في هذه النافذة علقت بالأمس على بيان السيد عرمان الذي دعا فيه إلى تمجيد قادة ثورة 1924م وأشهرهم علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ وهما من جنوب السودان. والتمجيد وإطراء الذكري الوطنية الكبرى ذات الدلالة والمعني القومي الكبير لا اعتراض عليه بل نشاركه الدعوة لذلك ونشكره عليه. بيد أن الأمر لم يكن يخلو من ملاحظات ابديناها في حينها. ومن أوضحها ان عرمان (نائب امين عام الحركة الشعبية وعضو مكتبها السياسي الأبرز) عندما يقول ذلك يشعر القارئ والمراقب السياسي أنه في حالة مغالطة مع واقعه الحزبي حيث أن الحزب (الحركة الشعبية) في واد وهو في واد آخر بالنظر إلى ثورة 1924م وإبطالها الذين لا يشبهون دعاة الانفصال اليوم ومن رهنوا إرادتهم السياسية لإرادة الآخر الأجنبي. ولما كانت المصائب لا تأتي فرادي فان ما ذكر رئيس السلاطين في الجنوب في صحيفة الأهرام السودانية وأبرزته الصحيفة بالأمس يدخل السيد عرمان في مأزق آخر بل يزيد عليه (الطين بلة) كما يجري على الألسن في مثل تلك الأحوال..!! لقد قال السلطان مشام (ان بنات عرمان لا يحق لهن التصويت) وهو المتزوج من جنوبيه.. وهذا صحيح وعرمان نفسه لا يحق له التسجيل للتصويت في الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب (وحدة ام انفصالا) كما يجري الحال الان بالنسبة لأمثاله وان علت مراتبهم في الحركة الشعبية لتحرير السودان تاريخاً وحاضراً. وهذا كله يدخل (الناطق الرسمي) باسم الحركة والناشط في بيعها وتسويقها للرأي العام في حرج وموقف بالغ القسوة والصعوبة. ذلك أن الحركة بسياستها المعلنة لا ترعي له حقا أو كراهة وتجرده من كل شئ ليصبح عارياً تماماً أمام مجتمعه السياسي الصغير والكبير .. بل والأسرة..!! وكما قال لي أحد السادة القراء في محادثة هاتفية بعد أن قرأ ما كتبت بلامس – ما الذي يجعل عرمان مستسلماً لهذا الوضع والحال كذلك؟ وهذا عين الحقيقة – فان كان ياسر سعيد عرمان وكريماته يعانون من التهميش والتناقض مع الحركة في هذه اللحظة الوطنية الحرجة التي جعلته يستدعي الذاكرة ويستنطقها لتخرجه مما فيه من أزمة نفسية وسياسية لماذا لا يحسم الأمر بالاستقالة فآخر الدواء الكي كما يقولون.. نقلاً عن صحيفة أخبار اليوم 30/11/2010م