالي
سوف تذهب منها كل العناصر غير الجنوبية واذا تبنت الموقف الوحدوي في هذا التوقيت سوف ينفض عنها الانفصاليون لذلك الحركة في موقف صعب.
والسؤال لماذا نحن وضعنا في هذا الوقت الصعب وفي هذا الموقف؟
الإجابة لأننا فشلنا في أن نقود الوضع السياسي لأننا نحن وكل القوى السياسية بما فيها نحن في الحركة فشلنا في التوافق على مشروع وطني يراعي حقوق كل مكونات السودان وفي داخله كل المجموعات السودانية.. هذه هي النقطة الرئيسة لذا فإن كل القوى السياسية السودانية الآن في (كورنر).
* لماذا هذا الوضع؟
لأنها لا يمكن ان تتحدث بغير ما تريد عضويتها ولا يمكن أن تفصح عن امر يجعلها خارج دائرة الفعل السياسي ونحن الآن كقوى سياسية نقاد ولا نقود, نقاد بطموحات وعواطف الجماهير والذي كان من المفترض العكس تماما.
* تحدثت عن وجود انفصاليين داخل الحركة وكان يُعتقد أن هؤلاء الانفصاليون هزمهم مشروع السودان الجديد ولكن الذي يحدث الآن يكشف أن الحديث عن هزيمة الانفصاليين كان مظهراً فقط والحقيقة الآن انهم خرجوا مع هذا المد العاطفي الداعي للانفصال؟
جزء من حديثك صحيح والذي كان يجري داخل الحركة أن نقاشات كبيرة كانت تجري داخل الحركة, على مدى خمسة وعشرين عاما عن الوحدة والانفصال وامكانية أي منهم. وفي نفس الوقت كان هناك سلوك عملي جعل كثيراً من علامات الاستفهام تقفز في أذهان الانفصاليين. مثل لماذا يقاتل بجانبنا الشماليون إن كانت المسألة صراعاً بين الشمال والجنوب؟
واستطاعت الحركة من خلال الجيش الشعبي والعمل السياسي ان تصهر مجموعات سكانية لم تلتقي من قبل وكانت بينها عدوات تاريخية لذلك استطيع ان اقول ان النزعة الانفصالية داخل الحركة خمدت ولم تمت وخمودها نتيجة للهزيمة الفكرية والعملية, وعندما غابت النظرة الثاقبة والرؤية والحوار وعندما انفصل الناس حكومة جنوب وحكومة وسط وغيرها, عادت هذه النزعة مرة اخرى.
* أنتم كحزب تقولون بأنكم حزب ديمقراطي ويحكم هذه الديمقراطية في مؤسساته من المسؤول عن غياب هذا الحوار هل هي مؤسسات الحزب غير الانشغالات الخارجية؟
بعد الاتفاقية كان هناك غياب واضح لمثل هذه الحوارات التي كانت تحدث في وقت سابق وذلك يعود لأسباب كثيرة نحن انشغلنا بقضايا الحكم اكثر.
وفي تقديري اننا جعلنا من اولوياتنا الاساسية تنفيذ الاتفاقية كأنما الاتفاقية صارت مشروعاً بديلاً للسودان الجديد وهذا خطأ في حد ذاته وهي أخطاء استراتيجية وقعنا فيها نحن جميعا. والأخطاء لم تنحصر على الداخل فالمجتمع الدولي وقع في خطأ نسيان قضية السودان كما أصبح غير راغب في رعاية القضية السودانية حتى نهاياتها المنطقية.
كل هذه الأسباب مجتمعة جعلت مواصلة الحوارات وفتح النقاشات مع القوى الأخرى بما فيها المؤتمر الوطني أمراً ثانوياً وقد يكون في بعض الأحيان ترفا.
* لماذا؟
لأن بعض الناس يعتقدون بأن أمور الحكم وتنفيذ الاتفاقية هي الأهم ولها الأولوية، لذا غاب الحوار وعندما صحونا كنا على بعد مائة يوم من الاستفتاء. ونعيش الآن في حالة من الفوضى العاطفية وأي شيء يحدث أو يصدر من أي جهة هو مليئ بالعواطف وبعيد عن السياسة والواقع حتى بعض الناس تطرفوا في تناولهم لهذه القضايا والناس أصبحت معنية اكثر بطرد الجنوبيين والشماليين بعد الاستفتاء. ومثل هذه الأحاديث تصدر عن اناس يتبوءون مواقع قيادية في أحزابهم سواء كانت الحركة أو الوطني، ونحن بالكامل في حالة فوضى عاطفية وهذه الحالة هي التي تدير عملية الاستفتاء وليس هناك شخص يتحدث بحكمة وموضوعية عن عملية الاستفتاء الآن لأنهما استفاقوا في آخر لحظة وصارت الأمور متشابكة وفقدنا البوصلة تماماً وليس هناك استراتيجية لأي احد.
* بتحليلك هذا سنتحول لأناس قدريين لا نستطيع قراءة المستقبل والتخطيط له؟
لا يستطيع أحد أن يحدثك ماذا سيحدث يوم العاشر من يناير القادم وكل الاحتمالات مفتوحة ونحن على بعد مائة يوم من الاستفتاء وكثير من الامور لم تنجز ومصرون على قيام الاستفتاء في تاريخه المحدد ولكننا لا نرى عملاً بأن يكون الاستفتاء سلساً ومقبولاً وأخويا, بل إننا نضع كل العراقيل أمام أن يكون الاستفتاء مقبولاً وأخوياً وان تؤثر نتيجته على نسيجنا الاجتماعي وان تكون هناك علاقة جيدة على الرغم من وجود العديد من القنابل، وكل طرف يتخذ مواقف متعنتة ويرفض التنازل وهناك تراجعات من بعض الاتفاقات التي تمت.. كل هذه الأمور لا تبشر أن تكون هناك علاقات جيدة.
ومع كل هذا هناك أمل في أن تصحو ضمائر السياسيين الجنوبيين وألا يعرضوا الشعب السوداني لمأساة ستكون اكبر واطول واعظم ويجب ان تكون هناك رغبة وطنية في ان ننقذ هذا الوضع من الانهيار والعودة مرة اخرى لحرب شاملة.
* هل هناك مجموعة تعمل على هذا أم ان الأمر يظل حبيس أحاديث مثل هذه؟
نعم في داخل الحركة الشعبية هناك حوارات ونقاشات وتأكيدات حتى من رئيس الحركة نفسه على ضرورة العمل ان يكون الانتقال سلمياً واخويا وان نتمتع بعلاقات جيدة.. وفي المؤتمر الوطني هناك بعض العقلاء ولكن في الطرفين هناك من ينفلت ويثير المشاكل ويجب كبح جماح هؤلاء الناس في هذه المرحلة بالتحديد لأن نتيجة هذه التفلتات ستكون وبالاً على الشعبين شمالاً وجنوباً ونحن لا نريد حرباً جديدة.
* أنت كواحد من الذين قضوا في الحركة الشعبية عشرين عاماً كيف ترى مستقبلها؟
في تقديري يجب عليها ان تتمسك برؤيتين, والحركة الشعبية موحدة وقوية لأنها متمسكة برؤية صحيحة وهي رؤية بناء السودان الجديد واذا فارقت الحركة هذه الرؤية سوف تتعرض لتجريد نفسها من اسباب وجودها, والحركة لأنها تبنت المشروع الذي لقي قبولاً جماهيرياً واسعاً من كل أركان السودان وإن تراجعت عن هذا المشروع لن يكون هناك مبرر لوجودها أصلاً.
* هل تستطيع الحركة التراجع والعودة لمشروعها أم ان المد العاطفي جرف كل شيء؟
الحركة في استطاعتها أن تعود وهي على الاقل على المستوى التنظيمي، ولكن هناك قيادات يتحدثون عن آراء لا تتفق مع مشروع الحركة وهذا أمر يخصهم ولكنها على المستوى المؤسسي على الرغم من الضغوط عليها للتراجع من المشروع وإن حدث هذا سيكون خطراً كبيراً على وجود واستمرارية الحركة شمالاً وجنوبا وفي تقديري إذا صوت الجنوبيون للانفصال فالحركة لن تصوت واذا حدث هذا فعلينا فعل شيئين اولهما ألا نتخلى عن مشروعنا والثاني ان نحترم خيار الجنوبيين ويمكن للحركة اذا اختار الجنوبيون ان تعمل مع القوى السياسية الاخرى ان يكون انفصالا سلساً وان تكون علاقاتنا جيدة ووطيدة وان نعمل جميعاً لإعادة توحيد السودان مرة اخرى.. هذا هو الاتجاه الذي يجب ان تسير عليه الحركة الشعبية.
* لكن إعادة توحيد السودان مرة اخرى والتجارب في العالم لم تشهد دولتان انفصلتا وتوحدتا مرة اخرى وحتى تجربتي اليمن وألمانيا وضعهما مختلف؟
اليمن وألمانيا توحدتا مرة اخرى وليس بالضرورة أن تكون الوحدة هي الوحدة العلمية والآن اروبا بعد ان تقسمت عادت وتوحدت قد لا تكون بنفس الطريقة المعروفة ولذا الوحدة يمكن ان تتم بطرق مختلفة. وهناك امل واحتمال ولكنه يحتاج لوضوح الرؤية ويجب ان لا ننجرف ونجري وراء عواطف لأننا نحن الذين نقود ويجب علينا تبصير الناس أين توجد المصالح المشتركة.
* إذا حدث واختار الجنوبيون الانفصال هل حركة شمال السودان لديها القدرة على امتصاص الصدمة وإعادة ترتيب أوراقها وتتمسك بالمشروع؟
الحركة الشعبية فكرياً لن تتنازل عن مشروع السودان الجديد، ما هو مبرر وجودها بمعنى آخر هل تتبنى مشروعاً آخر وسيلاقي نفس القبول وأنا لا احسب ان الحركة ستغامر بالبحث عن مشروع آخر غير مشروع السودان الجديد.
* كأنما تفتح كوة أمل للوحدة بحديثك هذا؟
ليس هناك امل في الوحدة في الوقت الراهن وفيما تبقى من زمن وفيما أراه, والمشكلة ان الطرفين استطاعا ان يعبا بالناس في اتجاهين مختلفين وحتى تأتي وتفرغ هذه الشحنات فإنه أمر صعب والآن العواطف هي التي تقود المسرح السياسي ولا يمكن في هذه الفترة البسيطة الرجوع عن هذه العواطف وان يفكر الناس بطريقة عقلانية إلا في حالة واحدة.
* ما هي؟
اذا تأجل الاستفتاء وكان هناك مشروع وطني متفق عليه.
* ولكن مشروع وطني متفق عليه معنى ذلك انك تريد تأجيل الاستفتاء لوقت طويل؟
وهذا هو الشيء غير الممكن والطرفان التزما بقيام الاستفتاء في موعده وكذلك المجتمع الدولي وانا الآن أستغرب عندما أقرأ بعض التصريحات تقول بأن الجنوبيين سيصوتون للوحدة.. أنا لا أعرف من أين لهم هذه التقديرات وهي تقديرات مضللة وغير صحيحة على الإطلاق.
بالنسبة لقطاع الشمال هذه ستكون صدمة كبيرة لكل السودان وليس لقطاع الشمال فقط ولدول المنطقة وسوف نحتاج لوقت حتى نستوعب هذه الحقيقة الجديدة ثانيا
لإعادة ترتيب أنفسنا وفقاً للمتغيرات التي حدثت.. الانفصال سوف يبرجل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمجمل الشعب السوداني شمالاً وجنوباً.
* هل أنت مع الذين يقولون بأنه إن حدث الانفصال الآن سيقودنا لحالة حرب؟
نعم اذا حدث انفصال في مثل هذه الظروف لن نعطي الجنوبي حقنة وليس لدينا حدود متفق عليها وقضية ابيي لم تبارح مكانه بل المواقف تتباعد في ظل الاتهامات المتبادلة بدعم التمردات هنا وهناك سوف يكون انفصالاً عدائياً لذلك يجب التركيز على قضايا ما بعد الاستفتاء.
* ولكن الواضح أن المباحثات حولها فشلت؟
فشل هذه المباحثات نتيجتها الحرب.. الذين يتفاوضون حول ترتيبات ما بعد الاتستفتاء يتفاوضون على حرب أو لا حرب والناس ديل يقودونا نحو حرب أخرى.. هذه هي الحقيقة ويجب أن نتفق على ترتيبات تبعد شبح الحرب.. والأحاديث الآن كلها عاطفية وحديث كمال عبيد حديث عاطفي وهو مشحون بعاطفة أفقدته صوابه. وفي الجانب الآخر هناك من يتحدثون بنفس الطريقة. وإن عدنا للحرب ستكون أقسى وأبشع من الحرب السابقة.
* أحس بنبرة حزن وأسى في حديثك؟
نعم أنا الآن لدي عشرين عاماً في الحركة التي ذهبت لها يافعاً وأرى المشروع الذي ضحيت من أجله يُذبح أمامي وكأنني أرى شخصاً يذبح ابني.. هذه هي المشاعر التي تنتابني الآن.
نقلاً ‘عن صحيفة الأحداث السودانية 5/10/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.