*اجتاحت الثورة تونس ومصر ،إلا تخشون أن تمتد رياحها للسودان ،لاسيما وان هناك الكثير من الروابط بين الخرطوم والقاهرة ؟ - كل شيء في السياسة وارد ،ولكن لابد من الالتفات للاختلافات بين يلك الدول والسودان ،وعلي تلك التمايزاتطبيعة الأنظمة الحاكمة في كل بلد ،فتلك الأنظمة معزولة عن الجماهير ،ولا تستند علي حزب سياسي حقيقي ،بل تقوم علي مكونات متباينة وأجهزة أمنية ومجالس شعبية . * اذا سلمنا بذلك فان قوي المعارضة السودانية تمتلك قطاعات جماهيرية واسعة ،وتجربة سياسية راسخة ؟ - المتابع للمشهد السياسي يلحظ كيف ان الشعب السوداني اختار المؤتمر الوطني بكامل إرادته ،وهذا يمثل اكبر دليل علي فشل قوي المعارضة ،التي مازالت تلوح بالخروج للشارع وإشعال الثورة الشعبية ،وآخر مرة كان في السادس والعشرين من يناير بدعوة رئيس حزب الأمة القومي ،لجعله فاصلا ومنحه الحكومة خيارين أما الاستجابة لمطالبه ،او الإطاحة بها عبر الثورة الشعبية ،وجاء اليوم الموعود ومنحته الأجهزة المختصة الترخيص لقيام فعاليته السياسية ،ولم يحدث شيء غير ان زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي كرر حديثه وتهديده للحكومة ،دون إضافة أي جديد . *اذا لا تتوقعون نجاح القوي السياسية المعارضة في حشد المتظاهرين ضدكم ؟ - الثورات تحدث عادة بسبب الضغوط الاقتصادية وغلاء المعيشة ،إضافة للتضييق والكبت السياسي وعدم وجود الحريات ،وهذا ما لا يتوفر في السودان ،فالمؤتمر الوطني يمثل كل جماهير الشعب السوداني ،وهو حزب بمثابة وعاء جامع ،والانتخابات الأخيرة أكدت علي ذلك . *هل ستتجهون لحسم هذه الحركات مبكرا ؟ - هذه الأحزاب معزولة ،والسلطات الأمنية لن تحتاج للتعامل معها . * ولكن التحركات التي تمت حتى مساء أمس والمجموعات التي أنشئت ووجدت دعواتها استجابة تمثل أرقاما لا يستهان بها ؟ - هذه محاولات يائسة من الأحزاب السياسية التي حاولت التدثر بخلق هذه الحركات الشبابية الالكترونية المزعومة ،والتي نعرف عنها كل شيء ونعرف ان ابن مبارك الفاضل وجموعه من الشيوعيين يجلسون علي النت ويتحدثون عن خروج ثورة شعبية وخروج للشوارع ،وانا أؤكد أنهم في حالة خروجه فأنهم لن يتجاوزوا العشرات ،ولن يجدوا أي استجابة شعبية ،بل علي العكس من ذلك ،سيقابلون بالسخرية والاستهزاء . *ذات البداية كانت في ثورة مصر وتونس ،فالإعلام الالكتروني ومنتديات التواصل الاجتماعي كانت بداية الثورة ؟ - ما تراه حركات إعلام الكتروني ،ليست الا مجرد ستار للأحزاب اليسارية وابن مبارك الفاضل ،فهم ومن خلال ثمانية مواقع ومن خلال شخصين عملوا علي إرسال الرسائل وكل شيء وكان يمكن للمؤتمر الوطني ان يقوم بإرسال مئة فرد لغمر هذه المجموعات الالكترونية بالرسائل ،التي تندد بهم وبتحركاتهم. *هل تدرك الحكومة والحزب الحاكم مختلف السيناريوهات التي يمكن ان تحدث ؟ - نعم الحكومة جاهزة ،وستكون تحركات القوي المعارضة في حال حدوثها ،تحركات معزولة عن الشارع ،و(ان غدا –اليوم –لناظره لقريب ). *انت تتوقع ان تقوم الأجهزة الأمنية بحسم هذه التظاهرات منذ وقت مبكر ؟ - لا ..ولكن هذا يتوقف بالكامل علي شكل تلك التحركات ،فإذا كانت تحركاتهم بشكل سلمي فلن يتم التعامل بعنف معهم ،ولكني أؤكد لك أن جماهير الوطني ومؤيديه سترد عليهم بصورة سليمة قبل الشرطة . *كيف سيقوم المؤتمر الوطني والحكومة بالحشد والتصدي لهذه التحركات التي ستنطلق ؟ - المؤتمر الوطني حزب كبير وموجود فيكل شارع وفي كل حي ،واذا خرجوا بالعشرات ،سيخرجون لهم بالمئات ،سيجدونهم بالآلاف،وهؤلاء لا ينتمون كلهم للمؤتمر الوطني ،وما يجمعهم به ويدفعهم لذلك هو حرصهم علي تنفيذ برامجهم ،فالمؤتمر الوطني بعد الانتخابات الأخيرة بالنسبة لهم خيار سياسي . * في ظل إصرار المعارضة علي التحرك والتظاهر ،كيف سيبدو سيناريوهات المواجهة ،وهل يمكن ان يصل لمرحلة العنف ؟ -نحن كحزب وحكومة حريصون علي عدم حدوث أي عنف ،وعدم وقوع ضحايا ،واعتقد ان الأمور ستمضي بسلام ،وستحرص الأجهزة الحكومية علي ذلك ،كما ان الجماهير ستخذ لهم ،وفي المقابل ستخرج لهم جماهير الحزب لترد عليهم سياسيا وتردهم علي أدبارهم. * مقارنتكم لظروف التغيير بمصر مع نظيرتها بالسودان يبدو مجحفا، باعتبار الاختلافات الكبيرة في المعادلتين؟ = نعم السودان ظرفه السياسي مختلف عن بقية هذه الدول مع العلم أن السودان لديه تجارب لثورات شعبية سلمية في أكتوبر 1964م وانتفاضة ابريل 1984م، كما أن التغيير في السودان أكثر تحركاً من هذه الدول، فمنذ انقلاب الجبهة الإسلامية اندلعت محاولات التغيير العسكري في الجنوب عبر الحركة الشعبية وبعدها خاضت قوى المعارضة الشمالية عبر التجمع الوطني الديمقراطي للكفاح المسلح وحررت بعض المناطق، لذلك عملية التغيير مختلفة في السودان وعبر هذه التجارب السابقة عرفنا أن العمل المسلح تجربته باهظة لذلك نسعى لأي تحركات سلمية تعزز مطالب التغيير الديمقراطي. * الشعب لن يستجيب لكم لأنكم قوى معزولة؟ = نحن خلال صراعنا مع المؤتمر الوطني استطعنا أن نخلق عزلة بينه والشعب وهو الآن تخلي عن مشروعه الأيدلوجي ((المشروع الحضاري)) وعمل على تزوير الانتخابات التي كانت فرصة لإحداث تحول ديمقراطي سلمي يخرج البلاد من أي مخاطر، بجانب رفضه لدعوات المعارضة لإحداث إصلاحات، لذلك التجربة التونسية والمصرية هي الحل للأزمة السودانية وان حديث قيادات الوطني عن عدم قدرتنا للخروج للشارع موجهة لعضويته في المقام الأول حتى تتماسك. * الوطني جاء عبر الانتخابات شرعية ومعترف بها والمعارضة هزمها الشعب عبر اختياره للمؤتمر الوطني؟ = الأنظمة في تونس ومصر قالت مثل هذا الحديث وهو للاستهلاك السياسي فقط ويطلقه من يهدد الناس بعدم الخروج للشارع وتعاملوا مع الانتخابات (بغناء) وقاموا بتزويرها على الرغم أنها كانت فرصة لتوسيع دائرة المشاركة في السلطة لكل فئات الشعب السوداني وقواه السياسية الآن عمليات التزوير يدفع ثمنها المؤتمر الوطني عبر الغضبة الشعبية. * أنتم معزولون من الشارع؟ = الشارع قد لا يكون كله معارضة وفي تونس خرج الشعب وليس الأحزاب والأحزاب في السودان ضعيفة بفعل القمع السياسي الذي مورس عليها بجانب مصادرة الحريات ولكن الحراك العفوي للجماهير سيصنع التغيير والشعب السوداني متحضر وواعي ويمكنه أن يقود التغيير إلا أنه في حال وجود أحزاب قوية سيكون الأمر مختلفاً لأنها ستمهد لتغيير سلمي بعيد عن انفعالات الجماهير التي قد تقسوا على المؤتمر الوطني أكثر من الأحزاب المعارضة. * المؤتمر الوطني قال انه سيرد عبر جماهيره التي تمثل أغلب أهل السودان؟ = المؤتمر الوطني لم يترك منبراً سياسياً أو أي مناسبة دون أن يستعرض جماهيره عبر اللقاءات السياسة وهو يستخدم إمكانيات الدولة لحشد هذه الجماهير ويقول أن لديه خمسة ملايين عضو وهم أغلبهم موظفون في الدولة ورجال أعمال يخافون على قوت يومهم وإذا ذهبت السلطة منه لن يجد أحداً معه لأنها ليست ملتزمة سياسياً ولا يربطها معه إلا المصالح وأول ما تختفي هذه المصالح سيترك في العراء. * البعض يتهمكم بأنكم تريدون من الشباب الخروج وتأتون لتركبوا الموجة وتسرقوا الثروة بعد أن يدفع الشعب الثمن؟ = الشباب السوداني أكثر الفئات تظلماً من هذا النظام فالآلاف منه يعيشون في فقر وعطالة وأغلب خريجي الجامعات لا توجد لهم وظائف ومن يعمل منهم يكون في مهنة هامشية، وإذا أتيح له التغيير فسيقوده بكل قوة وحكمة وهذا الأمر عهدناه عبر ثورة أكتوبر وانتفاضة ابريل وطوال سنوات الإنقاذ كان الشباب خاصة في الجامعات يقودون حركات الاحتجاج ومناهضة مشاريع النظام وأفكاره وهم أكثر استعداداً لهذه القيادة والأحزاب السياسية لن تقف مكتوفة الأيدي من هذا الحراك السلمي وستدعمه إلى أن يحدث التغيير. * الأجهزة الأمنية تحذر من المساس بالأمن وخلق الفوضى؟ = نحن شعب واعي ومتحضر ولدينا تجربة كبيرة تسبق هذه الدول الثائرة في التحركات السلمية، لذلك فإننا سنتصدى لأي محاولة للتخريب والشعب سيحمي ممتلكاته الا اذا عمل النظام على خلق فوضي منظمة عبر إرسال كوادره وزجهم وسط الشباب لخلق التشويش ولكن اذا خرج الشعب السوداني لن يدمر بلده ولن يخرب الممتلكات العامة. نقلاً عن صحيفة السوداني 30/1/2011م