موعد جديد قطعه الوسيط المشترك جبريل باسولي، لأنهاء مفاوضات منبر الدوحة في التاسع عشر من ديسمبر الجاري، حسبما قطعت الوساطة المشتركة منذ فترة بأن نهاية العام الحالي سيكون موعداً نهائياً للتوصل لتسوية سلمية لقضية دارفور، أجلٌ بدأ متطابقاً مع الموعد الذي قطعته أيضاً الحكومة السودانية بأن نهاية العام الحالي سيكون اخر موعد لتوقيع اتفاقية نهائية لسلام دارفور بمنبر الدوحة، اذا موعد جديد تبقت له عشرة أيام فقط لطي ملف منبر الدوحة التفاوضي، فهل تنجح الوساطة في مراميها التي سعت لها منذ قرابة العامين بتوقيع اتفاق سلام شامل يجمع كل الاطراف..أم أن الملف سيبدأ من جديد في رحلة للبحث عن عاصمة أخري تستضيف مفاوضي اطراف الصراع في الاقليم!!. الموعد الذي حددته الوساطة المشتركة بطي منبر الدوحة، جاء في وقت تشهد فيه الساحة الداخلية الدارفورية كثيرا من التطورات الميدانية والسياسية التي ستنعكس بدورها علي سير العملية السلمية ايجاباً وسلباً، فجهود الوساطة المشتركة التي بذلتها لاقناع كل الحركات الدارفورية بالمشاركة في مفاوضات الدوحة كهدف رئيسي لتحقيق سلام نهائي ومستدام بالاقليم، انتهت قبيل التوقيع النهائي حسب الموعد المحدد لذلك في التاسع عشر من الشهر الجاري الي فقدان المنبر لحركة العدل والمساواة الجناح الرئيسي الذي وقع مع الحكومة اتفاق حسن النوايا في بداية التفاوض نتيجة للتطورات الميدانية في دارفور، وعلي عكس ما يشتهي وسطاء منبر الدوحة الذين يسعون لجمع شمل الحركات الدارفورية المتفرقة، فاذا بحركة تحرير السودان جناح مني اركو مناوي، الموقعة علي اتفاقية ابوجا والمشاركة في السلطة تحزم حقائبها وتصوب وجهتها ناحية الجنوب استعداد لخوض مرحلة جديدة من صراعها العسكري حسبما اشار قياديون في الدولة، في وقت يشهد فيه الوضع الميداني بدارفور بسط القوات المسلحة سيطرتها علي اراضي الاقليم ودحر الحركات المسلحة التي كانت تسيطر علي كثير من المواقع، وذلك ضمن الاستراتيجية الحكومية الجديدة لمعالجة أزمة دارفور من الداخل عن طريق بسط الامن وتحقيق الاستقرار والتنمية والخدمات. ويشير مراقبون الي ان الوساطة قد تنجح من خلال جداولها المطروحة لتحقيق سلام دارفور في التوقيع علي اتفاقية سلام مع حركة التحرير والعدالة التي تفاوض الحكومة في الدوحة، ولكنهم يشككون في ان تكون الاتفاقية الأخيرة أو النهائية لسلام دارفور في ظل التطورات الميدانية والتعقيدات السياسية لقضية دارفور، الأمر الذي يرسم كثيرا من التساؤلات حول امكانية طي منبر الدوحة لأزمة دارفور في التاسع عشر من ديسمبر الجاري، ما اذا كان الاتفاق المتوقع سيؤدي الي حل أزمة الاقليم في ظل التطورات السياسية والميدانية المرتقبة، والتي ستجعل من الصعوبة علي منبر الدوحة ان ينجز اتفاقية شاملة ومتوافق عليها من جميع الاطراف في الموعد الذي قطعته مؤخراً، ولكن الدكتور خالد حسين، مدير مركز السودان للبحوث والدراسات الاستراتيجية، قال ل»الصحافة» انه في التاسع عشر من ديسمبر الجاري سيتم الاعلان للعالم عن التوصل لاتفاقية نموذجية تخاطب كل جذور الصراع في دارفور، وان الحكومة موافقة عليها وكذلك حركة التحرير والعدالة، وستكون الاتفاقية مفتوحة لبقية الحركات المسلحة للتوقيع عليها، وقال حسين ان جذور الأزمة في دارفور خاطبتها الاتفاقية تماما في كل ما يشمل اسباب الصراع في دارفور من الحواكير والتعويضات والنازحين والتنمية وعلاقة دارفور بالمركز، ولم يتبق هناك شئ يتفاوض حوله من خلال البحث والتقصي والاستماع لكل أهل الاقليم، واضاف «بعد هذه الاتفاقية الحل في توجه المجتمع الدولي وخاصة امريكا، ويبدو كما ذكر ان هناك صفقة حقيقية تمت بين المؤتمر الوطني والولايات المتحدةالامريكية، بأن تترك امريكا حل مشكلة دارفور للحكومة مقابل ان تقبل نتيجة الاستفتاء والاعتراف به في الجنوب» . واشار حسين الي ان الاتفاقية التي سيعلن عنها في التاسع عشر بالدوحة ستكون اتفاقية نموذجية باسم دارفور وليست مع حركات محددة وكل من يرضي بها يأتي ليوقع عليها، وانها ستتناول الاسباب الجوهرية لأزمة دارفور، ستكون مثل اتفاقية نيفاشا ليست لوقف الحرب فقط وانما لحل مشكلة السودان ككل، وتوقع ان تجد الاتفاقية الدعم من المجتمع الدولي ومساعدته للحكومة لبسط الامن والاستقرار في الاقليم». ويبدو من خلال الموعد الجديد المحدد لتوقيع اتفاقية سلام دارفور بالدوحة ان ضيق الوقت وعظم القضايا وتعقيداتها اكبر عقبة تواجه عملية توقيع سلام شامل ومستدام يرضي كافة الاطراف الدارفورية، وهو ما لمسه الوسيط المشترك للامم المتحدة والاتحاد الافريقي جبريل باسولي، اثناء مخاطبته أول أمس للورشة الثالثه للخبراء الدوليين حول عملية السلام في دارفور بالدوحة، حينما قال ان هناك ثلاثة محاور يتعين الوقوف عندها ومواجهتها وهي التوصل الي اتفاق سلام شامل في دارفور قبل نهاية شهر ديسمبر الجاري وقبل الاستفتاء، والعمل المكثف لتشارك كافة اطراف الصراع وبفاعلية في الاتفاق المرتقب، فضلاً عن الوقف التام لعمليات الصراع في دارفور وانهاء الحرب، مشدداً علي أهمية المشاركة الفاعلة لجميع الحركات الدارفورية في عملية سلام دارفور، داعيا الحركات التي لم تلتحق بمنبر الدوحة أو انسحبت منه الي الانضمام إليه. ولكن الدكتور صلاح الدومة استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، قال ل»الصحافة» ان هناك مؤشرات كثيرة وقوية علي ان الاتفاقية ستوقع في «19 ديسمبر» وان تحل مشكلة دارفور، مشيرا الي ان الحكومة السودانية ستقدم مزيدا من التنازلات لتحقيق ذلك، ولكنه اشار الي ان الاتفاقية الجديدة لتحقيق سلام دارفور ستكون ضمن خطة الاستراتيجية الجديدة التي طرحتها الحكومة السودانية لتحقيق السلام والاستقرار في الاقليم، واضاف «ان الوعد الذي اشير الي ان اوباما قطعه مع القيادة السودانية بفصل الجنوب مقابل ترك معالجة أزمة دارفور للحكومة، للذين يقرأون المستقبل بصورة استراتيجية امريكا لن تفي بذلك لأن هذه اكذوبة وسينقلبون عن وعودهم بشأن دارفور، لأن هناك استراتيجية لفصل السودان لخمس دول، ووضع هذا ضمن الاستراتيجيات الامريكية، وان الاستراتيجيات التي يضعونها سينفذونها بدون استعجال، لذا بعد فصل الجنوب سترفع العقوبات ولكن مشكلة دارفور ستعود من جديد». وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت أن منبر الدوحة لحل مشكلة دارفور سيكون اخر جولات التفاوض وتعهدت بحل مشكلة الاقليم قبل نهاية العام الجاري عبر طرح استراتيجيتها الجديدة لسلام دارفور، وكان رئيس الجمهورية المشير عمر البشير قد حذر في زيارته الاخيرة لبورتسودان رافضي السلام بفرضه عليهم رغم «أنفهم» وقطع البشير الطريق أمام قيام منابر جديدة موازية للدوحة لحل أزمة دارفور، واعتبر ان منبر الدوحة هو اخر المنابر لتحقيق السلام في الاقليم، الذي قال انه سيكون بنهاية العام الحالي، وهدد الحركات المسلحة الرافضة للمفاوضات بان من لايقبل عملية السلام والصلح «فعليه مقابلتنا في الغابة والخلا» ،وسنلقنه درسا لن ينساه، واكد ان اية جولات قادمة لن تكون الا داخل البلاد. في وقت كانت الحكومة قد طرحت فيه قبل أشهر استراتيجية جديدة لحل مشكلة دارفور من الداخل عبر بسط الأمن واحداث التنمية والاستقرار بدارفور دون انتظار ما تسفر عنه مفاوضات السلام بالدوحة القطرية، وقد وجدت الاستراتيجية ترحيباً من المجتمع الدولي، وقوبلت برفض من الحركات المسلحة الدارفورية التي وصفتها بانها استراتيجية لحسم الصراع في الاقليم عسكرياً والقضاء على الحركات المسلحة. نقلاً عن صحيفة الصحافة 9/12/2010م