خبر صغير في مبانه لكنه كبير وخطير جداً في معناه تصدر صحف الخرطوم الخميس يقول: إن الفريق سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب صادق بدعم لوجستي وميداني يقدر بحوالي (20) عربة لاندكروزر وكميات من الأسلحة والمواد الغذائية لعبد العزيز الحلو وعدد من حركات دارفور المتمردة.وأشار الخبر – بحسب المركز السوداني - إلى أن الدعم الذي قدمه رئيس حكومة الجنوب ورئيس الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت لحركات دارفور والحلو يجئ بإيعاز تام من قيادات قطاع الشمال بالحركة الشعبية الذي رتب بصورة مكثفة وحشد الرأي الإقليمي لمساندته في إقناع سلفاكير بأهمية دعم الحلو . ودعم الجنوب لحركات دارفور ليس جديداَ لكن الجديد هذه المرة هو أن الدعم أتى من دولة قامت حديثاً أي أنها تدعم معارضة مسلحة لدولة جارة تربطها علاقات إستراتيجية معها، ودعم قادة الجنوب للحركات المتمردة المسلحة لا زال مستمراَ ولكن هل ستتحمل الدولة الوليدة تبعات ذاك الدعم بكل مكوناته ؟... وفي أواخر الشهر المنصرم طالب والي جنوب دارفور دكتور عبد الحميد موسى كاشا دولة الجنوب الوليدة بالكف عن دعم ووجود حركات دارفور بالجنوب مضيفاً أن اتفاقية سلام دارفور التي وقعت في الدوحة مؤخراً تأتي دعماً لمجهودات السلام الذي انتظمت دارفور.ورهن د.كاشا خلال مخاطبته حفل تدشين عددٍ من المشروعات الخدمية بمحلية بحر العرب إقامة علاقات جوار حسنة بين ولايته والدولة الوليدة في الجنوب بالكف عن دعم الحركات الدارفورية.وقال كاشا إن ولايته ماضية في تقديم الخدمات للمواطنين بجانب حرصها على استمرار الاستقرار والأمن اللذين انتظما دارفور، مشيراً إلى أن الولاية ليست حريصة على فتح جبهة حرب جديدة مع دولة الجنوب، وأكد أن جنوب دارفور لن تسمح باستمرار وجود حركات دارفور بدولة جنوب السودان. وفي أبريل الماضي قدمت حكومة الجنوب دعماً عسكرياً للحركات المسلحة بدارفور تمثل في عددٍ من الدبابات وعربات اللاندكروزر بجانب كميات كبيرة من الذخائر والوقود من معسكر فابيل ببحر الغزال وتم تسليم الدعم بواسطة قائد الفرقة الثالثة للجيش الشعبي التي تتولى التنسيق لإمداد حركات التمرد.وكان وفداً من القيادات العسكرية للحركات المسلحة الدارفورية ضم ممثلين لحركات العدل والمساواة وتحرير السودان جناح مناوي وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد قام بزيارات ميدانية للمعسكرات الموجودة في كل من راجا والتونج في إطار التنسيق العسكري مع الجيش الشعبي للقيام بأعمال عدائية بدارفور. وفي أبريل نفسه تقدمت حكومة الخرطوم بشكوى رسمية إلى مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للسودان برنستون ليمان بوجود عمليات دعم ومساندة من قبل الحركة الشعبية للحركات المتمردة بدارفور وتدريب منسوبيها بمعسكرات الحركة الشعبية بالجنوب فيما نأت الحكومة، طبقاً لوزير الخارجية علي كرتي، بنفسها عن ما يدور بالجنوب من هجمات وانفلات أمني ودعم للمليشيات المتمردة ضد حكومة الجنوب،وفي وقت سابق، شهدت مدينة جوبا عاصمة الجنوب تواجداً مكثفاً لقادة حركات دارفور حيث تواجد بها عدد من قادة حركة العدل والمساواة بقيادة أحمد بخيت بجانب مني أركو مناوي كبير مساعدي رئيس الجمهورية ورئيس السلطة الانتقالية لدارفور، المقال وزعيم حركة تحرير السودان التي وقعت مع الحكومة اتفاق "ابوجا" قبل نحو خمسة أعوام، كما يتواجد بجوبا أيضاً المهندس أبو القاسم إمام وهو كذلك أحد قادة حركة تحرير السودان الذين وقعوا اتفاق سلام مع الحكومة وعين حينها والياً على غرب دارفور لكنه ذهب مؤخراً إلى جوبا مغاضباً رغم تعيينه وزير دولة بوزارة الشباب والرياضة. لكن ما أسباب هذا الدعم؟ ولماذا تصر جوبا على الدعم المتواصل لتلك الحركات ؟ وما مغذى تواجد قادة تلك الحركات في الجنوب ؟ هذه الأسئلة ومعها أسئلة أخرى توجهت بها لمحللين وأكاديميين ، فأجاب بعضهم وأعرض الآخر .. يقول البروفيسور الطيب زين العابدين المحلل السياسي والأستاذ الجامعي في حديثه ل(الرائد): إن الحركات الدارفورية المسلحة التي تشكل حضوراً بعاصمة الجنوب، جوبا، هي حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي الذي توصل لاتفاق مع الحكومة في أبوجا جاء به مساعداً لرئيس الجمهورية ورئيسا للسلطة الإقليمية لدارفور إلا أن الاتفاق بحسب زين العابدين شابته بعض النواقص واعترضته جملة عقبات فلم يصمد ما دفع مناوي للخروج على إثر ذلك غاضباً من الحكومة لأنها لم تنفذ الاتفاق وفق ما جاءت بنوده حيث إنها لم تعيده إلى منصبه في القصر الرئاسي كبيراً لمساعدي الرئيس ورئيسا للسلطة الانتقالية لدارفور فكان أن اتجه صوب جوبا في محاولة منه للضغط السياسي على حكومة الخرطوم حتى تستجيب لمطالبه ورأى زين العابدين أن مناوي سيحاول القيام ببعض العمليات العسكرية على الحكومة انطلاقاً من الجنوب بدارفور في حال فشل ذلك الضغط السياسي. أما عن مغزى تواجد قيادات من حركة العدل والمساواة بالجنوب فيقول زين العابدين: إن حركة العدل والمساواة لجأت إلى جنوب السودان بعدما فقدت الملجأ والدولة الداعمة (تشاد) فأصبحت مكشوفة الظهر للقوات المسلحة، لكن لا يقصر البروفيسور الطيب، في تلك المسببات فقط، بل يرى أمراً آخر هو أن حكومة جنوب السودان بدورها لها أهداف من وراء احتضانها لتلك الحركات وقياداتها، وفصل ذلك بقوله ل"الرائد": إن حكومة الجنوب هي نفسها تقف في مرحلة مساومة مع الحكومة السودانية حول بعض القضايا المتبقية كملف منطقة أبيي والنفط وترسيم الحدود بين الشمال والجنوب بجانب كيفية إعادة تقسيم حصة السودان من مياه النيل بين الشمال والجنوب بعد الانفصال. وأعتبر زين العابدين استخدام جوبا لحركات دارفور ككروت ضغط سياسي على الخرطوم لتسوية ملفاتها العالقة معه، خطأ كبير سيلقي بظلاله السالبة على مستقبل العلاقة بينهما مضيفاً بأن ذلك سيجبر السودان على التعامل بالمثل . أما أستاذ العلوم السياسية والدراسات الإستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري، الدكتور آدم محمد أحمد، فقد أشار في حديثه للرائد إلى أن حركات دارفور بدأت سياسية لكنها سرعان ما حملت السلاح معتبراً أن التمرد بدارفور بدأ منذ الحملة التي قادها بولاد واستمرت بحركة تحرير السودان وهي الحركة الأساسية التي نشأت تحت أحضان الحركة الشعبية، ولفت الدكتور محمد أحمد إلى أن الحركة الشعبية استخدمت حركات دارفور للضغط على حكومة الخرطوم لتنفيذ اتفاقية السلام الشامل، مؤكداً أن الأثر الأكثر لانفصال جنوب السودان على حركات دارفور، يبين من العدد الكبير من الأسلحة التي تصل إلى هذه الحركات من الجنوب في الفترة الأخيرة، مما أسهم في اتساع دائرة المعارك العسكرية بين الحركات والحكومة، و لم يستبعد آدم أن يوفر الجنوب مستقراً آمنا لهذه الحركات، وتوفير مزيد من الدعم. من جهته قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين أنه كان قد توقع سابقاَ أن تعمل دولة الجنوبالجديدة على استضافة ودعم متمردي دارفور، مشيراً في حديثه للرائد إلى وجود جهات تقود هذا الخط حسب قوله.واتهم في هذا السياق مجموعات ضغط يهودية والأعضاء السود في الكونغرس الأميركي باستهداف الشمال العربي المسلم، مؤكداً أن اعتراف رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد نور للقادة الجنوبيين بعلاقاته بإسرائيل, "ربما ساعد في فتح الجنوب لحركات التمرد بدارفور".وأكد الأمين أن التوافق في الرؤى بين المتمردين السابقين "والمتمردين الجدد" سيجعل بعضهم يساند بعضا "لاعتقادهم أنهم حركات تحرر وطني". نقلا عن صحيفة الرائد بتاريخ :7/8/2011