قالت المحكمة الدستورية السودانية في الخرطوم – الأسبوع الفائت – أنها تلقت ما مجموعة (5) طعون دستورية ضد عملية الاستفتاء الخاصة بجنوب السودان والتي بدأت إجراءاتها العملية منذ منتصف نوفمبر الماضي حيث بدأت عملية التسجيل وانتهت في بداية ديسمبر الحالي عقب الإعلان عن قفل باب التسجيل تمهيداً لنشر الكشوفات الأولية للناخبين وفتح باب الطعون. وصرح المتحدث باسم المحكمة مولانا (سومي زايدان) للصحفيين أن الطعون الخمس تخضع الآن مبدئياً للدراسة للنظر فيما اذا كان يتعين قبولها شكلاً وموضوعاً أم شكلاً فقط، وما اذا كانت تصلح للفصل فيها أم يتم شطبها في هذه المرحلة. وتشير متابعات (سودان سفاري) إلى أن الطعون يتعلق بعضها بممارسات خاطئة جرت من جانب الحركة الشعبية بشأن عمليات الاستفتاء وأخطاء قالت صحائف الدعاوي أنها وقعت فيها مفوضية الاستفتاء، وتجاوزات للقانون الخاص للاستفتاء وهناك طعون تطعن حتى في مشروعية الاستفتاء نفسه ومدي مفارقته للدستور ومخالفته. وربما اتفقت غالب هذه الطعون على طلبها إلغاء الإجراءات التي تمت وتلك التي ستتم ووردت أيضاً بحسب المتابعات – طلبات بوقف إجراءات الاستفتاء مؤقتاً – كتقليد قضائي معروف عند النظر في أي طعن – إلى حين الفراغ من الفصل فيه اذا كان ثمة ما يستدعي ذلك. ولعل السؤال المهم هاهنا الذي نحاول أن نتلمس له إجابة ولو تقريبية وهو ما اذا كان من شان ضرورات الفصل في هذه الطعون وقف إجراءات الاستفتاء لحين الفصل فيها، والجانب الثاني هو ما إذا كان من شان الفصل في هذه الطعون عرقلة أو إلغاء عملية الاستفتاء نفسها وفقاً للقانون؟ الواقع أن الإجابة على هذا السؤال بفرعيه لا تبدو سهله، فقد درج القضاء الدستوري والقضاء الإداري على فحص صحائف الدعوي مبدئياً للنظر فيما اذا كانت هناك مسألة تستوجب الفصل فيها وهذا يقتضي القبول الشكليي للدعوى ودفع الرسوم المبدئية واذا ما اتضح أن هناك بالفعل مسألة تستوجب الفصل، فأن القضاء في هذه الحالة ربما يستجيب لطلب وقف الإجراءات مؤقتاً حتى لا يفوت الغرض من الطعون باستكمال الإجراءات الجارية ومن ثم تصبح الدعوى والقرار الصادر فيها بلا فائدة. الأمر هنا يتوقف على موضوعية البنود الواردة في عرائض الطعن وجديتها وأهمية الفصل فيها استناداً الى القانون. ولهذا لن يكون أبداً أمراً مستغرباً أو شاذاً صدور قرار بإيقاف الإجراءات، من الجانب الثاني فان القرار النهائي أو الحكم في القضايا المقدمة هو أمر بالطبع يصعب التنبؤ به فهو يعتمد على حجم ودفوع كل طرف ولا نود هنا في الواقع استباق قرار المحكمة – فالمحكمة جهة مستقلة ومحايدة لا يصح بحال من الأحوال التأثير عليها أو التنبؤ بأحكامها، ولكن من المؤكد أن قبول الدعوى ربما استلزم نقاشاً ثراً ومستفيضاً تستفيد منه الساحة السودانية أيما فائدة.