عندما انطلقت أنباء عربات اللاندكروزر لمكان ما غرب الفاشر لافتتاح بعض المنشآت الصغيرة التي تبرع بها سيف الإسلام القذافي لمناطق تم الاتفاق عليها قبل عدة أشهر كانت الهواجس تنتاب الجميع الي أين تتجه وقد تم اخطارنا مسبقاً من قبل الأستاذ عثمان يوسف كبر والي ولاية شمال دارفور الذي يصحو مبكراً ليؤم ضيوفه في صلاة الصبح قبل أن يجلس إليهم للاستماع لقضاياهم وسط اقداح الشاي والزلابية والضحكات. قال كبر لتنويرنا كصحفيين حضرنا لمتابعة وعكس فعاليات هذا الحديث الذي كان يفترض أن يخاطبه سيف الإسلام القذافي لولا كان يمكن أن ينقلنا لهذه المواقع التي تقع على بعد ساعة كاملة غرب الفاشر بالعربات اللاندكروزر باستغلال طائرة تهبط بناء في المكان خلال دقائق الا أنه أراد لنا ولضيوفه الليبيين السير على البر طول هذه المسافة التي تتجاوز أكثر من 30 كيلو للتأكد بأنفسهم من حقيقة الاستقرار واستتباب الأمن على طول هذه البقاع وليصافح ابناء (بركة) و (سرفاية) وهو يأتيهم براً من الفاشر لزيارة طمأنتهم وقناعتهم بضرورة التشديد على خيار السلام باعتباره المدخل الحقيقي للتنمية . وبلغت قيمة المشروعات التي افتتحتها مؤسسة القذافي حوالي 8ملايين دولار إلى جانب استلام 40مشروعاً إضافية في قضايا المياه والصحة والتعليم. في الموقع الذي علت فيه هتافات التنمية اشترك الجميع في الاحتفال على ظهور الخيل والجمال التي تتسابق أمام العربات وتحدث حتى قادة الحركات المسلحة الذين جاء بعضهم لتأكيد المشاركة وتوضيح دعمهم لأي خطوة تعزز الاستقرار وتقفل الطريق أمام الحرب في سؤال رأيت أن اطرحه لأحد هؤلاء القادة المدججين بالسلاح عن أسباب مشاركتهم قال ما يهمنا التنمية والخدمات لانها تساعد في نهاية الأمر على رفع المعاناة عن المواطنين. وهذا أمن عليه الأستاذ عثمان كبر والي الولاية في حديثه الملتهب والذي سعي من خلاله لتأكيد عزم الحكومة على تحقيق الاستقرار ودعا في ذات الوقت مؤسسة القذافي لجعل هذه خيارها الأول باعتبار أن موضوع التنمية والخدمات يمثل جوهر الأزمة واحد الأسباب التي قادت في السابق لاندلاع الحرب وعدم الاستقرار مما عمق الأزمة. * 30جولة لم تفض الى نتيجة قبل أبوجا. ويرى الأستاذ كبر الذي كان يوضح جهود الحكومة لإقرار السلام بان الأزمة كان يمكن ان تحل في مهدها اذا كانت الحركات التي حملت السلاح دافعها الأساسي قضية دارفور وقال منذ وقوع الأحداث في 2003م وحتى توقيع ابوجا عقدت الحكومة أكثر من 30 جولة مباحثات مع حملة السلاح واستمرت الأحداث إلى أن وصلت الآن لمحطة الدوحة. ويقول كبر في حديثه للصحفين أن ما يراه بان الأسباب التي لم تساعد للحصول على نتيجة حاسمة ونهائية هو ما أقدمت عليه الحركات المسلحة في بيع قضية دارفور والدليل أن ابوجا تم توقيعها مع 3 حركات الآن زاد العدد لأكثر من 40 حركة في قضية واحدة دون اختلاف او تباين في الرؤى فهل صارت القضية الآن موضوع مطالب مشروعة أم مجرد صراع وبحث عن المناصب على حساب النازحين والضائعين في المعسكرات واختصار الحلول في مجرد تلبية طموحات شخصية؟ ويؤكد أن الحلول مهما كانت النوايا باتت تصطدم باستمرار أساليب شخصنة القضايا وبالاستفادة من الإعلام المضلل والتدخلات الخارجية التي لا تعرف شيئاً عن واقع دارفور. * مناوي في انتظار ماذا؟. ويرجع كبر الذي يتحدث في مساحة واسعة من التحليلات احد عوامل عدم الإنفاذ الكامل لأخر بنود ابوجا لمماطلة مناوي في انتظار ماذا لا يدري أحد. ويري أن اخر محاولة لإدخال قوات مناوي بعد استيفاء كل البنود السابقة من تعيينات ومناصب بما فيها منصب كبير مساعدي رئيس الجمهورية كانت رقم 7التي يأتي فيها وفد الترتيبات الأمنية من الخرطوم لبدء إجراءات الترتيبات ويعود كما جاء بطلبات تأجيل لاحقة لإنفاذ هذا الإجراء الضروري من قبل قوات مناوي فمن المسؤول عن التلكؤ في قضية كان يجب أن تحسم في وقت وجيز؟. ومهما يكن فان حتى أداء السلطة الانتقالية التي كان يفترض أن تقوم بادوار كبيرة في جانب التنمية أقل مما كان متوقعاً واقل ما يوصف به أن أداءها كان ضعيفاً ولا يتناسب مع حجم الأموال التي وضعت لها في الاتفاقية. ويبقي السؤال لماذا الضعف؟ ويري أن هناك اتهامات متبادلة لكن ما أراه أن أسباب الضعف هو نتاج لضعف الكادر الذي يقوم بأداء هذه المهام، حيث أن الاستيعاب في الغالب كان يتم لإفراد مناصرين وليس كفاءات وأصحاب خبرة ولذا كان الصرف كبيراً دون أداء في المقابل. ويري أن التعذر بعدم صرف الأموال التي أقرتها لم يكن في الأساس عدم دفعها وإنما في كيفية التصرف فيها لأن قيادة هذه السلطة تعتقد أن المبالغ نورد لها لتقوم هي بتصريفها في حين ترى الحكومة انها يمكن أن تذهب مباشرة للمشروعات المقترحة وبالتالي فان المبالغ المخصصة في الاتفاقية تم دفعها لكنها لم تذهب مباشرة لايدي أفراد السلطة وذلك لضمان توظيفها على الوجه الصحيح كما أن المانحين بالخارج لم يوفوا بالالتزامات التي سبق أن تحدثوا عنها. ويضيف سببا أخر هو أن الاتفاقية حسب نصوصها أقرت بان يكون ولاة ولايات دارفور رؤساء مناوبين لرئيس السلطة في تسيير العمل لكن ما كان يجري هو مجرد الاكتفاء بحضور دورات انعقاد تنفض دون الدخول في التفاصيل الخاصة بالعمل وهذا أفسح المجال لعدم الإدارة الصحيحة. * الشارع الآن ليس مع الحركات ويري أن أحد المؤشرات بعد 7 سنوات من الحرب أن الحديث عن ووقوف الشارع مع حركات دارفور بأنه اكبر كذبة، وبالعكس فان الجميع بات اليوم أولويتهم كيفية استتباب السلام. *حضور عبد الواحد وخليل للدوحة مثل أداء الفصائل ويري كبر أن السلام يجب أن لا يكون مرهونا بحضور الحركات الرافضة بناء على قراءة الشارع واعتبر أن انتظار حضور عبد الواحد وخليل إبراهيم مثل أداء المؤمن للفصائل مع احترامنا لهم، خليل يراهن على كثرة عرباته العسكرية وعبد الواحد تراجع دوره الميداني ولذلك ليس أمامهم خيار غير العودة للسلام، واري أن المؤسف أن عبد الواحد ظل يتحدث ويتجمد في مربع تجاوزه الناس وتلاشت الآمال التي كان يروج لها وسط المعسكرات في أنه سيأتي على رأس قوات دولية تمسك زمام الأمر وتسلمه التعويضات لتوزيعها وسط النازحين في المعسكرات كلها آمال تبخرت. * رابع المستحيلات. ويقول كبر أن الدوحة ستكون فرصة لإقرار اتفاق يكمل ابوجا لكن من رابع المستحيلات أعادة دارفور لإقليم واحد لان هذا ليس قناعة أهل الولايات الأخرى وإنما حتى بين مواطني الفاشر. ويقول: أن الإقليم الواحد فضلاً عن رفضه تواجهه صعوبات عملية، اما الاستفتاء فانه بند رئيسي وسيتم استفتاء أهل دارفور في ابريل القادم حول إبقاء نظام الولايات وزيادتها أم العودة لصيغة الإقليم لحسم الأمر نهائياً. * المعارضة. ويشهد كبر بالتعاون التشادي ويري أن الحكومة عملت علي ابعاد المعارضة التشادية من جيوبها السابقة أن كانت في شرق كتم أو غرب مليط او جنوب أم برو وأصبح شمال دارفور خالياً من المعارضة التشادية عدا فلول قليلة تم اخذ السلاح منهم وتشجيعهم للعودة كمواطنين. * إلحاق شمال دارفور بالإستراتيجية الشاملة وأثناء تواجد الصحيفة جلست مع فريق من الخبراء من مجلس التخطيط الاستراتيجي بالخرطوم والذي تستضيفهم الفاشر حالياً لإقامة ورش تدريب وتأهيل لمدراء ووكلاء الوزارات في كيفية إعداد الخطط وكتابة التقارير السنوية. وأوضح الفريق عثمان جعفر أمين أمانة شؤون التخطيط الاستراتيجي ل (أخبار اليوم) بان المهمة الحالية تسعي لتدريب الكوادر ومراجعة الأداء ليتسق مع الإستراتيجية الموضوعة. وأكد عبد الله عثمان عبد الله عضو الوفد ومدير الإعلام بالتخطيط الاستراتيجي بان المهمة الحالية نجحت في زيادة عدد الكوادر المؤهلة والتي تتشكل من وكلاء الوزارات في كيفية وضع الخطط وبناء التقارير السنوية لإلحاق شمال دارفور بالخطة الإستراتيجية الشاملة. نقلاً عن صحيفة أخبار اليوم 31/10/2010م