إذا تمكنت أحزاب مؤتمر جوبا ممثلة في الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي وحزب الأمة القومي بزعامة السيد الصادق المهدي والشيوعي وبعض أحزاب اليسار والاتحادي من حسم أمرها، وقررت خوض الانتخابات العامة – راضية أو مكرهة – ترى كيف سيكون الوضع هل هنالك اتفاق على تحالف أم سيترك الأمر لكل حزب ليخوض في الماء الذي يناسبه ويجنبه الغرق؟ حتى الآن لم يبد أن هنالك إمكانية لنشؤ تحالف سياسي بين هذه القوى لتخوض على أساسها الانتخابات فقد استطلعت (سودان سفاري) قادة من الصفوف الأولي في هذه الأحزاب، واعتصموا بالصمت وحين ألححنا عليهم فقد تفاوتت رؤاهم ما بين التحالف التكتيكي، والتنسيق. ويقول احد قيادي الحركة الشعبية الذي التزمنا له بعدم الإشارة إلى اسمه وصفته أنهم في الحركة الشعبية لم يقرروا مطلقاً التحالف مع أي حزب حتى الآن وهنالك اختلاف كبير بين قادة الصف الأول في الحركة على قضية التحالف هذه لأنها بحسب ما قال تعرض حركتهم لخسائر فادحة في حالة الإخفاق! وحين سألناه عن ما إذا كانت حركته ستخوض الانتخابات وتتوقع الإخفاق، قال وعلى نحو قاطع (بالتأكيد) واكتفي بابتسامة حزينة . ومع ذلك سألنا أحد قادة التجمع الوطني عن إمكانية نشوب تحالف بين مكونات جوبا السياسية وما إذا كانت هذه المكونات لديها إستراتيجية جادة لتجاوز تجربة التجمع الوطني السالبة، قال القيادي أن الوقت قد ضاق تماماً على إنشاء تحالف قوى ينازل المؤتمر بقوة بحيث يحقق انتصارات باهرة تستحق العناء! وسألناه عن إمكانية قيام تنسيق بحيث يتم تقديم مرشح أوحد لمجموعة هذه الأحزاب ينافس مرشح المؤتمر الوطني على مستوى الرئاسة، فأجاب: أن هذه هي المعضلة الأساسية لهذه القوى، فهي تخشي من أن تتقدم بمرشح رئاسي من الحركة الشعبية (جنوبي) ترفضه جماهير بقية الأحزاب المتحالفة قبل أن ترفضه بقية جماهير السودان، وفي ذات الوقت تخشي من تقديم مرشح رئاسي من أحزاب الأمة أو الشعبي أو الاتحادي يرفضه الجنوبيون ومنسوبي الحركة الشعبية! وهكذا فإن المعضلة تظل قائمة في فرضية غياب الثقة وصعوبة إيجادها الآن وحساب الربح والخسارة بهذه السرعة. وهكذا فإن من الواضح أن أحزاب جوبا لا تزال في ورطة حقيقية إذا قدر للانتخابات العامة أن تقوم في مواعيدها وأقصى ما يمكن أن تتوصل إليه هذه الأحزاب هو أن تدخل إلى الملعب منفردة بقدر من التنسيق الذي لا يصل إلى مرحلة التحالف، وهي لعبة خطيرة وغير مضمونة لأن الهزيمة واردة وأن حدثت فإن الجميع سوف يدفع ثمناً سياسياً باهظاً، كما ان الحركة الشعبية، وفقاً لتجارب سابقة ولطبيعة موقفها وارتباطاتها بالمؤتمر الوطني كشريك في عملية سلمية لن تلقى بالأً كثيراً لبقية أحزاب جوبا، فهي الآن تلعب بذهنية مختلفة، حيث تجارى احزاب المعارضة مجاراة تكتيكية، ولكنها استراتيجياً تعرف أن عليها ان تتمسك بشريكها، لتضمن على الأقل بقاءها (سالمة) الى حين حلول اجل الاستفتاء في مطلع العام 2011م وما من شيء يضمن لها ذلك اذا هي وضعت كل البيض في سلة القوى المعارضة، وتعرضت لهزيمة سياسية. فيا ترى ماذا ستفعل أحزاب جوبا، ومن بوسعها أن تقدمه كمرشح لها إذا نجحت في إنشاء تحالف فيما بينها؟.