بالقرار الذى اتخذته مفوضية استفتاء جنوب السودان و الذى قضي بمد فترة التسجيل لأيام أخري ، فان القرار – و فضلاً عن ضرورته فى ظل الظروف والملابسات التى صاحبت عملية التسجيل – حيث لم يتمكن الكثيرون من تسجيل أسمائهم بسبب ضغوط الحركة و تكتيكاتها لإبعاد المواطنين الجنوبيين المقيمين فى الشمال عن الاستفتاء قد احتوي- هو فى حد ذاته – على قدر من المؤشرات الداعية لتوقُع تأجيل الاستفتاء. ذلك ان فترة التسجيل – وفقاً للجداول التى أقرتها المفوضية هى فى الأصل جداول مضغوطة ، تجاوزت فيها المفوضية جراء ضيق الزمن النصوص القانونية التى تحدد هذه الجداول ، ومن ثم فان عودة المفوضية لتعديل هذه الجداول معناه أنها مضطرة لاحقاً لطلب التأجيل بذات دواعي ضيق الوقت. الأمر الثاني فان دول الإيقاد نفسها كان مقرراً ان تنظر فى قضية التأجيل هذه لأسباب معروفة على رأسها أن العملية الجارية الآن فيها مخالفة لقانون الاستفتاء ، وهى في الوقت نفسه يحمل بذرة لخلافات مستقبلية قد تطال سلامة العملية و النتائج المترتبة عليها و الإيقاد باعتبارها محوراً اقليمياً وثيق الصلة بالعملية السلمية و تتطلع الى مرور العملية بسلام دون مشاكل فهي سعت لهذا التأجيل و إن تجنبت على نحو أو آخر إغضاب هذا الطرف أو ذاك. و هناك أسباب أخري برزت من خلال عملية التسجيل و هى الخروقات التى ارتكبتها الحركة الشعبية بشأن التسجيل بما رسم سيناريو قائم لمجمل لما تبقي من العملية ، إذ لا يستبعد أن تمارس الحركة ذات هذه الممارسات عند الاقتراع. أمر ثالث وهو على قدر من الأهمية كبير يتمثل فى بروز مؤشرات على عدم إمكانية بلوغ القدر المستهدف من الناخبين المسجلين و المقدر ب(5مليون ناخب) ، ففي ظل بطء عمليات التسجيل فى الشمال و فى ظل وجود ضغوط خفية و معلنة على مواطني الجنوب فى الشمال من جانب الحركة ، فان العدد الذى أمكن تسجيله حتى الآن لم يصل الى ربع ما هو مطلوب حتى ، وأما فى الجنوب فان العدد لم يبلغ ال(2 مليون) فى ظل قناعات سائدة هناك بأن فترة الطعون قد تسقط العديد من هذه الأسماء لا سيما أن التسجيل فى الجنوب فيه قدر هائل من التساهل بحكم توجهات الحركة الشعبية الانفصالية. لكل ذلك فان من المتوقع إزاء هذه المؤشرات ان تبدأ القناعات تتبلور بضرورة التأجيل و يبقي فقط كيفية إعلانه و متى ؟