مقولة سياسية شائعة وتعبر ضمن الاخطاء الشائعة المتداولة مفادها أن الحزب الوطني الحاكم يتحمل وزر انفصال الجنوب تاريخياً. هذه المقولة ودون الحاجة الي الدفاع عن الحزب الوطني فيها تضليل مقصود وتشويه متعمد. فاذا انفصل الجنوب استناداً علي الاستفتاء المرتقب فهذا علي الاقل احتمال كان وارداً حين قررت كافة القوي السياسية السودانية بما في ذلك القوي المعارضة بأجمعها في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995 منح الجنوب حقه في تقرير مصيره. ولا يمكن لعاقل يتعامل بموضوعية أن يقر بمنح هذا الحق ويضع احتمال الوحدة هو وحده الراجح دون وضع أدني نسبة للانفصال- كما ليس من العقل في شئ ارجاح أسباب الوحدة أو الانفصال الي هذا الطرف أو ذاك, أو هذا السبب أو ذاك جحيح أن اتفاقية نيفاشا 2005 أقرت أن يعمل طرفيها – (الحركة والوطني) – معاً لجعل الوحدة جاذبة , ولكن جعل الوحدة جاذبة منطقياً ليس بالضرورة أن يدفع أهل الجنوب نحو الوحدة., فالحق حق ديمقراطي لا مجال لمنع أصحابه من ممارسته كيفما يريدون. من جانب ثان فان تزرع قادة الحركة الشعبية بزرائع شتي في مقدمتها اصرار الحزب الوطني علي تطبيق قوانين اسلامية هو من قبيل التضليل السياسي المحض فالاتفاقية منحت الشمال حقه في التشريع من الشريعة الاسلامية وأعطت الجنوب الحق هو كذلك في الاخذ بالتشريعات ذات الصفه العلمانية ولئن قال بعض قادة الحركة أن الوحدة كانت ستكون جاذبة لو أن الدولة السودانية بكاملها أصبحت علمانية فان هذا تصور غير ديمقراطي فضلاً عن ذلك فان الحركة الشعبية لو كانت تملك القدر القليل من الذكاء فقد كان في وسعها خوض الانتخابات العامة بتنظيم عالي وتحالفات أوسع ومن ثم يتحقق لها السيطرة علي البرلمان لتمرير ما تريد من تشريعات. لقد رأينا كيف تلاعبت الحركة الشعبية واستهانت بالانتخابات العامة ولم تكن جادة ولا راغبة في خوضها , كانت فقط تستعجل الاستفتاء وتعتبر موعده موعداً مقدساً علي اعتبار أنها فشلت في ايجاد موطئ قدم لها علي المستوي القومي ولم تستطيع احداث أي أثر علي مستوي السودان بما جعل مشروعها السياسي يصيبه البوار السياسي فماذا تصنع سوي أن تنكفئ علي نفسها وتعود لتحصل علي دولة في الجنوب لا تكلفها كل هذا العناء. ان كل من يعتقد أن شركاء الحركة هم الذين دفعوها لدفع الجنوب الي الانفصال انما يغالط حقائق واقع فالحركه (هربت) من الاستحقاق القومي وأثر فيها سقورها المتعاظم بالدونية وقال زعيمها مخاطباً المصلين في كنيسة جوبا ان عليهم البحث عن مواطنه من الدرجة الاولي عن طريق التصويت للانفصال. اذن الانفصال هو سبيل للتحلل من عقدة المواطنة من الدرجة الثانية التي تسيطر علي أذهان قادة الحركة. من الجانب الثاني فان حلفاء الحركة (أحزاب جوبا) لم يكن لهم أي دور حتي الان في اثناء الحركه عن توجهاتها وهذا بمثابة عمل سلبي واضح ولهذا فان الطرف الحقيقي الذي عليه أن يتحمل تاريخياً وزر الانفصال هم الذين ترسخ لديهم اعتقاد بأنهم لا يستطيعون العمل جنباً الي جنب مع بقية بني وطنهم في السودان لأسباب اثنية أو عرقيه أو دينية وأن أفضل وسيلة لهم هي دفع مواطني الجنوب دفعاً للانفصال!