وبعد أن تبدت في الأفق نتيجة الاستفتاء وتبين أن ما تبقي من وقت فهو للإجراءات فقط.. فماذا سيكون مصير النخب الجنوبية من غير قادة (وأعضاء) الحركة الشعبية؟؟؟ اشتهر الدكتور بونا ملوال بعبارة شهيرة ما زالت تحفظها له الذاكرة الصحفية وقال فيها (أنا سأدعو الي انفصال الجنوب بكل ما أوتيت من قوة .. ويوم أن يتحقق الانفصال سأشتري بيتاً بالخرطوم وأسكن فيه مع أسرتي). فهل – وبعد أن رشحت نتيجة صناديق التصويت ومالت نحو الانفصال- سيشتري دكتور بونا بيتاً في الخرطوم ليسكن فيه هو وأسرته؟؟ وفي الخرطوم هنا بعيداً عن الجنوب هل سيغلق أدنيه حتي لا يسمع مالا يسره ويغلق أذنيه حتي لا يري ما لا يحب عن انعدام الأمن والمجاعات؟؟؟ وهل يكون الرجل بهذا الخيار وبهذا الصمت قد ورط شعب الجنوب في متاهات دولة (قد) لا تتذوق طعم الاستقرار .. بينما اختار بكل طواعية أن يخلد الي حيث الاستقرار؟؟؟. وما نريد الحديث عنه هو الحالة... وليس الشخص نريد حديثاً عن واجب المثقف الجنوبي تجاه أهله, وما تناولنا لدكتور بونا الا نموذجاً لذلك المثقف الجنوبي القادر علي إحداث الفرق ان أراد. بونا من قبيلة الدينكا.. وبهذا فهو ينتمي الي ذات القبيلة التي ينتمي إليها الفريق سلفا قائد ورئيس الجنوب..لا بل وينتمي الي ذات الفخذ من الدينكا التي ينتمي اليها كير.. وهي دينكا قوقريال. وبهذه العلاقة يفترض أن يكون الرجل من المقربين الي رئيس الحركة الشعبية. وبالطبع ليس الي كل رجالات وقادة الحركة الشعبية... فهناك أولاد قرنق الذين ينتمون الي قبائل مختلفة ويجمع بينهم مشروع موحد (أو قل مصير واحد) وهم لا يحبذون أن يكون لدكتور بونا أي علاقة بمستقبل الجنوب. كنا بنقول في شنو؟؟؟. نعم.. دكتور بونا كقائد جنوبي كان يري ضرورة أن يتم منح الجنوبيين حقهم في تكوين دولتهم عبر تقرير المصير حتي لو لم يشاركهم هو ذات المصير (حتي لو سكن في الخرطوم بعيداً عنهم). وبذلك يفتح دكتور بونا الباب واسعاً أمام واجبات القائد الذي تتوافر له فرص رؤي أوسع وكبر من شعبه.. فيري ما لا يرون, ويدرك مالا يدركون وبذلك تترتب عليه واجبات (إنذار مبكر) إذا كان في الأمر سوءة أو (بشريات مبكرة) إذا كان في الأمر بشري.. حسب ما يتوافر له من رؤي. وفي حالة دكتور بونا.. فمن المؤكد أن اختياره للعيش في الخرطوم يؤكد عدم مقدرته علي العيش في الجنوب, سواء كان ذلك لأسباب سياسية تتعلق به كقائد حزب منافس للحركة الشعبية, أو غيرها من الأسباب. أليس من حق شعب الجنوب علي الدكتور والأستاذ في الجامعات البريطانية (ومستشار الرئيس ) أن يبصرهم بسبب اختياره للعيش بعيداً عنهم..؟؟. أليس من حقهم عليه أن يجلس معهم ويبين لهم كل الاحتمالات المتاحة والتغيرات المتوقعة في معيشتهم وعلاجهم وتعليمهم في حال اختاروا الانفصال . ولأن الإجابات ما زالت غير مدركة.. فان علي الدكتور منصور خالد أن يضع أمامه أوراقاً بيضاء ليكتب فيها- وبأمانة – عن النخب الجنوبية وإدمان الفشل. نقلا عن صحيفة التيار السودانية 23/1/2011م