تزامن وصول الرئيس المصري محمد حسني مبارك ونظيرة الليبي القائد الاممي معمر القذافي صباح اليوم للخرطوم واعتزامهما الالتقاء بالقيادة السودانية علي اعلي مستوياتها ممثلة في رئيس الجمهورية المشير عمر البشير والنائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفا كير ميار ديت ،يشير لأمر جلل جمع الرجلين في خرطوم ملتقي النيلين وربما تمتد زيارتهما لعاصمة جنوب السودان جوبا للالتقاء بسلفاكير أذا ما كان لقاؤه بالخرطوم متعثرا أو إرسال مناديب منهما لإكمال لقائه . نظرا للثقل العربي والإقليمي والدولي الذي يتمتع بها كل من القذافي ومبارك ونتيجة للظرف السياسي الدقيق الذي تمر به البلد فمن المؤكد أن الرئيسين يحملان في حقيبتيهما مقترحات ورؤى لحل القضايا السودانية العالقة سيما المتصلة بتقرير مصير جنوب السودان المقرر إجراؤه في التاسع من يناير القادم ،بالإضافة ألي مقترحات لتجاوز العقبات العالقة بين شريكي اتفاق السلام الشامل –المؤتمر الوطني والحركة الشعبية –والعمل علي أيجاد علاقة تعاونية سلمية بين الشمال والجنوب في حال انفصال الجنوب ،في وقت لو تستبعد فيه مصادر تحديث ل(السوداني )مشاركة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة أو من يمثله في أعمال تلك القمة ،ألا أن الصحيفة لم يتسن لها حتى أعداد هذه المادة تأكيد مشاركة الأمير القطري أو أي من ممثليه في أعمال تلك القمة. ويري مراقبون أن الزيارة تأتي في ظل ظرف دقيق يمر به السودان وتصاعد المخاوف من انزلاق البلاد مجددا في أتون الحرب الأهلية عقب الاستفتاء ،ولعل من المؤشرات التي توضح أهمية هذه الزيارة وحساسية القضايا التي يتوقع أن تناقشها المباحثات التي سيجريها مبارك والقذافي مع الجانب السوداني يمكن استشفافه من الوفود المرافقة للرئيسين حيث يضم الوفد المصري مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان ووزير الخارجية احمد أبو الغيط .أما الوفد الليبي فمن ابرز المشاركين وزير الخارجية الليبي موسي كوسا ومدير المخابرات الليبية ومدير المخابرات الليبية أبو زيد دوردة .وهو مؤشر علي إلقاء الدولتين لثقلهما في مباحثات الخرطوم . تداعيات الانفصال وأعلنت الخارجية المصرية أن الزيارة تأتي بمبادرة من الرئيسين –مبارك والقذافي –بغرض التباحث مع القيادة في السودان لحلحلة القضايا العالقة في اتفاق السلام . ومن جهته قال مقرر لجنة شؤون السودان بالمجلس المصري للشؤون الخارجية وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني في مصر هاني رسلان ل(السوداني )أن زيارة مبارك والقذافي تجئ بعد أن تأكد أن العلاقة بين الدولتين عقب الانفصال ستفتقد لأي مسارات تعاونية مما سيحدث تداعيات كثيرة ستؤثر علي كل المنطقة ،مشيرا إلي أن السودان دولة محورية مهمة وان الانفصال غير السلمي والتعاوني من شانه التأثير علي الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي والبحيرات العظمي .وطبقا لرسلان فان مبارك والقذافي يحملان رؤى قيمة ،لكنه أشار إلي عدم امتلاكه لأي تفاصيل عنها في الوقت الراهن ،لافتا أن ما يرشح منها هو ما يمكن أن يحدد طبيعتها واستبعد في ذات الوقت الكشف عن أي أجراء من تلك المقترحات . أكثر من رسالة وتطابق موقف رسلان مع موقف رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطني بمصر د.وليد سيد الذي ذكر في تصريحات صحفية أن كل من المؤشرات باتت تشير ألي أن الجنوب منفصل لا محالة وهو ما يستوجب العمل علي استمرار السلام في السودان وعدم العودة للحرب وقال :"اعتقد بان هذا هو الهم الأساسي لمصر ألان ". واعتبر أن زيارة مبارك والقذافي للخرطوم في هذا التوقيت بالذات تعكس حرص القاهرة وطرابلس علي سلام السودان ووقف وإغلاق أبواب التأمر المشرعة ضده وهو ما يستوجب أن لا يتخلي عنه أصدقاؤه وأشقاؤه مبينا أن القمة التي سيعقدها الرؤساء ستبحث استدامة السلام وتعزيز أواصره في السودان والمساهمة في حل القضايا العالقة بين شريكي الحكم ،كما سترسل رسائل لكل الأطراف الدولية بان السودان ليس وحيدا ،وثانية بان مصر لن تتخلي عن السودان في أزماته وستساهم معه في حل قضاياه حتى يتجاوز هذه المرحلة المهمة من تاريخه ،وثالثة لداخل السودان بان أكثر الأمور أهمية في المرحلة الحالية هو استمرار السلام والاستقرار . لا مطالبة بالتأجيل يوقع البعض أن يحمل الرئيسان ضمن محتويات حقيبتيهما الرئاسيتين طلبا لتأجيل الاستفتاء .وهنا يقول رسلان ل(السوداني )أن مصر ظلت تناصر علي الدوام وحدة السودان علي أساس المواطنة الكاملة وهي مستعدة في ذات الوقت لقبول نتيجة الاستفتاء ،لكن الرجل رد علي سؤال حول اعتبار اعترافهم بنتيجة الاستفتاء سيما أذا كانت نتيجته الانفصال بأنه بمثابة هزيمة من إسرائيل بشي من الغضب وهو يقول:"ظل الموقف المصري منذ البداية معارضا لمبدأ حق تقرير المصير وطلبت من واشنطون ومنظمة الإيقاد برفعه من طاولة التفاوض ..ولكن الحكومة السودانية سارعت بالتوقيع عليه وسبقتها علي تلك الخطوة القوي السياسية التي وافقت علي هذا المبدأ "وأضاف :)) لقد أصبح هذا الأمر خارج قدرات وسياسات مصر )). إستراتيجية دفاعية جديدة واعتبر رسلان أن انفصال الجنوب قد بات ((أمرا حتميا ))الأمر الذي يستوجب ويتطلب استراتيجيات (دستورية )كبيرة وجديدة ولكنه كشف عن وجود إستراتيجية دفاعية أمنية سودانية مصرية مرتقبة وأضاف :)تلك الإستراتيجية لا تستهدف أحدا كما أنها ليست ضد احد بقدر ما هي مسعى لتثبيت وحدة شمال السودان وتحقيق الأمن المصري بما يمكن وصفه بتحقيق توازن إقليمي ))حسب قوله . وذكر أن للزيارة أبعادا تتعلق بالتأثيرات المائية لدولة الجنوبالجديدة التي ستضاف لدول حوض النيل والتي أشار إلي أنها ستكون عرضة للاستقطاب الحاد بين مجموعة عنتبي المطالبة بعدم الاعتراف بالحقوق التاريخية المترتبة عن الاتفاقيات التاريخية من جهة والسودان ومصر من جهة ثانية مؤكدا أن المساعي تتجه لضمها أو بقائها في (الحياد)علي اقل تقدير ،مشيرا في ذات الوقت ألي أن دولة الجنوبالجديدة سوف ينصب همها في ترتيب أولوياتها وعلي رأسها محور الأمن والعمل علي تفكيك ما اسماه بسيناريوهات لتقسيم كل من دولة الجنوب والشمال لمجموعة دول تغيير النظام أم سلوكه ؟ ألا أن العميد امن (م)حسن بيومي لديه وجهة نظر أخري .واعتبر في تعليقه ل(السوداني )أن تلك الزيارة تأتي مكملة لحراك كثيف لكلتا الدولتين –ويقصد مصر وليبيا –في الأيام الماضية وان الزيارة تعتبر رسالة من قوي عظمي بصورة أو أخري وأضاف :"يمكننا أن نتساءل هنا هل هذه الرسالة تهدف لتغيير النظام أم سلوكه ؟"،وربط هنا بين الزيارة التي قام بها رئيس حزب الأمة القومي الأمام الصادق المهدي لكل من مصر وليبيا في الآونة الأخيرة ودعوته الأخيرة لتشكيل حكومة قومية . وحذر بيومي من مغبة عدم الوصول لحلول حول قضية آبيي وأضاف :"أن الحرب لا تستأذن أحدا "،وبدا واثقا من عدم قبول مصر لوجود دولة جديدة في حوض النيل .وحول مخاوف القاهرة من أيجاد علاقات دبلوماسية بين الدولة الوليدة بالجنوب وإسرائيل رغما عن وجود علاقات للقاهرة بتل أبيب نوه بيومي إلي أن وجود الاتفاق بين مصر وإسرائيل هو علي المستوي الرسمي فقط وهو مرفوض من قبل الشعب المصري ،مبينا أن إسرائيل تعمل بشكل عدائي ومستمر لتفكيك السودان وأضعافه ،مشيرا لإرسالها –أي إسرائيل –لمجموعات بهدف زعزعة استقرار السودان وذكر أن عملاء إسرائيل بالجنوب ((لديهم برنامج محدد لتنفيذه )) وقدم في ختام أفادته صورة قاتمة حينما وصف الأجواء الراهنة والتحركات الحالية بأنها ((تشبه تلك التي حدثت بالعراق قبل الغزو الأمريكي لأراضيه في مارس 2003م )). صيغة جديدة وقال مصدر دبلوماسي سوداني مطلع طلب حجب اسمه ل(السوداني )أن التوقعات تشير لإمكانية طرح مبارك والقذافي لعدد من المقترحات من بينها مطالبة البشير بالتخلي عن تطبيق الشريعة الإسلامية وربما أقناعه بالتنحي وتكوين حكومة قومية والبحث عن سبل لمعالجة ملف المحكمة الجنائية الدولية ،ولم تستبعد ذات المصادر أمكانية أن تحمل تلك المقترحات مفاجآت قد تفضي لتغيير المعادلات بالساحة السياسية . ولكن ذات المصدر اعتبر أن تبادل وجهات النظر بين رؤساء الدول الثلاث يعد أمرا مهما ومطلوبا في هذه المرحلة الحالية سيما في ظل الظروف الراهنة التي يتعرض فيها السودان لاستهداف خارجي كبير . ..وبغض النظر عما يرشح من تكهنات حول الأجندة والمقترحات التي يحملها كل من مبارك والقذافي خلال زيارتهما بالخرطوم والتي قد يصدق بعضها أو تثبت الأيام أنها كانت محض تخمينات ..فان انطلاقة المباحثات المشتركة صباح اليوم بمشاركة الزعماء الثلاثة وإخراج تلك المقترحات من داخل جوف الحقائب الرئاسية وحدها ستكون القول الفصل لما بين سطور تلك الزيارة التي من المؤكد بأنها غير عادية في ظرف استثنائي ودقيق وما علينا سوي الانتظار ولنري ماذا سيحدث في مقبل الأيام القادمات ... نقلا عن صحيفة السوداني بتاريخ :21/12/2010