جدل كثيف دار خلال الفترة الماضية حول المشورة الشعبية وكل يفسرها على هواه ووصل تفسير البعض لها على أنها ستؤدي إلى فصل ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حسب اعتقادهم بأنها تندرج تحت بند تقرير المصير، وهذا بالطبع مفهوم خاطئ تماماً حيث انها ليس لها صلة بذلك سيما وأن نص اتفاق السلام الشامل يؤكد أنها لا تتضمن أي ارتباط بمبدأ تقرير المصير، ولكنها مشورة شعبية بغرض تطوير محشد القناعة الشعبية في نهاية الفترة الانتقالية، ليدخل الناس، مرحلة الاستقرار المستدام بشكل أفضل وبملاحظات تعلن على تطوير التجربة، وفسر المشورة الشعبية على أنها حق ديمقراطي وآلية تأكيد وجهة نظر شعبي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق كل على حده بشان اتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين التي توصل اليها بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان) نص اتفاقية السلام الشامل المقرة 3-1) ولاية جنوب كردفان: ويقصد بها المنطقة الجغرافية المنصوص عليها في المادة 2(1) من اتفاقية حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق والمشار إليها في المادة 182 من الدستور القومي الانتقالي لسنة 2005م. وتستمد المشورة الشعبية مرجعياتها من اتفاقية السلام الشامل والدستور القومي الانتقالي لجمهورية السودان لسنة 2005م والدستور الانتقالي لولاية جنوب كردفان لسنة 2006م والدستور الانتقالي لولاية النيل الأزرق لسنة 2005م. وتهدف المشورة الشعبية وفقاً للمادة (5) من قانون المشورة الشعبية إلى تأكيد وجهة نظر شعبي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بشأن اتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين وعن مدي تحقيقها لتطلعاتهم وللوصول لتسوية نهائية للنزاع السياسي في أي من الولايتين وإرساء السلام ولتصحيح أي قصور في الترتيبات الدستورية والسياسية ولإدارية والاقتصادية في إطار اتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين. على أن ينشئ كل مجلس تشريعي في أي من الولايتين، مفوضية برلمانية وفقا لبروتوكول حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وتتكون المفوضية لكل من الولايتين من الرئيس والمقرر وعدد من الأعضاء بموجب قرار من المجلس التشريعي المعني على أن يراعي في عضويتهم تمثيل المرأة واللجان المتخصصة في المجلس وتستمد المفوضية المصادر المالية من ما تخصصها الولاية المعنية للمفوضية والمنح من الأشخاص أو المؤسسات غير الحكومية التي توافق عليها حكومة الولاية المعنية بطلب من رئيس المفوضية والمنح من المنظمات الوطنية والأجنبية من خلال الحكومة أو حكومة الولاية المعنية والتمويل من المانحين أو الأصدقاء وأي مصادر أخرى يوافق عليها المجلس. وحول مسألة مراقبة إجراءات المشورة الشعبية بالإضافة للقوى السياسية المختلفة يحق لأي من الولايتين النيل الأزرق وجنوب كردفان دعوة منظمات المجتمع المدني المحلية – الإقليمية – الدولية ومنظمة الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيقاد وشركاء الإيقاد وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي لمراقبة عملية المشورة الشعبية ونتائجها. وواجب قانون المشورة الشعبية على الحكومة المركزية وحكومة كل ولاية ضمان وتوفير الفرص والمعاملة المتساوية لشعب الولاية والقوي السياسية المختلفة للتعبير عن الآراء المختلفة حول المشورة الشعبية عبر الأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة والولاية المعنية، وحظر تماماً مسألة تقييد حق التعبير أو إساءة استعمال السلطة لغرض تحقيق ذلك. وفرض على أجهزة الإعلام للدولة أو الولاية تقديم خدمات إعلامية مجانية ومنح فرص ومدد زمنية متساوية للجميع في حملة المشورة الشعبية مع أهمية أن يكون لممثلي أجهزة الإعلام المحلية والأجنبية الحق في الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بإجراءات حق المشورة الشعبية شريطة أن تقوم أجهزة الإعلام القومية والولائية أو الخاصة ومنظمات المجتمع المدني المنصوص عليها في هذا القانون بنشر نتائج المشورة الشعبية المعلنة رسمياً، بحياد ودقة وأمانة. وعند ممارسة شعبي الولايتين حقهم الشرعي في المشورة الشعبية تكون خياراتهم عب المفوضية المعنية مبنية على الموافقة واعتماد اتفاقية السلام الشامل واعتبارها حسماً للنزاع السياسي في الولاية المعنية، أو اعتبار أن الاتفاقية لم تحقق تطلعات شعب تلك الولاية. وتكون إجراءات ممارسة المشورة الشعبية وفقاً للقانون أن ينشئ المجلس التشريعي لكل ولاية، فور انتخاب أعضائه ينشئ مفوضية برلمانية للتقويم والتقدير لاتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين من خلال التقارير التي تقدم إليه منها وحكومة الولاية المعنية مع استصحاب أراء شعب الولاية والفعاليات السياسية والمجتمع المدني بالولاية المعنية عبر لقاءات أو مؤتمرات. وهذا ما لم يتم في أوانه وإنما تم بعد فترة من ذلك . وإذا قرر أي من المجلسين التشريعيين عند النظر في تقارير المفوضية أن الاتفاقية حققت تطلعات شعب تلك الولاية تعتبر الاتفاقية تسوية نهائية وشاملة للنزاع السياسي في تلك الولاية. أما أذا قرر أي من المجلسين التشريعيين أن الاتفاقية بخصوص أي من الولايتين لم تحقق تطلعات شعب تلك الولاية حسب الفقرة (1) ب من قانون المشورة الشعبية ، يدخل هذا المجلس في مداولات لتحديد أوجه تلك القصور بشكل مفصل، ومن ثم تدخل حكومة تلك الولاية في التفاوض مع الحكومة بغرض تصحيح أوجه القصور في إطار الاتفاقية لتلبية تطلعات شعب الولاية المعنية وذلك خلال شهر واحد من تاريخ قرار المجلس التشريعي المعني. وعلي رئيس المجلس التشريعي المنتخب في الولاية المعنية بإعلان نتائج المشورة الشعبية المتفقة عليها وذلك على النحو التالي:- 1. في حالة اعتماد المجلس التشريعي ألولائي اتفاقية السلام الشامل باعتبارها تلبي تطلعات شعب الولاية تعتبر الاتفاقية تسوية نهائية للنزاع السياسي في الولاية المعنية وتحيل حكومة الولاية الأمر الى رئاسة الجمهورية لإصدار مرسوم جمهوري بهذا الشأن . وفي حالة عدم اعتماد المجلس التشريعي ألولائي المعني اتفاقية السلام الشامل باعتبارها لم تلب تطلعات شعب الولاية المعنية تدخل الولاية المعنية في التفاوض مع الحكومة من أجل تضمين وإقرار تلك التطلعات في الاتفاقية وذلك بمرسوم جمهوري. وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين الولاية المعنية أو الولايتين معا والحكومة حول تقرير تلك التطلعات أو أية منها خلال ستين يوماً من تاريخ التفاوض تحال المسائل الخلافية إلى مجلس الولايات للوساطة والتوفيق، ويكون المجلس لجنة لهذا الغرض خلال أسبوع من تاريخ الاستلام على أن ترفع اللجنة تقريرها للمجلس خلال أسبوع من تاريخ اتخاذ القرار وعلى المجلس اتخاذ القرار بشأنه في موعد لا يتجاوز الأسبوع من تاريخ تقديم التقرير. وفي حالة فشل مجلس الولايات في الوساطة والتوفيق حول المسائل الخلافية في خلال ثلاثين يوم يلجأ الطرفان إلى جهة تحيكم يتفقان عليه. وتنتهي إجراءات المشورة الشعبية قبل نهاية الفترة الانتقالية في الثامن من يوليو 2011م. وعلى مجلس الولايتين التشريعيين تقويم وتقدير الاتفاقية بعد الاطلاع على التقارير المرفوعة أليه من المفوضية أو الحكومة الولائية وتحديد أوجه القصور في تنفيذها أو عدمها، وإعلان عما إذا كانت اتفاقية السلام الشامل تلبي تطلعات شعب أي من الولايتين، ومن ثم تبني التوصيات التي تلبي تطلعات شعب الولاية أو تصحح أوجه القصور في تنفيذ الاتفاقية وبعدها الدخول في المفاوضات مع الحكومة المركزية لتصحيح القصور في الاتفاقية. ومما سبق يتضح جلياً ولكل ذي لب حصيف أن المشورة الشعبية جاءت لاستطلاع آراء المواطنين وملاحظاتهم ومقترحاتهم حول تنفيذ الترتيبات التي تضمنتها الاتفاقية وكيفية تحسينها وتطويرها وأنها عبر البرلمان ألولائي (المنتخب) فضلاً عن التأكيد على أن لا صلة لها بتقرير المصير المقرر لجنوب السودان وحده. وإنما هي فرصة ليقرر أهل النيل الأزرق وجنوب كردفان الطريقة المثلي لهم وان لم يذهبوا جنوباً يمكن أن يظلوا في الشمال على أسس جديدة. وخلال الفترة الماضية تم تكوين مفوضية المشورة الشعبية بالنيل الأزرق وباشرت أعمالها على الأرض بيد أنها واجهت الكثير جداً من العراقيل والمتمثلة في عدم وصول أي دعم يذكر من الجهات المانحة سوى دعم حكومة الولاية الأمر الذي يهدد بشدة مسار المفوضية وعدم تمكنها من أداء دورها على الوجه الأكمل سيما وأنه قد مر شهران منذ إنشائها وما تبقي من الزمن أقل من شهر يوجب على كافة المعنيين بالأمر ضرورة تقدير المسئولية وتوفير الإرادة للإيفاء بالتزاماتهم نحو استحقاق المشورة الشعبية بولايتي النيل الأزرق وبأعجل ما يكون حتى يكتمل الأمر بسلام. نقلاً عن صحيفة التيار 24/11/2010م