ربما سيكون أمراً ايجابياً وحضارياً أن تحتكم الحكومة السودانية إلي المحكمة الدستورية بشأن الجدل الدائر هذه الأيام فيما إذا كان من الصحيح – وفق الدستور- استمرار وجود المسئولين الجنوبيين في مؤسسات الحكم في الشمال (الجهاز التنفيذي والتشريعي) حتي التاسع من يوليو 2011 أم أن هذا الوجود الجنوبي في هذه المؤسسات ينتهي فور الإعلان عن النتيجة. فالتفسير متضارب الآن ما بين من يقول ان النصوص واضحة (نص المادة 226) وهي تدعو الي إلغاء كافة ما يتعلق بالجنوب بمجرد ظهور نتيجة الاستفتاء, وما بين من يقول (من جانب الحركة الشعبية) أن الأمر مرتبط بقيام حكومة الجنوب فعلياً في التاسع من يوليو موعد انقضاء أجل الفترة الانتقالية فعلياً . ولا شك أن الأمر لا يخلو من تعقيد فقد سكت الدستور وسكتت الاتفاقية بشأن الموقف بالنسبة للنائب الأول للرئيس, فإذا كان الأمر واضحاً بدرجة ما فيما يخص أعضاء البرلمان (وقد قطع رئيسه الأستاذ أحمد ابراهيم الطاهر بذلك) وواضح أيضاً بالنسبة للوزراء المركزيين باعتبار ان للرئيس صلاحية إبدالهم وفقاً لسلطاته الدستورية فان الأمر يبدو شديد التعقيد والغموض بشأن النائب الأول للرئيس الفريق أول سلفا كير ميارديت حيث لا يوجد نص قاطع الدلالة علي ما يتم بشأنه . صحيح أن الرئيس يملك صلاحية إقالته وصحيح أيضاً أنه – واقعياً – صار يمثل مصلحتين متعارضين بحكم رئاسته لحكومة الجنوب من جهة والرجل الثاني في سلطة الحكم في الشمال من جهة أخري وهو وضع شاذ للغاية وغير مقبول منطقياً ولكن علي الرغم من كل ذلك فان النصوص الدستورية لم تتعرض لاصراحة ولا ضمناً لهذا الوضع وهو ذات ما أشار به وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة حيث قال في برنامج إذاعي انه أمر غير منصوص عليه ومن ثم يحتاج لمعالجة من قبل الطرفين. هذه التعقيدات وبدلاً من أن تنجرف بتيار السياسة وتضطرب مركب الشراكة في ظل ظروف حرجة كهذه فان من الأوفق اللجؤ الي جهة قضائية محايدة والاحتكام إليها فلعل فيما يصدر منها من أحكام يضع حداً لهذا الخلاف الذي يصعب حله الا يتراضي كامل أو بحكم قضائي قاطع. وعلي كل فان الأمر فيه سعه والفريق كير لا يخلو من حكمه وبعد نظر فلربما كفي الجميع النزاع وتقدم باستقالته!!