يعتبر يوم 14 من شهر يناير 2011 يوماً تاريخياً و استثنائياً لمصير السودان باعتبار أنه من المتوقع ان يكون يوما لإعلان نتيجة الاستفتاء القادم – إما ان تكون وحدة او انفصال – وتمثل النتيجة أياً كانت تحدياً بالنسبة لشعب السودان ، وعليه من الضروري ان يسعي الجميع الى السلم و الابتعاد عن المواجهات و الملاسنات بين الأطراف ، فضلاً على ان تكون عملية الاستفتاء شفافة و حرة ونزيهة. بعيداً عن الاملاءات و الإقرارات ..و فى ضوء ذلك أقامت الأمانة السياسية للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم ندوة سياسية كبري عن (المسئولية السياسية.. محطات قطار الوحدة و الانفصال) بقاعة الصداقة بالخرطوم ، والتى شهدت جدالاً واسعاً عن مصير البلاد و اتهامات مبطنة بين الشريكين و عدد من المشاركين فى تلك الندوة ، بجانب تأكيد المتحدثين على ضرورة قيام الاستفتاء فى موعده ، شريطة ان يكون الاستفتاء حراً و نزيهاً و شفافاً ، وأن تكون النتيجة باختيار شعب الجنوب حتى يكون يكون مقبولاً و معترفاً به من كل الأطراف . وقال اللواء حسب الله عمر الأمين – نائب أمين العلاقات السياسية بالمؤتمر الوطني : ان مطلب الجنوبيين منذ 1954 وحتى اليوم هو الحكم الفدرالي ولكن الذى يطغي الآن الانفصال و هو مطلب الحركة الشعبية و ليس الجنوبيين ، وأكد ان الحركة اختطفت قضية الجنوبيين و مطالبهم الحقيقية وصادرتها و وضعتها فى الجيب الخلفي ثم زورتها ، وقال انها لا تعير شعب الجنوب اى اهتمام ولا مسئولية . وأضاف حسب الله ان الحركة الآن لا تستطيع ان تبدل ما شحنت وعبأت به الإنسان فى الجنوب ، و قال انها شحنتهم بمفاهيم (الاستعباد و العبودية و الاستغلال و الكراهية و الكرامة) وشن حسب الله هجوماً لاذعاً على الحركة و قياداتها وقال انها فى فترة الممارسة السياسية فى الجنوب أفسدت المناخ السياسي وملأته بكثير من الضجيج و الغوغائية ،و أشار الى أنها غير منضبطة فى ممارساتها وتصرفاتها التى كانت خصماً على الساحة السياسية فى ال5 سنوات الماضية ، وأكد عمر ان المؤتمر الوطني نجح فى ان يجعل الوحدة جاذبة للجنوبيين، ولكنه فشل فى ان يجعلها جاذبة للحركة ،و أضاف لأنها تقول إن حدثت الوحدة فان ما تتمتع به الآن سوف تفقده ..و قال ان مصدر قلقنا ان الجنوب على قيادته الحركة وهى غير مؤتمنة على حاضرهم ومستقبلهم ،و أوضح حسب الله ان اكبر خطأ وقعت فيه الحركة أنها كانت تعتقد ان اتفاقية السلام الشمال تسوية سياسية بين قوي سياسية ، ولكن الحركة ركلتها خلفها و قامت باستخراج الكرت الآخر( بتاع السودان الجديد) و تابع.. وهذه هى المشكلة كلها..و وصف الحركة بالضعف فى الإدارة السياسية مشيراً الى أنها أغفلت الجنوبيين وأصبحت تري من على وراء الحدود. و فى السياق قال جورج مكواج – القيادي بالحركة الشعبية: ان شعب الجنوب لم يتحدث عن الانفصال و أضاف انه منذ 1947 فى مؤتمر جوبا كان مطلبهم هو الحكم الفدرالي فى السودان إلاّ ان السلطات الحاكمة فى المركز مع المستعمر رفضت ذلك الطلب للجنوبيين و أوضح مكواج ان هذا الطلب تم رفضه من قبل السلطة الحاكمة فى الشمال ، سواء كانت فى عهد المستعمر أو قبله، و كان ذلك فى الأعوام 65 – 72 – 85 حتى 1976 و تم رفض هذا الطلب (الحكم الفدرالي) حتى جاءت اتفاقية نيفاشا التى أعطت الحق للجنوبيين بأن يختاروا ويقرروا مصيرهم ، وأكد مكواج ان كل المؤشرات التى أمامنا تعزز ان شعب الجنوب سيختار الانفصال ، مشيراً الى انه اصبح مطلب شعب الجنوب و ليس الحركة.. و أكد مكواج ان الوحدة التى يريدونها هى التى تكون على أسس جديدة.. فيها المسلم يذهب للمسجد و المسيحي الى الكنيسة. وقال د. محمد مندور المهدي – نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم : ان المسئولية التاريخية التى ينبغي الوقوف و المحافظة عليها هى استدامة السلام بين الشمال و الجنوب ،و أضاف ان مسئوليتنا لم تكتمل إلاّ بضمان ان هناك ممارسة لحق تقرير المصير برشد و شفافية ونزاهة و أمانة ، و زاد أذا لم يتم ذلك يؤكد أننا لم نمارس المسئولية التاريخية بطريقتها الصحيحة، ولضمان أن كل القضايا التي يجب أن تعود بنا إلى الحرب قد حلت تماماً، واتهم مندور الحركة الشعبية وقال أنها تريد أن تعود بنا إلى مربع الحرب، مشيراً إلى أنها ترفض حل كافة القضايا التي تبعد الحرب، مستدلاً بقضية ترسيم الحدود، فضلاً عن قضية أبيي التي تصر الحركة وتلوح بأن ليس للمسيرية حق في التصويت، وقال أن هذه القضية اذا لم تحل في نهاية الأمر يمكن ان تعود بنا إلى الحرب مرة أخرى، وأكد مندور المهدي أن المسؤولية التاريخية لن تعطي القوى السياسية حق أن تقف متفرجة.. وتساءل مندور ما هو دور الأحزاب السياسية في الوحدة الآن وأشار إلى أنها تقف متفرجة في هذه القضية الوطنية كأنما تنتظر أن ينفصل الجنوب لتحمله على المؤتمر الوطني، وانتقد هذا المسلك من قبل القوى السياسية، وقال هذا سلوك سياسي غير رشيد وغير مسؤول. ورسم مندور صورة سيئة للأحزاب بعد عملية الانفصال، وأضاف أنها سوف تتلاشي وتنتهي، مشيراً إلى أنها لم تعمل يوماً قط للوحدة بين الشمال والسوداني وجنوبه، وأبان مندور أنهم لديهم حملة كبيرة من اجل الوحدة في البلاد، وقال أن المسؤولية السياسية تحتم علينا أن لا نستسلم بأن الجنوب قد أنفصل. ومن جهته دعا البروفيسور الطيب حاج عطية – الباحث الأكاديمي إلى ضرورة قيام منبر للحوار القومي تشارك فيه كل القوى السياسية السودانية ورفع شعار واحد وهام جداً هو ((السلمية)) بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء لابد أن يكون هناك سلام بين الشمال والجنوب، وأكد عطية أن الاستفتاء هو مسؤولية الجميع، وقال نحن نتحدث عن مسؤولية أضاعتها الحركة والوطني والأحزاب السياسية ((6)) سنوات هباءاً، ولم تفعل فيها شيئاً، وذلك بالرغم من قبولنا بحق تقرير المصير، وحذر عطية من قيام عنف بين الحركة والوطني بسبب ما أشماه بأن هنان بؤور عنف متمثلة في ((8)) بؤور منها قضية أبيي، وقال الآن أحد الشريكين يستخدم أبيي لتعكير صفو الطرف الأخر، مشدداً على ضرورة حلها بجانب حل جميع القضايا العالقة التي تؤدي الى نزاع وعنف بين الشمال والجنوب. * من جهته دعا حسن عبد القادر هلال – القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي(( الأصل)) إلى ضرورة قيام مؤتمر اقتصادي قومي للحديث عن تكامل اقتصادي بين الشمال والجنوب، وطالب هلال بالنمو المتوازن والعيش المشترك، مؤكداً دعم ووقوف الحزب الاتحادي الأصل مع وحدة السودان، مشيراً إلى أن الانفصال غير موجود في مفرداتهم ولا لوائحهم . وطالب د. أنيقو اكوك الشريكين ((الوطني – الحركة)) بضرورة تعزيز الحوار بينهم حتى أنها اتفاقية السلام الشامل بشكل سلمي، دون أي حروب أو نزاعات، مشدداً على ضرورة لغة الحوار وإتباع ثقافة السلام، وأضاف لأننا نحتاج للغة الحوار المستمرة. وكان قد تحدث في الندوة كل من الأستاذ حسين خوجلي رئيس تحرير جريدة ألوان واللواء الهادي بشرى فضلاً عن مشاركة ومداخلة إدريس البناء. نقلا عن آخر لحظة13/1/11/2010