ناقش فقهاء وعلماء في ندوة بالبرلمان السوداني المفهوم الشرعي للتمويل بالقروض نظمتها اللجنة الاقتصادية بالبرلمان الاسبوع الماضى ، واتفقوا على جواز فقه الضرورة كمبدأ تعامل اضطراري لحصول الدولة على قروض خارجية بفائدة، واشترطوا استنفاذ الدولة لكافة البدائل المشروعة في الحصول على قروض والتزامها بالاولويات والاحتياجات الملحة وترشيدها للصرف، في وقت عارض فيه نواب مبدأ فقه الضرورة في قبول الربا ورأوا انه ليست من ضرورة تتيح التعامل البربوي مهما كانت الاسباب، وشددوا على ضرورة التزام الدولة بالشرع في تعاملاتها المالية. واكد بروفيسور احمد علي الامام رئيس مجمع الفقه الاسلامي في حديثه امكانية ان تقترض الدولة قرضا ربويا بشرط ان تكون الضرورة حقيقية، لكنه شدد على ان المصارف ملزمة بحكم الحلال في تعاملاتها وان المصرف المركزي مسؤول من اداء سائر المصارف. واوضح الامام انه يجوز التعامل مع غير المسلم في المعاملات الربوية مع الاجتهادات الشرعية قائلا (ان للضرورة احكام وان الضرورة تبيح المحظورات) واوضح رئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر في كلمته انه لم يعد بمقتضى القانون ان يسمح ان تعمل مصارف بغير صيغ الشريعة في الشمال. ودعا الطاهر للنقاش للوصول لتحديد المدى الممكن لقبول التشريعات التي تأتي بقروض بسعر الفائدة. فيما قال احمد علي عبدالله رئيس دائرة هيئة الرقابة الشرعية العليا للمصارف ان العلماء اجمعوا على ان اي قرض جر منفعة فهو ربا والفائدة التي تؤخذ علي القروض ربا، وشدد ان على الدولة توظيف اموالها بالصورة المثلى قبل اللجوء للاقتراض بالفائدة وان يحدث في ميزانيتها ترشيد لانفاق للمال العام واستنفاد لكافة البدائل المشروعة . من جانبه شدد البروفيسور ابراهيم الضرير على ضرورة التثبت من الضرورات، مشيرا الى ان المسؤولية تقع على عاتق المجلس الوطني والفتوى التي تصدر أعطت الجهاز التنفيذي أمر تقدير الضرورة وان البرلمان مناط به مراقبة هذه الضرورة وان الكرة الآن في ملعبه. من جهته حذر عضو مجمع الفقه حسن احمد حامد من ان يؤدي التعصب في التعاملات المالية الخاصة بالقروض الى سقوط الدولة، لكنه اكد ان التساهل من شأنه ان يفتح الابواب. ودعا نائب رئيس البرلمان محمد الحسن الامين بان لا يذهب الناس بالتفسيرات بعيدا حتي لا يقعوا في الحرام، واضاف الامين بالقول لا ارى ضرورة تعتبر ان الضرورات تتيح المحظورات. فيما اشار عضو البرلمان يحي محمد الحسين الى ان العلماء مطالبون باعادة النظر في الصيغة بمجملها. واوضح الحسين ان كل البنوك التي تعمل في تجارة خارجية تتعامل مع بنوك تتعامل بطرق اخرى غير شرعية، وشدد علي ان الفتوي يفترض ان لا تكون للدولة او المؤسسات وانما للمواطنين. وطالب عضو البرلمان المكاشفي طه الكباشي بضرورة الحذرفي فتوى فقه الضرورة وان تؤخذ كل فتوى أو أمر على حدا، مشيرا الى ان بعض الدوائر الاجنبية بدأت تعمل بالنظام الاسلامي. من جهته شدد عضو البرلمان من دوائر الحركة الشعبية غازي سليمان على ضرورة مراعاة المواثيق الدولية التي تتحكم في المعاملات المالية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مشيرا الي ان الحكومة ملزمة بالتعامل مع هذه المؤسسات الدولية. واكد ان سلامة اقتصاد السودان وتحسنه وشهادة الصحة الاقتصادية التي نالها من البيوتات الاقتصادية العالمية هي التي اهلته لنيل القروض. فيما رأى العضو صالح ابراهيم انه لا خلاف في حرمة الربا وان الخلاف محصور في تقدير الضرورة، ورأى ان تقدير الضرورة يفترض لها ان تتم من قبل العالم، ودعا لضرورة ان يقف الناس عند فقه الضرورة. وشددت بدرية سليمان رئيسة لجنة العدل والتشريع بالبرلمان على ضرورة تقنين الضرورات واضافت نحتاج عند الحديث عن الضرورة ان تكون الفتوى ظاهرة. ودعت لضرورة التأكد من موارد الدولة وتوظيفها للضرورات، ودعت الجهاز التنفيذي ان يتيقن من شرعية القروض التي يوقعها قبل اجازة الاتفاقيات الخاصة بها.