من المنتظر أن تلتئم قريباً، ربما في بحر هذا الأسبوع أو الذي يليه مفاوضات الدوحة الخاصة بحل الأزمة في دارفور، وهى المفاوضات التي تترقبها وتنتظرها جهات عديدة محلية وإقليمية ودولية أملاً في وضع حد نهائي لازمة شغلت العالم لسنوات وأظهرت فشلاً دولياً غير مسبوق في معالجة الأزمات، ربما لوجود مصالح لبعض القوى الدولية، أو لعب أصابع خفية هنا أو هناك. على صعيد الحكومة السودانية فإن الجانب الحكومي وفقاً لمصادر دبلوماسية مطلعة في الخرطوم استعد منذ أشهر لهذه المفاوضات ويشير المصدر إلى أن أيلولة ملف دارفور إلى مستشار الرئيس السوداني الدكتور غازي صلاح الدين بخلفيته الفكرية والسياسية ووضوحه، وقدراته كان هو في حد ذاته قطعاً لنصف الطريق إلى الحل، كما أن الموفد الأمريكي الخاص إلى السودان سكوت غرايشن الذي لم يخف إعجابه بطريقة تعامل د. غازي مع الملف ومع الملف الأمريكي السوداني، لم يتواني هو أيضاً في بذل أقصى ما في وسعه لإنجاح المفاوضات واستطاع أن يجري عملية تجميع وتوحيد ناجحة لجزء كبير من حركات دارفور المسلحة، متجاهلاً كل العقبات والمتاريس التي ظل يضعها البعض مثل تحالف إنقاذ دارفور وبعض جماعات الضغط في واشنطن ونيويورك وحتى باريس. وهذا ما يجعلنا نقرر أن التحضير للمفاوضات بهذا الخصوص ابتداء من الجهد الأمريكي والجهد السوداني والجهود القطرية مضافاً إليها الوسيط المشترك جبريل باسولي ومنظمات المجتمع المدني في السودان عامة وفي دارفور على وجه الخصوص، كلها تمضي بسلاسة، وباتجاه إنجاح الجولة التي يعتبرونها الأخيرة في ظل حلول أجل الانتخابات العامة المرتقبة في ابريل 2010م . أما على صعيد الحركات الدارفورية المسلحة فإن الأمر يبدو شائكاً بعض الشئ حيث لا يزال المتمرد عبد الواحد محمد نور، رغم ضعف وزنه السياسي يتعنت ويلقي بالعقبات والشروط ويضع المتاريس أمام المفاوضات وكان أغرب ما في الأمر أن عبد الواحد الذي لم يتمسك بشروطه القديمة التي أثبت من خلالها انه غير جاد، تهرب تهرباً واضحاً من لقاء د. الترابي زعيم المؤتمر الشعبي الذي زار باريس مؤخراً وتعجب د. الترابي نفسه في تصريحات صحفية نقلت عنه من تهرب عبد الواحد من ملاقاته ولم يشأ تفسير الأمر بما يفسره الموقف. ومن جانب آخر فإن زعيم حركة العدل والمساواة الدكتور خليل إبراهيم أبدي هو أيضاً من جانبه عدم تفاؤل بنص تعبيره – من الجولة المقبلة وطالب بحل مشاكل السودان عن طريق التوافق على رئيس جنوبي، كما وصف جهود الوسيط المشترك جبريل باسولي والوساطة القطرية بانها مجرد مجاملة ولا تعمل بجدية! وهكذا فإن الجولة التي أقترب موعدها ويعول عليها الكثيرون من يكتمل نجاح العملية السلمية في السودان تبدو غير واضحة المعالم ولا يعرف ما اذا كانت ستنجح أم لا، ومع ذلك فإن مصادراً دبلوماسية جيدة الاطلاع في العاصمة الأمريكيةواشنطن قالت أن واشنطن حزمت أمرها على حل الأزمة في دارفور بانتهاء هذا العام رغم قصر المدة، وان الرئيس الأمريكي اوباما عازم على هذا الحل بما يتيح الفرصة للسودانيين لإجراء استحقاق انتخابي يضع الأمور في نصابها حتى بحسب هذا الانجاز ضمن انجازات إدارته التي لم تحقق شيئاً حتى الآن من الوعود الكثيرة التي قطعتها على نفسها كما أن الجانب القطري بذل ولا يزال يبذل من جانبه جهوداً سرية حثيثة، اكتفي احد مسئوليه بالتأكيد على توفير عناصر نجاح المفاوضات وهو ما أكدته أيضاً تصريحات للقيادي المعروف بالمؤتمر الشعبي كمال عمر الامين الذي أشاد بجهود الدوحة، ولم يكن الرجل ليشيد بهذه الجهود في ظل العلاقة المعروفة بين حزبه الشعبي وحركة د. خليل لولم يكن الأمر بالفعل يستحق!