دعوة الرئيس البشير إلى تكوين حكومة ذات قاعدة عريضة يتعين أن تجد القبول والاستحسان من أحزاب وكيانات المعارضة السودانية التي ظلت تتنادى منذ وقت ليس بالقصير بتكوين حكومة انتقالية ذات قاعدة عريضة تضع ضمن أهم واجباتها إدارة الأزمة المتوقعة بعد الانفصال الذي أضحى واقعاً يهدد استقرار البلاد، ويقوض معالم الاستقرار والسلام والأمن الذي تتطلبه استحقاقات العقد الجديد.. والحلم الفريد. ولم تتضح حتى الآن، طبيعة وشكل الحكومة ذات القاعدة العريضة التي دعا لها الرئيس البشير، إلا أن المتابع لتاريخ حكومة الإنقاذ يلحظ أنها في سبيل سعيها لاستقطاب المعارضة واحتوائها، لجأت إلى استمالة قطاعات ليست فقط هامشية وإنما أيضاً غير مؤثرة في سلم وجود المعارضة الحقيقية.. مما أدى إلى وجود انقسامات حادة في أوساط الأحزاب ووجود معارضة داخل المعارضة. خطاب الرئيس البشير في الذكرى الخامسة والخمسين لاستقلال البلاد حمل كثيراً من البشائر للشعب السوداني موشحة بالحسرة على انفصال الجنوب الذي بدا مزاجاً عاماً للجنوبيين.. وتمثلت البشائر، إضافة إلى الدعوة لتكوين حكومة ذات قاعدة عريضة، وفاء الدولة لكثير من التزاماتها التنموية، وعن اتخاذ قرارات وإجراءات اقتصادية وتشجيع الإنتاج، ورفع معدلاته وتحسين نوعيته، وتقديم مزيد من الدعم لذوي الدخل المحدود، والشرائح الضعيفة، والمعاشيين. وتفصلنا سبعة أيام فقط على استفتاء جنوب السودان، الذي يتطلب استعداداً أمنياً، رسمياً وشعبياً، للحفاظ على مكتسبات الاستقلال، واستحقاقات السلام، ومتطلبات الأمن، وضرورات الاستقرار. استقرار الوطن لا يتأتى ولا يتحقق إلا بإحراز السلام في إقليم دارفور الذي أصبح ضحية وكبش فداء لمراوغات الحركات الدارفورية المسلحة، ورفعها لسقف التفاوض، وإرهاق الوسيط القطري في سعيه الدؤوب للتوسط بينها وبين المؤتمر الوطني. المؤتمر الوطني استمرأ التفاوض المنفرد الذي أفضى إلى اتفاقية السلام الشامل المبتسرة، لم يستطع أن يحقق الاتفاق مع الحركات الدارفورية المسلحة، وكان من نتائج ذلك النهج الفردي أن استمرت أزمة دارفور في التفاقم والتصاعد على وتيرة تخطت المدى الزمني الذي حدده الرئيس البشير بنهاية شهر ديسمبر المنصرم. الحكومة ذات القاعدة العريضة التي فاجأ بها الرئيس البشير الشعب السوداني، يتوجب أن تنتقل موجباتها من الخطاب إلى الفعل، ومن الإقصاء الانتقائي إلى الاحتواء الكامل ومن المناطحة الفردية إلى المصالحة الوطنية الحقيقية. ومن المزايا المرئية للحكومة ذات القاعدة العريضة، وتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة أي طارئ يهدد أمن الوطن وسلامته.. خاصة أن أنظار العالم، والأقمار الاصطناعية تتجه نحو السودان لمراقبة ما يجري إبان الاستفتاء البائس. ويتحتم على المؤتمر الوطني والمعارضة التحلي بروح التعاضد والوئام الوطني.. لأن الانفصال قد يعني ذبول وأفول زهرة برية.. ولكنه لا يعني بأية حال زوال أمة، أو فناء شعب، أو الخروج من خريطة الوجود. المصدر: الشرق 2/1/2011