يراقب أهالي جبال النوبة في السودان الاستعدادات لاستفتاء تقرير مصير الجنوب ,وعيونهم علي ما يسمى بالمشورة الشعبية في جنوب كردفان وهي الآلية التي أقرتها اتفاقية السلام 2005ليقولوا رأيهم بتأييد الاتفاقية أو التفاوض مع الحكومة مجددا لتلبية طموحاتهم .ويتخوف بعض أهالي النوبة الذين انخرطوا في صفوف الحركة الشعبية لتحرير السودان إثناء الحرب من عدم تلبية المشورة لطموحاتهم وسط أحاديث عن العودة لحمل السلام وطالب بتقرير المصير علي غرار الجنوب وتجاوز مفهوم والية المشورة .ويري هؤلاء إن اتفاقية السلام خيبت آمالهم ,ويرون أن عشرون عاما مما يسمونه الموت المجاني وما تبعها من دمار للبنية التحتية ,كان عاقبتها مصيرا ًمجهولا. خيارات مطروحة وتتعدد خيارات أبناء جبال النوبة لكنها تنحصر في اتجاهين أساسيين ،ينطلق أولهما من مطالب بحكم ذاتي واسع وتحقيق تنمية حقيقية والحصول علي نسبة من عائدات بترول الإقليم ,إضافة إلي مساع نحو دستور دائم للسودان يضع في اعتباره حجم الإقليم ,مع تمييز ايجابي "بأثر رجعي "باعتبار أن جبال النوبة كما يقولون هي من الأقاليم الأكثر تهميشاً. أما الخيار الثاني فيتحدث عن مطالبة بحق تقرير المصير في حالة الشعور بعدم الجدية في تحقيق تطلعات جبال النوبة عبر آلية المشورة .ويطالب قمر دلمان وهو من أهالي جبال النوبة الذين انخرطوا في صفوف الحركة الشعبية بتصحيح العلاقة بين المركز الهامش ,ويحذر في حديثة للجزيرة نت من أن إغفال مطالب النوبيين قد يفتح الباب لجميع الخيارات بما في ذلك حمل السلاح . ويتوقع دلمان الذي يعمل مستشارا لرئيس الحركة الشعبية بجنوب كردفان أن تصل المشورة بمناطق التماس إلي طريق مسدود ,ويشير إلي غموض آليتها وعدم تحديد جهة التحكيم التي يمكن اللجوء إليها . وفيما يتعلق بالمستقبل يتوقع آخرون إن يكون أهالي تلك المنطقة الحدودية مع ولايات الجنوب من أوائل من يحصلون علي جنسية مزدوجة من حكومة جنوب السودان في حالة الانفصال . كما توجد طالب ومقترحات أخري تتعلق بمشاركة نسبية بالإدارة والسلك الدبلوماسي فضلا عن نسبة من عائدات نفط الجنوب الذي تمر خطوطه بأراضي جبال النوبة .وقد اطلعت الجزيرة نت علي أحوال عدد من أبناء جبال النوبة الذين اضطرتهم ظروف الحرب إلي النزوح والإقامة في معسكرات تفتقر لأبسط مقومات الحياة علي أطراف الخرطوم استغراب حكومي علي الجانب الآخر ,تستغرب قيادات بارزة بحزب المؤتمر الوطني الحاكم إثارة مخاوف جبال النوبة حول المشورة الشعبية ,حيث يقول حاج ماجد مسؤول التعبئة الشعبية بالحزب للجزيرة نت إن المشورة لا تعني آبدا حق تقرير المصير ,مشيرا إلي أن مثيري المخاوف "لا يعبرون عن رأي المواطنين في جنوب كردفان والنيل الأزرق "وأشار حاج ماجد إلي أن الانتخابات المؤجلة في جنوب كردفان ستجري الشهر المقبل علي الأرجح ,وستحدد علي أساسها آليات تقاسيم السلطة والثروة . بدورة قال رئيس الاتحاد العام لقبائل المسيرية محمد خاطر جمعة للجزيرة نت أن الأمور تبدو أكثر استقرارا في جبال النوبة ,ونفي تعرض النوبيين للظلم والتهميش حاليا .وقال أن العلاقة الآن بينهم وبين القبائل العربية خالية من أي مشاكل ,لكنة اقر بوجود توترات في السابق خاصة أثناء الحرب . وفي مواجهة المخاوف المتزايدة من توتر علي الأرض ,يدعو الخبير بالأمم المتحدة في مجال الشؤون الاجتماعية والاقتصادية حامد بشير إلي عقد مؤتمر جامع بين العرب والنوبة ,يكون أساسا للسلام الاجتماعي المستدام والنهضة المنشودة . يأتي ذلك في حين يتوقع أن تلجا قوي دولية لتأجيج الوضع ,وهو ما يعنى أن قضية جبال النوبة ربما تجد دعما دوليا متزايد أكثر من الاستفتاء بالجنوب . لهذا تبقي أبواب جبال النوبة مفتوحة علي توتر محتمل ,سيبكون رهنا بنتيجة الاستفتاء بالجنوب وموقف القوي الإقليمية والدولية ,وهو ما يتوقع أن يكون أكثر وضوحا خلال الشهور القليلة المقبلة . نقلا عن صحيفة التيار بتاريخ 26/10/2010م