غرب كردفان تبحث جهود تحرير الولاية ودحر المليشيا المتمردة    وزير الداخلية يترأس لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    (خطاب العدوان والتكامل الوظيفي للنفي والإثبات)!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    مشاهد من لقاء رئيس مجلس السيادة القائد العام ورئيس هيئة الأركان    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي: أأسف لاحتمال تقسيم السودان
نشر في سودان سفاري يوم 24 - 11 - 2010

أكد يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنه ما كان يتمنى لجماعة 'الإخوان المسلمين' المحظورة في مصر المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة في وقت لاحق من الشهر الجاري. وقال القرضاوي في رده على أسئلة أرسلتها له وكالة الأنباء الألمانية 'د.ب.أ' عبر البريد الإلكتروني 'كنت أود للإخوان ألا يشاركوا في هذه الدورة من الانتخابات التشريعية، وأن يقاطعوها كما قاطعتها قوى وطنية أخرى إذ أن الظاهر من كل ما تقوم به الدولة من مواقف وإجراءات أنها مصممة على ألا تسمح لأي قوة سياسية في البلد بأن تأخذ إلا الفتات'.
ولكنه استطرد بالتأكيد على أنه لا يحجر 'على الإخوان أن يجتهدوا لأنفسهم في ضوء رؤاهم وأهدافهم المرحلية، ولعلهم ينتهزون فرصة الانتخابات ليتصلوا بجماهير الشعب الذين لا تمكنهم الدولة من اتصالهم بهم بسهولة'.
ولفت إلى أنه على الرغم من أن الإخوان كانت لهم 'أقلية كبيرة' في المجلس النيابي الماضي 'ولكن لم تمكنهم أغلبية الحزب الوطني من إنجاز أمر ذي بال'. وحث القرضاوي من له حق التصويت على أن 'يختار النائب الذي يراه أصلح النواب لدينه ودنياه'، كما شدد على ضرورة وجوب الذهاب للتصويت.
قوافل غزة ومصر
وفيما يتعلق بعزم اتحاد علماء المسلمين تسيير قوافل لغزة وإمكانية أن يكون هو شخصيا على رأس أي منها، كشف القرضاوي أن أصدقاء له أبلغوه بأن رجال أمن في مصر قالوا لهم بصراحة 'قل للشيخ يوسف لا يخرج، ولا ضرورة لخروجه في القافلة، لأنه سيضطرنا إلى أن نمنعها! ربما كان هناك احتمال بمرورها إذا لم يكن على رأسها'.
وأضاف 'والحقيقة أن في نفسي شيئا من خروجي على رأس قافلة، أخشى أن يكون فيها شيء لغير الله، فلا أكسب أجرا .. والمهم هو وصول قوافل المساعدات إلى أهل غزة المحاصرين المظلومين'.
مسيحيو العراق واقباط مصر
وفيما يتعلق بالاعتداءات المتكررة على مسيحيي العراق، قال الفقيه الإسلامي 'لقد أصدرنا باسم /الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين/ بيانا نستنكر فيه هذه الاعتداءات المتكررة على المسيحيين في العراق، وعلى الكنائس المسيحية، فهذا ما يحرمه الإسلام تحريما باتا، فقد أكد الإسلام كل التأكيد على حِرمة الدماء، وقرر القرآن مع كتب السماء (أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأراض فكأنما قتل الناس جميعا)'.
وشدد على أنه 'حتى لو كان هناك مسلمات مأسورات في الأديرة المصرية، فلا يجوز معاقبة الكنيسة العراقية عما تفعله الكنيسة المصرية /ولا تزر وازرة وزر أخرى/'.
ورأى أن 'موضوع الأسيرات المسلمات في الأديرة، هو حقيقة واقعة، أكدتها المصادر الموثقة، على الأقل بالنسبة لوفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة وماري عبد الله'، ولكنه شدد أيضا على أن هذا 'لا يبرر الاعتداء على الكنائس، وهو موضوع مصري بحت، يجب على السلطة المصرية أن تحله بحكمة وحزم، ولا يجوز أن تكون الأديرة كيانات لها سلطان فوق سلطان الدولة، فمن شأن هذا الوضع أن يثير الفتنة، ويمسي حجة في أيدي الغلاة'.
وفند القرضاوي الدعوى التي تقول إن الأقباط في مصر مضيق عليهم، وقال 'لا شك أنها دعوى غير صحيحة، والمسلمون في مصر يتمنون أن يفسح لهم في أنشطتهم الدينية مثلما يفسح للأقباط، أنا منزلي في مدينة نصر (بالقاهرة) مطل على كنيسة من أكبر الكنائس، رغم أن معظم السكان حولها مسلمون. وهي تقوم بأنشطة من الصباح الباكر حتى منتصف الليل، وتملك أتوبيسات تنقل الناس من بيوتهم إلى الكنيسة، ومنها إلى أماكن أخرى، وعندهم أنشطة دينية وثقافية وفنية ورياضية واجتماعية، والمسلمون مفروض عليهم أن يغلقوا المسجد بعد الصلاة مباشرة' .
وأضاف 'عدد الكنائس في كثير من الأماكن أكثر نسبيا من عدد المساجد، رغم أن المسلمين يحتاجون إلى المسجد في اليوم خمس مرات، والكنيسة لا يِحتاج إليها إلا في الأسبوع مرة واحدة. وقد أفتيتِ في مناسبات شتى: أن من حق الأقلية المسيحية أن يبنوا كنائس لهم بقدر حاجتهم إليها، وبقدر أعدادهم، ولا يجوز التضييق عليهم في ذلك، كما لا يجوز المبالغة في بناء الكنائس والظهور بمظهر التحدي للأكثرية المسلمة'.
المساجد في الغرب والجهاد ومفهوم'الارهاب' والمقاومة
وفي المقابل، رأى القرضاوي أن مطالب المسلمين بإقامة مساجد لهم في الغرب عادلة، 'فهي بناء على أنهم مواطنون أو مقيمون إقامة شرعية قانونية، وأن المساجد ضرورة في حياتهم، وأن القوانين المحلية والدولية تجيز لهم ذلك. ومع ذلك فهم يشكون من التضييق عليهم في حريتهم الدينية'.
وشدد على أن ما يسمى ب'العنف' أو 'الإرهاب' 'لا يكفي أن يجابه بسلاح الأمن وحده، أو بالقوة العسكرية وحدها. فقد تكون القوة ضرورية لازمة، لمقاومة الضربات التي توجهها هذه الجماعات للمجتمع المدني ومؤسساته، ولكن على المدى الطويل ومن أجل الوقاية والتحصين فلا بد من وسائل أخرى هي في حقيقتها وسائل فكرية وعلمية ودعوية، فالفكر لا يقاوم إلا بالفكر، والذين يعتقدون أن القوة وحدها هي الوسيلة الوحيدة الناجحة، مخطئون في تصورهم'.
وأضاف أن 'الحل النافع هو الحوار العلمي الهادئ مع هؤلاء، حتى يقتنعوا بخطئهم، ويغيِروا ما بأنفسهم، كما فعلت الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد في مصر، الذين أصدروا عددا من الكتب سموها (المراجعات)، وهذا هو الطريق'.
وردا على سؤال حول تأييد البعض المطلق لتنظيم القاعدة حتى ولو كان المسلمون أول ضحايا عملياته، جدد القرضاوي رفضه للغلو الديني تماما مثل الغلو اللاديني منطلقا من أن أصل الدين يقوم على الوسطية والاعتدال، ولفت إلى أنه ضد ظاهرة 'التوسع في التكفير' أو 'الغلو في التكفير'، 'فيخرج كل واحد مَن يخالفه في فَهمه للدين من الإسلام، ثم يستحل بذلك دمه وماله!!'.
وأضاف 'لقد قاومت (الغلو النظري) الذي تمثل في (كتابات المتطرفين) ومحاضراتهم وخطبهم، ثم قاومت (الغلو العملي)، الذي تمثل في (جماعات العنف)، وناقشت فقههم الذي استندوا إليه وفندته ابتداء بجماعات الجهاد والجماعة الإسلامية، وانتهاء بتنظيم القاعدة، وما يلحق به من (السلفية الجهادية) وأمثالها'.
واستطرد 'لكن يجب أن نعترف إذا كنا موضوعيين أن الغرب بمظالمه للمسلمين وجوره على حقوقهم، ووقوفه دائما مع عدوهم الذي اغتصب أرضهم أرض فلسطين وإهدار حرماتهم، وناصر حصارهم وتجويعهم، بمواقفه اللاأخلاقية، هو الذي أتاح لجماعات العنف أن يشتد ساعدها وإن كانت معارَضة من جمهرة الأمة الإسلامية وجمهرة علمائها'.
وحول السبب في عدم اتفاق علماء المسلمين على تعريف محدد يفرق بين المقاومة والارهاب، قال 'لا يكفي أن أحدد أنا أو يحدد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مفهوم الإرهاب الممنوع، والفرق بينه وبين الجهاد المشروع، وإنما أهم من ذلك أن تحدد الجهة العالمية التي تدعي أنها تقاوم الإرهاب معنى الإرهاب، ولا تدعه مفهوما هلاميا ورجراجًا، يتسع لمختلف التفسيرات والتأويلات'.
وأوضح أنه يعني بهذا 'أمريكا، التي تحرص على أن يبقى مفهوم الإرهاب غير محدد، لتِدخل فيه كل ما تشاء إدخاله، من كل مَن يخالف سياستها، أو يعارض مظالمها، أو ينتقد مواقفها المتحيزة، ذات المعايير المزدوجة، التي تتيح لإسرائيل ما تحرمه على غيرها، وتمنحها من المزايا ما لا تمنحه لغيرها'. وشدد على أن 'من حق كل شعب احتلت أرضه، أو انتهكت حرماته، أو دنست مقدساته، أو اعتدي عليه بغير حق أن يدافع عن نفسه بكل ما يستطيع من قوة ضد مَن اعتدى عليه، ومَن يسانده ويعاضده ويمده بكل أسباب القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية، ولكنه في دفاعه ليس مطلق السراح يفعل ما يشاء، بل مقيد بقانون أخلاقي ملزم له في السلم والحرب'.
وأوضح أن 'الحرب في الإسلام، تحكمها قِيَم أخلاقية صارمة فلا يِقتل إلا مَن يِقاتل ولا تقتل امرأة ولا وليد ولا يِقطع شجر ولا يِهدم بناء ولا يخرب عامر ولا يِمثل بمقتول، ولا تجوز الخيانة ولا الغدر، ولا ما فيه فساد في الأرض، إلا ما اقتضته الضرورات الحربية التي تقدر بقدرها'.
وفيما يتعلق بعشوائية الدعوة للجهاد، قال 'بينت في كتاباتي أن الجهاد إنما شرعه الإسلام للدفاع عن الأمة ودينها وحريتها وحرماتها، ولم يشرع ليقاتل مسالما قط، وأن النبي لم يقاتل إلا مَن قاتله، ولم يقاتل أبدا مَن سالمه' وأن القرآن بين أن المسلمين لا يخوضون الحرب إلا مضطرين 'كتب عليكم القتال وهو كره لكم'.
وأوضح أن الدعوة للجهاد 'هي شأن الإمام، أي ولي الأمر الشرعي الذي بايعته الأمة، وليس من شأن كل أحد أن يدعو إلى إعلان الحرب والقتال .. والغرب يظلم نفسه ويظلم الإسلام حين بات لا يرى من الإسلام دين التسامح إلا ذلك النفر القليل من المسلمين الذين ينحرون الرهائن، وهم يهتفون: الله أكبر!! فهؤلاء جهلة أكبر الجهل بالإسلام يسيئون إليه وإلى تعاليمه من حيث يظنون أنهم يحسنون .. وكل دين فيه هؤلاء المتطرفون والإرهابيون، وقد رأينا الإرهاب في أمريكا نفسها، وفي إسرائيل وفي الهند وفي إنجلترا، وفي غيرها، ولم تتهم ديانات هذه البلاد، فلماذا يِتهم الإسلام وحده بأنه دين الإرهاب؟!'.
التلاسن الشيعي السني
وتعليقا على دخول التلاسن الشيعي السني مرحلة أكثر خطورة بعد قيام الناشط الشيعى ياسر الحبيب بسب السيدة عائشة، أكد القرضاوي أن 'أهل السنة هم الذين بدأوا التقريب .. ولكن كان هناك أشياء تشوب التقريب، معظمها يجيء من قِبَل الشيعة'.
وأوضح أن من ذلك 'الموقف من القرآن: حيث يشيع في التراث الشيعي الكلام عن أن القرآن ناقص، وألف في ذلك بعضهم كتابا مشهورا. وإن كان الثقات من علمائهم ينكرون ذلك، ويقولون: هذا كلام الإخباريين، لا كلام الأصوليين. وإن كانوا لا يكفرون مَن يقول بذلك كما يفعل أهل السنة. ويكفينا نحن المعتدلين من أهل السنة: أننا لم نَرَ عندهم مصحفًا غير مصحفنا، فهو الذي يطبعونه في مطابعهم، ويوزعونه على العالم، ويحفظونه لأبنائهم، ويذيعونه في إذاعاتهم وتلفازاتهم، ومنه يستمدون الأحكام في العقائد وفي الفقه، وبه يستدلون'. ومن بين تلك الأشياء أيضا 'الموقف من السنة: فالسنة عندهم لا تقتصر على سنة محمد صلى الله عليه وسلم، بل سنة المعصومين جميعا، فيدخل فيها سنة الأئمة الاثني عشر، ويشترطون أن تصل إليهم عن طريق رجالهم، فهم يرفضون كل كتب السنة، التي صنفها الجهابذة الحفاظ العدول المتقنون، حتى الصحيحان البخاري ومسلم'.
ومن بينها أيضا 'الموقف من الصحابة وأمهات المؤمنين: وخصوصا السابقين الأولين مثل أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعائشة، وهذا خلاف جوهري، وهو أخطر خلاف، وعليه يشب الصغير ويهرَم الكبير، ولا يزال يثور بين الحين والآخر، يقوده المتعصبون، ولا يبالون حين يشعلون ناره مَن تحرق ومن تصيب'. كما أن من بينها 'قصة نشر المذهب في بلاد المذهب الآخر: وهي التي أثرتها منذ سنتين في القاهرة، فأثارت ضجة كبرى عند الشيعة، فقد لمست وترا حساسا لديهم، وقد حذرت من خطر هذا الغزو الجديد الذي يدخل على المجتمعات السنية الموحدة المستقرة، فتقسمها وخصوصا أن علماء السنة لا يحصنون الجماهير ضد هذا الغزو، ويبتعدون عن ذكر الخلافات، حفاظا على وحدة الأمة، وبعدا عن إثارة الفتن، لكن الشيعة لديهم رجال مدربون على الدعوة إلى المذهب، مدعومون بالمال والتأييد من دولة غنية ذات رسالة'.
وأضاف 'من هنا كان تحذيري للشيعة من هذه اللعبة الخطرة والمصارحة في هذه الأمور أنفع من المداراة وخصوصا على مذهب أهل السنة الذي ينكر التقية في التعامل مع المسلمين بعضهم وبعض، على أنها لا تجوز حتى مع الكفار إلا استثناء ومن باب الضرورة'. ومع هذا، أكد على أن الجميع بالمنطقة 'مع إيران إذا اعتدى عليها معتد، ونؤيد حقها في امتلاك الطاقة النووية السلمية، وندعوها إلى الالتحام بمحيطها العربي والإسلامي والتعاون مع جيرانها. وقد أعلنت ذلك مرارا'.
وردا على تساؤل حول إمكانية أن يؤدي الخلاف المذهبي بالمسلم لتكفير أخيه المسلم، قال ' الخلاف المذهبي نوعان بناء على تفسير كلمة مذهب : فهناك المذهب الفقهي، وهو ما يتعلق بفروع الشريعة وأحكامها العملية. وهناك المذهب الاعتقادي وهو ما يتعلق بالعقيدة وأصول الدين'.
وأوضح أن 'الخلاف في الأول سهل، لا يترتب عليه تكفير، ولا إخراج من الملة. أما الخلاف في المذهب الاعتقادي، فهو الذي يمثل الخطر لأنه يتعلق بالأصول لا بالفروع، وبالعقائد لا بالأعمال، وهو الذي يمكن أن يكون فيه التكفير'.
وأشار إلى أن 'جمهور أهل السنة لا يكفرون الشيعة، إلا الغلاة منهم، وبعض السلفيين يكفرونهم لقولهم في القرآن، أو قولهم بأن كل الصحابة ارتدوا ونافقوا، أو اتهامهم عائشة بما برأها الله منه، فمثل هذا لا يِشَك في كفره؛ لأنه مكذب بصريح القرآن .. ولكن الشيعة أكثر توسعا في التكفير لأهل السنة؛ بناء على ما أصلوه من معتقدات يعتبرون بها غيرهم كفارا'.
وأكد القرضاوى أن مدحه لدور تركيا في نصرة القضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية، لم يكن من فراغ ولكنه كان مؤسسا على مواقف عملية قامت بها تركيا ولمسها الناس كافة. وأوضح القرضاوي أنه 'من حق المحسن أن نقول له أحسنت وخصوصا إذا كان هذا الموقف قد يحمله أعباء ويعرضه لأخطار'.
الدور التركي والعروبة
وردا على تساؤل حول تقييمه للانتقادات الموجهة للدور التركي بالمنطقة وموقفها من قضية الأكراد، قال 'التيار الرافض للدور التركي في اعتقادي تيار ضيق الأفق، والبعض قد أعماه التعصب العروبي عن رؤية الحقيقة. والواقع أن مبدئي أن نرحب بكل عربي غير مسلم كما نرحب بكل مسلم غير عربي . وأما قضية الأكراد فهي قضية قديمة ورثها حزب العدالة وحكومته وأحسب أنه قد مشى خطوات إلى الأمام في حلها والاقتراب من الأكراد وحل مشكلاتهم أكثر من أي حكومة أخرى'.
وفيما يتعلق بمقترح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بإنشاء رابطة لدول الجوار تضم تركيا وإيران وذلك رغم وجود تخوفات من جانب البعض في المنطقة من النوازع التوسعية المذهبية والسياسية لإيران قال القرضاوي ان 'البلدان الثلاثة الكبيرة : مصر وتركيا وإيران متقاربة في عدد السكان وفي مستوى التقدم وفي أهميتها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، ومن الأولى أن يكون بينها نوع من الارتباط الإقليمي، تتعاون فيه فيما هو مشترك وهام بين الدول الثلاث، مع وضع الحدود الفاصلة بين ما هو مقبول ومشروع، وما ليس بمقبول ولا مشروع'.
وجدد الفقيه الإسلامي موقفه من تحريم زيارة القدس لغير الفلسطينيين، ما دامت تحت السيطرة الإسرائيلية، لافتا إلى أن 'زيارتها تحتاج أن يذهب طالب الزيارة إلى السفارة الإسرائيلية في بلده، أو في أقرب بلد إليها، ويدخل تحت العلم الإسرائيلي والحراسة الإسرائيلية. إن هذا إلا نوع من التطبيع الذي يدعونا إليه بعض المخذلين مع الصهاينة، وهو ما نرفضه تماما'.
وأضاف أن 'العلماء يعلمون أن العوارض تمنع المسلم من أداء شعيرة الحج، وهي فريضة، مثل أن يكون المسلم مدينًا، فلا يجوز أن يحج وهو مدين، حتى يسدد دينه، فما بالك بحقوق شعب فلسطين الذي غصبت أرضه وسفكت دماؤه وشرد من وطنه، ولا يزال يعاني في أرضه وفي الشتات ما يعاني. إننا نريد أن يشعر كل مسلم متشوق للصلاة في المسجد الأقصى أنه لا يستطيع ذلك ما دام السلطان الصهيوني جاثمًا فوقها، بل يعمل ليل نهار للقضاء على المسجد بالحفريات من تحته والتعديات من فوقه، فبدل أن يريح نفسه بزيارة المسجد في حمى صهيون، يجب أن يسعى لتحريره حتى يزوره وهو محرر من قبضة اليهود'.
وحول إمكانية توسطه لتحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، لفت القرضاوي إلى أن 'من أهم ما يشغلني في سنوات عمري الآن هو إصلاح ذات البين بين الجماعات الإسلامية والحكام، وبين الجماعات الإسلامية بعضهم وبعض، وخصوصًا في البؤر الساخنة التي يقتتل فيها المسلمون بعضهم مع بعض، مثل السودان واليمن والصومال والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرها. وطالما تحدثت مع عدد من الحكام عن المصالحة مع بعض خصومهم من الجماعات المعارضة، وخصوصًا التي حملت السلاح في وقت ما، وقد نجحت في بعضها، ووقفت عقبات في بعضها الآخر. ولذلك كم أكون سعيدًا إذا وِفقت في دور الإصلاح بين الأشقاء في فلسطين، فهم أحوج ما يكونون إلى وحدة الصف واجتماع الكلمة، ولا سيما في ظروفهم الصعبة'.
واستطرد قائلا 'لكن المشكلة أن رجال السلطة (الفلسطينية) اتخذوا مني عدوًا لهم، وهاجموني بلا مبرر، مع أني طول عمري، مع فلسطين وقضية فلسطين'.
وحذر الفقيه الإسلامي من كثرة الحديث عن تواجد القاعدة باليمن وما يعنى هذا من أن اليمن قد بات بالفعل مستهدفا ليكون مركزا جديدا للتواجد العسكري الأمريكي بالمنطقة، وأكد أن 'هذا الترديد المتكرر والمتعمد ينبئ ويشير إلى ما تريده أمريكا لليمن الشقيق، وأرجو أن نكون مخطئين!'.
تقسيم السودان
وفي الشأن السوداني، أعرب القرضاوي عن أسفه وحزنه الشديد لاحتمال انفصال جنوب السودان بعد استفتاء تقرير المصير المقرر في كانون الثاني/يناير القادم، وقال 'أنا حزين أشد الحزن لأن ينقسم السودان، هذا البلد العربي الأفريقي الكبير، ويتجزأ في عالم يتوحد وتنضم فيه الكيانات الصغيرة لتكون كيانًا كبيرا .. المؤامرات الصهيونية والصليبية تسعى سعيها لتمزيق هذا البلد، مع أن الخير كل الخير أن يتحد، على أن يأخذ كل من الشمال والجنوب حقه بالقسط في السلطة والثروة، وأن يتعاونا على بناء مستقبل هذا البلد، والنهوض به'.
واستطرد 'أتمنى إذا قدِر الانفصال ألا تكون بعده حرب وصراع، فكفى ما مضى من حروب'.
الوحدة الاسلامية والحجاب والنقاب
وجدد القرضاوى ما ذكره في كتاباته السابقة بشأن إمكانية توحد الأمة الإسلامية وكيف أن تلك الأمة حقيقة واقعة، وليست مجرد أمنية بعيدة أو مستحيلة، وقال 'هي حقيقة دينية وحقيقة تاريخية وحقيقة جغرافية وحقيقة اجتماعية وحقيقة فكرية وحقيقة شعورية وحقيقة سياسية، ومَن يرتاب في ذلك أو يشكك فيه، فلينظر إلى هذه الأمة حينما يِساء إلى مقدس من مقدساتها، مثل القرآن أو الرسول أو المسجد الأقصى أو بلد من بلاد الإسلام، نرى مشاعر الأمة في المشارق والمغارب قد توهجت'.
ودعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى ضرورة 'أن تتبلور هذه المشاعر في كيان سياسي، يعمل على تقريب الأمة بعضها من بعض، وعلاج ما فيها من مشكلات، وذلك بتفعيل (منظمة المؤتمر الإسلامي)، حتى تمثل الأمة حقّا، ثم يتم تطويرها في صورة اتحاد سياسي واقتصادي وتشريعي، أشبه بالاتحاد الأوروبي، ثم يترقى ذلك وينمو شيئا فشيئا حتى يأخذ صورة أقوى وأقرب إلى الوحدة، التي هي الأمل المنشود في النهاية'.
وأقر القرضاوي بأن الأمر ليس بالسهل، 'فهناك عقبات كثيرة، داخلية وخارجية، عقبات سياسية، وعقبات اقتصادية، وعقبات فكرية، ومخاوف شتى من هنا وهناك، ولكن الأمر يحتاج إلى وضوح الرؤية، وصدق العزيمة، ونحن في عالم يتكلم بلغة التكتل، ولا مكان فيه إلا للكيانات الكبيرة، ومَن سار على الدرب وصل'.
وأعرب القرضاوي عن أسفه أن يرى 'اليمين المتطرف في أوروبا خاصة، والغرب عامة، يزداد نفوذه يوما بعد آخر، وهو يضيق ذرعا بالمسلمين، ويعتبرهم خطرا عليه'، وشدد على أن ' اليمين في أمريكا قدم الإسلام على أنه العدو البديل المرتقب للغرب بعد سقوط الشيوعية أو الاتحاد السوفييتي الذي كانوا يسمونه (دولة الشر) وسموا الإسلام (الخطر الأخضر)'.
وأضاف 'قد رأينا الأوروبيين يتحدون مشاعر المسلمين في الإساءة إلى نبيهم وإلى قرآنهم، وهما يعتبران قِدس الأقداس عند المسلمين، وللأسف رأينا المستشارة الألمانية (أنجيلا ميركل) تكرم الرسام الدنماركي الذي أغضب الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها برسومه الكاريكاتورية المسفة'. وانتقد القرضاوي قرار سويسرا منع المآذن من المساجد، متسائلا 'وهل آذت المآذن أحدا في الغرب، حين تقول: الله أكبر، الله أكبر؟' .
وتابع 'ثم جاءت فرنسا فأصدرت قرارها أو قانونها بمنع النقاب، وأنا لا أرى وجوب النقاب للمرأة المسلمة، ولكن هناك من مذاهب المسلمين وعلمائهم مَن يرى ذلك، وتلتزم ذلك عدة بلدان: في السعودية والخليج والهند وباكستان وبنجلاديش وأفغانستان. ورأيي أن هذا يدخل في صميم الحرية الشخصية والحرية الدينية للمرأة المسلمة، وهما حريتان مقدستان لدى الغرب في مواثيق حقوق الإنسان وغيرها. ولماذا نَدَع الحرية المطلقة للمتبرجة والمتكشفة، ولا نعطي مثلها للمحتشمة والمنقّبة أو للمحجبة؟ كيف يجوز لنا أن نفرض على المسلمة أن تخالف أمر ربها وتعاليم دينها ؟ ونكرهها على ذلك بقوة القانون؟!' . واستطرد 'والذين يزعمون أن هذا الزي قد يستخدم لأهداف لا علاقة لها بالدين كتنفيذ عمليات إرهابية، أو التمويه على منفذيها يغالطون أنفسهم، فإن القوانين لا تصدر من أجل حالات شاذة، وكما قال فقهاء المسلمين: النادر لا حكم له. وأعتقد أن لدى الحكومات من الوسائل والآليات ما تعالج به مثل هذه الحالات غير منع جميع المسلمات من حقهن في ارتداء ما يعتقدن وجوبه دينا، وفرضيته شرعا'.(د ب أ)
المصدر: القدس العربي 24/11/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.