ما تزال العديد من الصحف و وسائل الإعلام الدولية تستشعر هواجساً و مخاوفاً جلية جراء قيام استفتاء جنوب السودان و يعود السبب فى ذلك الى إدراك الكثيرين ممن يتابعون الشأن السوداني عامة و الشأن الجنوبي على وجه الخصوص ان قيام استفتاء حر و نزيه أمر صعب ان لم يكن مستحيل. ففي صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية و بتاريخ 22/11/2010 وردَ مقال مطول تحت عنوان (طريق طويل لإعلان انفصال جنوب السودان) كتبه (موانغي كيمني) الذى يعمل مديراً لقسم المبادرة الإفريقية المختصة بالنمو بمعهد بروكينغز و هو معهد شهير و ذائع الصيت فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. قال الكاتب فى مقاله إن ما يثير القلق بشأن استفتاء جنوب السودان الذى من المقرر أن يتم مطلع يناير المقبل 2011 هو صعوبة تمتعه بالنزاهة و الحرية فالجنوب - بحسب الكاتب- ليس مستعداً بالقدر الكافي لإجراء مثل هذا الاستفتاء الهام، و يشير فى هذا الصدد الى أمثلة بالقول ان عملية التسجيل مثلاً لم تبدأ سوي منذ أسبوع واحد ، كما أن مسألة إنشاء مراكز للاقتراع فى الجنوب ليست مسألة سهلة خاصة إذا علمنا ان مساحة الجنوب لا تزيد عن مساحة ولاية كلفورنيا الأمريكية. كما ان الجنوب – يقول الكاتب – لا يتمتع سوي ب(40كلم) من الطرق الممهدة ! و هناك حاجة الى مراقبي استفتاء و شاحنات و أجهزة حاسوب و ما إلى ذلك من التجهيزات الضرورية ، ويمضي الكاتب فى تعداد أوجه القصور فى العملية ويقول ان هنالك تحدي مهم يتمثل فى عملية ترسيم الحدود الفاصلة بين الشمال و الجنوب حيث من المفترض الفراغ من ترسيمها في فترة لا تتجاوز الستة أشهر من تاريخ الاتفاق فى 9 يناير 2005 . و يضيف الكاتب هنالك ايضاً تعقيدات في كيفية تقسيم عائدات النفط فى ظل عملية ترسيم الحدود لكون المنطقة غنية بالنفط و لهذا - بحسب الكاتب- فان الحاجة الى مساعدة واشنطن فى حل الأزمة تبدو ملحة و ذات الشئ ينطبق على الصين التى تحصل على 70% من إمداداتها النفطية من السودان ، مما يجعل أى جدل أو نزاع خاص بالنفط يهدد إمداداتها هذه . ويخلُص الكاتب فى خاتمة مقاله المطول الى ضرورة تدخل المجتمع الدولي لإيلاء هذه الأمر الهام أهمية خاصة ، بتوفير الموارد والخبرات و ضمان إتمام العملية بمواصفات نزيهة و حرة. وهكذا فان المتابعين لشأن السودان يرون الصورة أمامهم واضحة ، فالجنوب الذى تحكمه الحركة الشعبية يتجه لتقرير مصيره و لكن هذا الاتجاه لا يتم بالصورة المطلوبة، و لا شك أن هنالك عجلة غير مبررة فى هذا الصدد ، و قد وردَ هذا فى هذا المقال جانب من هذا المشهد ، عسي و لعل أن ينتبه المجتمع الدولي الى المخاطر الكامنة وراء إجراء استفتاء على هذا النحو الذي يجري الآن و يثير قلق المراقبين كافة !