حتى الآن لم يتم حسم الموقف بشأن المؤسسات السيادية و الدستورية فى السودان عقب إعلان نتيجة الاستفتاء إذا ما جاءت النتيجة مرجحة للانفصال. ففيما عدا إقرار البرلمان السوداني ومجلس الولايات فى جلسة مشتركة أن عضوية الجنوبيين فى المجلسين و البالغة و حوالي 99 عضواً سوف تسقط فور الإعلان عن النتيجة ، وقبل انقضاء فترة الانتقال التى تنقضي رسمياً فى التاسع من يوليو المقبل وفاءً لنص المادة (226) من الدستور الانتقالي سنة 2005 ، فيما عدا هذا فان الحكومة المركزية فى الخرطوم لم تحزم أمرها بعد بشأن النائب الأول للرئيس و الذى هو رئيس حكومة الجنوب أو الجهاز التنفيذي ممثلاً فى مجلس الوزراء و مسئولي الجنوب فى الحكومة الاتحادية . سبب هذا الموقف الذى لا يخلو من غموض ،هو غياب التفسير القاطع لنصوص الدستور الانتقالي سنة 2005 حيث تتمسك الحركة الشعبية بشدة بضرورة بقاء كافة المؤسسات (على ما هي عليه) عقب ظهور نتيجة الاستفتاء و إلى حين انقضاء الفترة الانتقالية فى يوليو المقبل. وقد أوردت صحيفة الصحافة السودانية -الأربعاء الماضي- خبراً قالت فيه إنّ وجهتيّ نظر الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني قد تطابقتا بشأن بقاء هذه المؤسسات حتى يوليو المقبل ، وأشار رئيس مفوضية التقويم والتقدير لاتفاقية السلام (ديريك بلمبلي) الى ان الطرفين (المؤتمر و الحركة) اتفقا على ضرورة استمرار كافة المؤسسات الاتحادية بذات تشكيلها الى حين انتهاء أجل الفترة الانتقالية . غير أن الأمر على هذا النحو لا يخلو من إشكالات و تعقيدات يصعب الدفاع عنها أو تبريرها، ذلك أن نتيجة الاستفتاء إذا جاءت انفصالاً ، فهي ستخلق واقعاً جديداً كلية يتمثل فى أن شريكا الاتفاق أصبحا – سياسياً و دستورياً – على طرفي نقيض كل منهما – منذ لحظة الإعلان هذه – بات كلٌ منهما يمثل مصلحة خاصة مختلفة تمام الاختلاف عن الآخر ، على الرغم من إدعاءات التعاون بين الشطرين و العلاقات الجيدة، والمسلسل المطول من النوايا الحسنة. هذا التعارض فى المصالح قمين بخلق تعقيدات بالغة بين الطرفين إذا كانا يتشاركان إدارة شأن سياسي على مستوي مركزي واحد. و من المهم هنا أن نشير الى أن سمة التجاذب و التعارض فى المصالح كانت واضحة طيلة فترة الشراكة المنقضية ، فما بالك بالفترة الحرجة المقبلة التى أدرك كل طرف فيها أنه قد أصبح يمثل دولة بذاتها ؟ إن من الضروري أن يتوصل الطرفان الى صيغة مناسبة بهذا الصدد ، إذ ليس من المنطقي مطلقاً أن تستمر الأمور بذات الصيغة القديمة فى مواجهة هذه المستجدات الصعبة !