طبقاً لتسريبات صحفية سودانية فإن قمة مصغرة سوف تلتئم يوم غدٍ الإثنين في الخرطوم تجمع الرئيس السوداني عمر البشير، والرئيس المصري حسني مبارك، والرئيس الليبي معمر القذافي، بالإضافة إلى سلفاكير مارديت النائب الأول للرئيس السوداني.. وتبحث القمة ضمن ما تبحث: مناقشة الأوضاع الراهنة وترتيبات ما بعد الاستفتاء في البلاد التي يهددها التقسيم، وتهدهد كيانها أشباح النزاعات والحروب. ويتزامن انعقاد القمة مع بروز تداعيات ومؤثرات مهمة تستعصي على أية قمة من هذا النوع.. ومن أهم هذه المؤثرات ما يلي: * تجديد تأكيد الرئيس البشير لاستعداده للتخلي عن حصة السودان في نفط الجنوب إذا صوَّت الجنوبيون لصالح الوحدة، فيما اعتبرت الحركة الشعبية أن العرض غير كافٍ، مما يتطلب إجراء تنازل مماثل في ما يخص منطقة أبي. * التنازل عن النفط مقابل الوحدة يعد لعباً في الوقت الإضافي. * تتزامن القمة المصغرة أيضاً مع جموح وهيجان الإدارة الأمريكية بضرورة إجراء الاستفتاء في موعده، وقبول نتائجه، مما يتطلب لاحقاً إسناد الولاياتالمتحدةالأمريكية للدولة الوليدة في جنوب السودان ودعمها مادياً، وعسكرياً، ولوجستياً للتأكيد على قدرتها على البقاء لأنها تملك مقومات الدولة خلافا لما كان يراهن على ذلك السودانيون الشماليون. * يتزامن انعقاد القمة المصغرة مع إعلان اسكون غرايشون المبعوث الخاص للسلام في السودان، عن تعيين الدبلوماسي الأمريكي المخضرم دين سميث مبعوثاً أمريكياً جديداً للسودان مختصاً بملف دارفور.. هذا التوجه الجديد للإدارة الأمريكية بتعيين مبعوث لدارفور يؤكد حرص أمريكا الدفين على تقسيم السودان، وجعله أشبه بالكانتونات أو الدويلات الصغيرة المفتتة والمتنازعة، مما يؤكد فرضيتها البائسة الفوضى الخلاقة. * ولعل من أهم التداعيات والمؤثرات التي تلقي بظلالها على القمة المصغرة: تسريبات ويكيليكس الذائعة الصيت، فقد أفادت مذكرة دبلوماسية سرية كشف عنها موقع ويكيليكس الإلكتروني بالأمس السبت: أن الرئيس السوداني عمر البشير ربما يكون قد اختلس تسعة مليارات دولار (6.79 مليار يورو) من عائدات بلاده النفطية وأن هذه الأموال أودعت في مصارف بريطانية.. ويتملك المرء العجب والغضب إذا عرف أن مصدر هذه المعلومات هو مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو.. وأن المصرف البريطاني المعني قد نفى علمه بهذه المعلومات. القمة المصغرة التي يرتجى أن تنعقد اليوم، ربما لا تختلف كثيراً عن القمم العربية التي تلتئم وتناقش موضوعات حيوية وينفض السامر دون وجود أو التوصل إلى قرارات حاسمة تقوض ظن المتابع العربي الذي فقد الأمل في انعقاد القمم المصغرة والمجهرية. إن التعاطي مع هذه الملفات الشائكة مع شريك وطد العزم على الانفصال، لا يستوجب سوى التأسي والنواح والنحيب والصراخ لوطن كبير أوشكت خريطته على التضاؤل.. ثم أين كان الشركاء العرب في السنوات الخمس الماضية؟ إنهم شهود على ملحمة الانفصال، وحلم الانصهار الذي أضحى بعيداً وكل ما يمكنهم فعله هو: الفرجة على تراجيديا الانفصال، وترميم الانفصام بالكلام المنمق والزخارف اللفظية التي لا تقدم.. وإنما تؤخر وتنخر الذات والهوية والهوى! المصدر: الشرق القطرية 19/12/2010