رغم التضحية السياسية – برأي العديد من المراقبين- التى قدمتها الجماهيرية الليبية بتراجعها عن استقبال الرئيس البشير بعد ان كانت قد وجهت له الدعوة رسمياً منذ شهر يوليو الماضي لحضور أعمال القمة الإفريقية الأوربية الثالثة ، التى انعقدت يومي الاثنين و الثلاثاء الأسبوع الماضي بطرابلس ، ورغم الحرص البالغ الذى تمسكت به الجماهيرية لإنجاح القمة مستجيبة للضغوط الأوربية بتجاهل حضور الرئيس السوداني إلا ان ما أسفرت عنه القمة عقب انفضاضها و خروج بيانها الختامي، يعتبر بكل المقاييس أمراً متواضعاً ، وبحسب تعبير احد الدبلوماسيين الافارقة فى طرابلس فان الأمر لم يكن يستحق كل هذا العناء . فقد تلاحظ اولاً غياب قادة أوربيين كبار مثل الرئيس الفرنسي ساركوزي ، وغياب الرئيس المصري مبارك ، والمستشارة الألمانية ميركل ، ولم تسجل لقاءات جانبية ذات أهمية أثناء فعاليات القمة. وأعلن القادة الأوربيين زيادة مساعدات التنمية للدول الأفريقية لتبلغ (50 مليون يورو) رافضين مقترحاً قدمه القذافي بدعم الدول الأفريقية لمكافحة ما يعرف بالهجرة السرية الى دول القارة ؛ كما لم يوفق القذافي فى الحصول على إجابات أروبية بشأن مطالبته بتقديم ما وصفها بتعريفات لماهية الإرهاب و القرصنة باعتبارها مصطلحات تسوقها دول الغرب بلا معايير و تعريفات واضحة. وكان ذروة ما أثبت تواضع مخرجات القمة ما قاله القذافي نفسه فى كلمته التى ألقاها حين قال ( ان الاتفاقيات الموقعة بين الجانين – الأوربي و الأفريقي – لا تزال حبراً على ورق )! وهو ايضاً ما أكد عليه د. احمد نظيف الذى مثَّل الرئيس مبارك حيث قال فى كلمته (علينا ان نعترف بأن العديد من ما ورد فى خطط القمم السابقة- الأولي و الثانية- لم يجد بعد طريقه للتنفيذ )! وقد تطرقت القمة – فى بيانها الختامي – للشأن السوداني حيث حصرت الأمر فى (ضرورة إنفاذ اتفاقية السلام شامل و إجراء الاستفتاء فى مواعيده و القبول بنتائجه) . وبشأن مسألة قضية محكمة الجنايات فقد تفاقم الخلاف حولها و اضطرت لجنة الصياغة للإكتفاء بالقول ( نؤكد على الحاجة لتعزيز نظام قانوني وطني والتعاون الدولي لإقرار العدالة و السلام و المصالحة). وقد حرص الرئيس الزمبابوي روبرت موغابي فى هذا المنحي على التأكيد على ان دول الاتحاد الأفريقي موقفها واضح من المحكمة ،وان الذي يتعين محاكمته هو الرئيس بوش و رفيقه البريطاني توني بلير ! هكذا إذن لم تأت القمة بجديد يستحق كل تلك الضجة ، فلا النقاش كان ثراً ولا المخرجات نفسها كانت على مستوي ما هو مطلوب ، ويكفي ان يقر الحاضرين أنفسهم ان الأمر كله لا يعدو كونه حبراً على ورق ، رغم الأرقام التى وردت و رغم الطموحات التى سادت فى الأوراق و الكلمات!