من هو هذا المجنون، المخبول الذي يتعرّض لقوافل العودة لمواطني الجنوب، العائدين إلى أرضهم ووطنهم..؟، وهم يحلمون بالعيش الهنيء الرغيد بعد الانفصال الذي سيولد من رحم الاستفتاء القادم في التاسع من يناير المقبل، ولماذا هذه الادعاءات والأكاذيب الباطلة التي تروِّج لها الحركة الشعبية، إلي درجة أن السيد سلفاكير رئيس حكومة الجنوب يصدقها ويطلقها في الهواء الطلق ويزايد حتى على نفسه ويقول إن الشمال ..!!! هكذا «الشمال» يهدد الجنوبيين بالخدمة العامة والعسكرية النظامية بوقف الرواتب إذا لم يسجلوا للاستفتاء، ويضيف أن قوافل عودتهم الطوعية للجنوب تتعرض لإعتداءات من مليشيات مسلحة ....!!! ما هذا الجنون؟؟!! هل يصدق أحد أن الشماليين يطاردون قوافل عودة الجنوبيين ويلاحق المواطنون المساكين وهم في طريق العودة لديارهم وأن هناك مليشيات تتعرض لهم في طريق العودة بغرب بحر الغزال لتنهبهم وتسلبهم وتقتلهم أو ترهبهم,. كما أن هناك تعطيلاً لسفرهم عبر النقل النهري في ميناء كوستي وعبر مطار الخرطوم.!! أولا, لفظ الشمال يعني كل الشمال الأرض والشعب والحكومة فحديث سلفاكير فيه اتهام خطير وتجن واضح وفادح علي كل الشماليين ويقدح هذا القول في أخلاق أهل الشمال ونبلهم المعروف وقيمهم التي تأثر بها الجنوبيون واكتسبوا منها الكثير بعد أن عاشوا معهم في الشمال امنين مطمئنين فلا يمكن للشماليين أن يتعرضوا لأبرياء ومواطنين لا حول لهم ولا قوة أناس يعودون لمناطقهم وهم يقفزون في الظلام بعد خداع الحركة الشعبية لهم, ولما سدت إمامهم كل السبل واختاروا دولتهم القادمة فمن هو صاحب المصلحة في تعطيل عودتهم ورجوعهم وأوبتهم المجيدة هذه. في الشمال لا يوجد من يرغب في ذلك وليست من الفضيلة والأخلاق في شي. التعرض لبسطاء الجنوب الذين غادروا في هدوء وصمت وحسرة فمن الذي يريد من أهل الشمال تأخير وتعطيل الاستفتاء ويلجأ لهذه الحيل والمعوقات المتخيلة, فانفصال الجنوب بات واقعا وأمرا حتميا وسيفرح أهل الشمال يوم تقوم دولة في الجنوب يشعر فيها أهل الجنوب بأنهم في وطنهم امنين يعيشون في سلام, وينعم الشمال بالطمأنينة والسلام وينتهي زمن الحروب والمواجهات ويتخلص الشمال من القيد الذي جعله يتأخر من اللحاق بقطار التنمية والبناء والازدهار طيلة نصف قرن من الزمان. إذا كان السيد سلفاكير يحاول تجديد دعواته بتدخل قوات دولية لتفصل بين الشمال والجنوب قبل الاستفتاء فانه قد طاش سهمه مرة أخري, لأن دعوته السابقة التي تزامنت مع زيارة وفد مجلس الأمن الدولي في نهاية اكتوبر الماضي, لم يأبه لها أحد حتي سوزان رايس لم تعرها انتباها, ورفضها مؤتمر الحوار الجنوبي الجنوبي, فتجديدها الآن بهذه الحيلة المخادعة والماكرة ليس من أفعال رجل الدولة المسؤول وقائد شعب طامح في نيل حقوقه وتقرير مصيره. فالأكاذيب والادعاءات التي تطلقها الحركة الشعبية من هذه الشاكلة, غير جديرة بالاحترام ولا يمكن قبولها, وفيها تجاوز لحدود الاحترام بين الشمال والجنوب, فإذا كان الشمال بهذه الصورة التي يصورها قادة الحركة الشعبية لما عاش جنوبي واحد في الشمال وترعرع فيه حتي دون أن يري الجنوب. ما لم يقله سلفاكير ولم يقله قادة الحركة الشعبية, هو إن الجنوبيين الذي عادوا للجنوب شيئاً لم يجدوا المأوي والمسكن والملبس والمأكل والمأمن, لم تكن حكومة الجنوب وحكومات الولايات الجنوبية جاهزة لاستقبالهم والاعتناء بهم, يكفي أن يستمع المرء لما يقولونه لإذاعة (مرايا أف . أم) بأنهم يعيشون في العراء لأسابيع خاصة في ولايات واراب علي مرمي حجر من مناطق ومراتع السيد سلفاكير نفسه الأوفق لحكومة الجنوب وقيادات الحركة الشعبية, هو البحث عن شماعة أخري لتعليق إخفاقاتها وفشلها, دون أن تلقي بالأئمة علي الاخرين ولتحذر من الانزلاق في هذا المنحدر الذي يعقد العلاقة بين الشمال والجنوب وتصبح مستقبلاً العلاقة بين جارين محتملين علاقة يشوبها التوتر والمواجهات والضغائن والتوجس والمكايدات. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 5/12/2010م