اذا سألت أحد قادة الحركة الشعبية أو أي من أبناء جبال النوبة كم يبلغ عدد أبناء النوبة في الجيش الشعبي؟ فلن تلقي إجابة ! ليس لأن عددهم غير معروف .. ولكن لأن الأرقام هذه من الأسرار العسكرية ولكن في ذات الوقت يكون بالإمكان أن تخرج باستنتاجات عن ارتفاع نسبتهم.. ومعظم من سئلوا عن عدد أبناء النوبة في الجيش الشعبي لم تجئ إجابتهم قاطعة فعندما سألت الزملية((السوداني)) رئيس حكومة الجنوب رئيس الحركة الفريق أول سلفاكير عن عددهم امتنع عن الإجابة، وعندما أشارت أليه بأنهم يتجاوزون الثلاثين ألف، قال هم أقل من ذلك، وكانت إجابة القيادي بالحركة من أبناء النوبة اللواء دانيال كودي لصحيفة أخرى قريبة من ذلك، حيث قال لا احد يعطي العدد الحقيقي لجيشه، ولكنه أشار إلى أن معظم أبناء النوبة في الجيش الشعبي الذين يوجدون في خمس مناطق من غرب الاستوائية وجوبا نسبتهم 80% من قوة الجيش الشعبي. واذا ما اختلف الناس في حجم أبناء النوبة وعددهم فإنهم ربما لا يختلفون في ما قدمه أبناء النوبة للحركة الشعبية والجيش الشعبي من أدوار، حيث تشير كثير من المصادر إلى أن النوبة قاتلوا في صفوف الحركة الشعبية منذ العام 1985م خاضوا المعارك وسالت دماؤهم وزهقت أرواحهم سياسيين وعسكريين. ولكن رغم ذلك اشتكي كثير منهم من الظلم الذي لحق بهم بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل في العام 2005م ، فبعد أن كان السؤال حتى وقت قريب من أبناء النوبة أمثال اللواء تلفون كوكو الذي يقبع لأكثر من عام في سجون الحركة الشعبية بعد أن تساءل عن تناسي الحركة لتضحيات أبناء الجبال ولماذا لم تعطهم ما أعطته للآخرين في بقية الأحزاب من مناصب في حكومتي الجنوب والمركز كان مصيره السجن. ويري أبناء النوبة أنهم ظلوا بعد اتفاقية نيفاشا وأنهم منحوا مناصب هامشية، فعبر كثير منهم عن ما لحق بهم من ظلم الا ان الحركة الشعبية كانت ترى أنها أعطتهم قدر ما يستحقون، ويظهر ذلك في إجابة سلفاكير التي رد بها لتلفون كوكو على سؤال طرحه في محاضرة لضباط الجيش الشعبي في نوفمبر من العام 2005م حسب رواية بعض المصادر بأن الحركة منحتهم حقيبتين في الحكومة القومية بجانب حكم جنوب كردفان وجبال النوبة. فان كان السؤال حتى وقت قريب عن مكاسب النوبة بعد مناصرتهم للحركة فقد أصبح السؤال اليوم عن مصير النوبة في الحركة والجيش الشعبي بعد الاستفتاء الذي يري كثير من المراقبين بأن نتيجته باتت هي الانفصال وليس غيره، ولكن رئيس الحركة سلفاكير أشار الى أن أوضاعهم بعد الانفصال هي كأوضاع الجنوبيين في الشمال، وفي القوات المسلحة مما يعني أن النوبة صاروا من ضمن قضايا ما بعد الاستفتاء . ولا تبدو القضية بعيدة عن تفكير أبناء النوبة، فيري كثير منهم أن الخيارات مفتوحة امامهم ومن بينها الانضمام للشمال او الجنوب حسب رأي الكثيرين منهم، وكأنهم يقرأون ما بين ثنايا تصريحات قادة الحركة وعلى رأسهم الفريق سلفاكير عندما قال أنهم سيتفقون مع المؤتمر الوطني باستيعابهم في القوات المسلحة الا اذا رفض المؤتمر الوطني ذلك. وتحفظ الذاكرة السودانية للقيادي من أبناء النوبة محمد هارون كافي عقب توقيع اتفاق الخرطوم للسلام مع فصيل الناصر قوله ان النوبة هم أصيلين في السودان مستنكراً السؤال عن مصير النوبة والي أين سيتجهون في حال اختار الجنوب الانفصال قائلاً بأنهم سيبقون في السودان اذا انفصل الجنوب أو الشمال، واعتبر الكثيرون اجابة كافي تلك بأنهم ذكية باعتبار أنه في ذلك الوقت لم يكن خيار الانفصال مرجحا مثل اليوم الا أن قيادات من النوبة في الحركة ترجح احتمال حدوث تمرد من النوبة في الجيش الشعبي اذا لم تتحقق تطلعاتهم المتمثلة في ربع الظلم والتهميش الذي لحق بهم والتي حسب الكثيرون لم تتحقق بالصورة التي كانوا يتوقعونها، ولما لم يكن التحاقهم بالحركة حباً فيها فإنهم سيواجهونها بكافة الوسائل المتاحة ولعل هذا الرأي ينسجم مع الحديث الهامس عن وجود تحركات سرية للنوبة بالحركة الشعبية تهدف لتنظيم صفوفهم وحشد قواتهم المنضوية في الجيش الشعبي، ويقال ان عبد العزيز الحلو رغم أن جذوره من خارج النوبة من قيادات تلك الترتيبات فضلاً عن القيادات من النوبة في الحركة والجيش الشعبي. ورغم أن الكثيرين يعتبرون النوبة ((أيتام نيفاشا)) بسبب بيع الحركة لقضيتهم وتذويبها في قضية الجنوب، الا أن البعض يري أن نيفاشا أعطت النوبة حق المشورة الشعبية فيما اذا كانت الاتفاقية قد لبت تطلعاتهم أم لا؟ ولكن النوبة أنفسهم يتساءلون عن تلك العملية التي رهنتها الاتفاقية بقيام مجلس تشريعي محلي منتخب بعد التأخير الذي لازم انتخابات الولاية لوقت طويل، بيد أن الأمر المتفق حوله هو حاجة الحكومة لأبناء النوبة وتقديرها لهم والإيمان بحقوقهم. نقلاً عن صحيفة الانتباهة 29/11/2010م