اتفق 22 حزبا سياسيا بجنوب السودان في مؤتمر عقد في جوبا في أكتوبر/تشرين الثاني 2010 على إجراء إحصاء سكاني وانتخابات جديدة وإعادة صياغة الدستور بعد الانفصال المتوقع عن شمال السودان. كما وافق المجتمعون على تشكيل حكومة انتقالية موسعة لفترة ما بعد الانفصال يتزعمها رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت لحين إجراء انتخابات جديدة. غير أن ناشطا في منظمات المجتمع المدني قال للجزيرة نت إن "الفترة الانتقالية لاتفاقية السلام التي استمرت ست سنوات أثبتت ممارسة أحادية للسلطة من قبل الحركة الشعبية لتحرير السودان ورفض وجود الأحزاب السياسية، كما ظهر إبان الانتخابات الأخيرة التي شهدت جملة اعتقالات تعرض لها السياسيون في الجنوب". وأبان فارسكولا "قرائن الأحوال تشير أيضاً لاتجاه الحركة الشعبية لإغلاق منافذ التعددية من خلال تنصلها من مقررات الحوار (الجنوبي الجنوبي) بتشكيل لجنة دستور الجنوب ويبدو أنها قررت صياغته لوحدها دون أحزاب أخرى". وأشار إلى أن "مستقبل التعددية في الجنوب يترتب عليه عقد المؤتمر الدستوري، وتضمين الحريات السياسية في الدستور، وتداول السُلطة، وحرية التعبير والتنظيم، مع ضرورة إبعاد الجيش من الحياة السياسية". أتيم قرنق قال إن دولة الجنوب ستقوم على التعددية والتنوع (الجزيرة نت) مشاركة حزبية ويرد القيادي بالحركة الشعبية أتيم قرنق بأن "الحكومة الحالية بجنوب السودان ليست كلها من الحركة الشعبية، فهناك عدد من الأحزاب التي شاركت في الانتخابات الأخيرة سواء حصلت على أصوات أم لم تحصل، لكنها ظلت شريكاً مع الشعبية في حكم الجنوب". وقال قرنق للجزيرة نت إن حزبه يقرّ، ويعترف بالتعددية والتنوع، مشيرا إلى أن الحوار (الجنوبي الجنوبي) كان منبراً مفتوحاً لمشاركة كل الأحزاب في صنع القرار، ولا يزال موجوداً، ويمكنه الاستمرار". ووفق القيادي الجنوبي فإن "المرحلة القادمة تعتمد علي قوة البرامج المطروحة من قبل الأحزاب، وتلبية تطلعات الناس وأحلامهم، لكنّ القضية الآن هي الاتفاق على الأمن والاستقرار وتأسيس دولة تتميز بعلاقات جوار متوازنة". مسارات التعدد ويرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية حسن الساعوري أن عدّة نقاط تتحكم في مسارات التعدد السياسي أولها أن الجيش الشعبي (الجناح العسكري للحركة الشعبية) هو الممسك بمفاصل الحكم في الجنوب، ويعتقد أنه حرر الجنوب وأوصله إلى الدولة، وسيظل منحازاً للحركة الشعبية التي ستظل صاحبة اليد العليا بالديمقراطية أو بغيرها، مدللاً بقولة "تجارب آسيا وأفريقيا أكدت أن أجنحة التحرير من الصعوبة أن تتنازل عن السلطة". حسن الساعوري يرى استحالة نظام ديمقراطي ما لم تشرك كل المكونات (الجزيرة نت) واعتبر أن الجيش الشعبي تقوده قبيلة الدينكا الأكثر نفوذا بالجنوبً، وتعتبر صاحبة الأصالة، ولو أُجريت انتخابات ديمقراطية ستكون الغلبة لها. أما قبائل النوير والشلك والقبائل الاستوائية الصغيرة فلديها تاريخ حافل من الحروب والثارات القديمة مع الدينكا ولا تقبل بسيادتها، كما أنها لا تقبل بالنظم الديمقراطية. ويؤكد الساعوري أن الأحزاب السياسية الجنوبية قائمة على القبيلة، مما ينعكس على النظام السياسي الذي سيكون تبعاً لأعراف القبيلة، وفقاً لقاعدة (الأكثرية مقابل الأقلية). ويشير في جانب أخر إلى تأثير الحركات المسلحة في القبائل المنافسة للدينكا، والمتمردين في الجيش الشعبي الذي شهد خروج ثلاث قيادات في ولايات الوحدة وجونقلي والبحيرات. ويخلص الساعوري بالقول إن هناك استحالة لنظام ديمقراطي في الجنوب يعترف بالتعددية، وإذا لم تتنازل الحركة الشعبية لتلك القبائل والحركات والأحزاب الصغيرة لإشراكها في السلطة ستستمر الحروب الأهلية وقد يضطر المجتمع الدولي للتدخل ويتوقع أن يكون هو السلطة لمدى طويل.