لم يتأخر مركز كارتر ، الرئيس الأمريكي الديمقراطي الأسبق عن اللحاق بالمراكز الأمريكية التي تحركها جماعات الضغط الصهيونية هذه الأيام بهدف إحداث بلبلة وعرقلة متعمدة للانتخابات العامة المرتقبة في السودان، فقد زعم المركز في تقرير حديث له أن عناصراً ممن أسماهم يعملون في المخابرات السودانية يوجدون باستمرار في مراكز تسجيل الناخبين وأن وجودهم هذا – على حد تعبير المركز – قد ( يروّع المواطنين ) !! واتهم المركز السلطات السودانية بمنحها للقوات النظامية الحق في التسجيل حيث يعملون لا حيث يعيشون بما قد يفضي إلى ازدواجية في التسجيل ! والواقع أن مركز كارتر أراد هو أيضاً أن يفعل ما فعلته مراكز أمريكية أخرى مثل منظمة كفاية ومعهد هيرترج حيث يتم تلقف ما يقوله بعض المراقبين المحليين والساسة المعارضين هنا في السودان والتحجّج به .. فالذي يقول أن عناصر المخابرات موجودة في مراكز التسجيل بغرض الترويج ، أما أنه ساذج أو أنه مغرض ، وفي الحالتين لا يمكن الاعتداد بما يقول، لأن العملية المقصود منها هو تسجيل الناخب لأسمه كمرحلة أولى للحصر ، وتمهيد لعملية الإقتراع ، فما هو وجه الترويع هنا إذا افترضنا صحة وجود عناصر المخابرات ؟ ما حاجة هذه العناصر لترويع المواطنين في عملية تسجيل أسماء عادية لا تستغرق دقائق يأتي فيها الناخب بطوعه لممارسة حقه ؟ أن الترويع المزعوم لا يمكن أن يتم حتى في عملية الاقتراع نفسها لأن لا أحد من عناصر المخابرات بوسعه أن يصحب الشخص المعني إلى داخل ستارة الصندوق ويقف بقربه حتى يدلي الشخص بصوته . هذا لم يحدث ولن يحدث في أي انتخابات في أي بلد دعك من بلد كالسودان يعج بالمراقبين من منسوبي القوى السياسية ومراقبين دوليين ، أما عن تسجيل القوات النظامية في أماكن عملهم فإن هذا لم يمنحهم الحق في التسجيل في أماكن سكنهم لسبب بسيط للغاية وهو أن هذا السجل سوف تتشكل منه قاعدة بيانات موحدة عبر جهاز الحاسوب ومن البديهي أن هنالك مرحلة تالية لعملية التسجيل تعرف بمرحلة تنقيح السجل سوف تنقّح ، وتعالج أي تكرار أو إعادة تسجيل ، أو وجود بيانات متطابقة . ولا نعتقد أن مثل هذه الإجراء البديهي يغيب عن فطنة مركز كارتر أو غيره من المراكز فهم بالضرورة يعرفون المراحل القانونية والقواعد المتبعة بشأن عملية إعداد السجل الانتخابي بما يمنع معه وقوع حالات غش أو تزوير . ولعل الأمر الأكثر أسفاً أن عمليات التشكيك هذه تقدم تشكيكات متواصلة ومتعددة ولكنها لا تقدم حلولاً أو بدائلاً فقد ارتضى الجميع بما في ذلك رعاة عملية اتفاق سلام نيفاشا أن تتم الانتخابات في ظل سلطة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وبقية الأحزاب المكونة لحكومة الوحدة الوطنية فلماذا يثور الاتهام الآن حيال هذه الحكومة وأي مصلحة يرجوها السودانيون من إثارة أشكال معقد كهذا والانتخابات على الأبواب ؟