في الوقت الذي تعج فيه ردهات مجلس الأمن بالآراء المتقاطعة حول فرض حظر على الأسلحة الواردة الى السودان، صحت الخرطوم أمس على نبأ وصول طائرة من سلاح الجو الاثيوبي ماركة انتنوف (12) تحمل أسلحة قدّرتها الزميلة (أخبار اليوم) ب15 طن من أسلحة المدفعيات, والراجمات وذخائر المدفعية المضادة للطائرات والدروع, بحسب مصادر تحدثت اليها. وهو ما يعيد الى الاذهان حادثة السفينة الاوكرانية التي تحمل أسلحة هي الاخرى، وتم اختطافها بواسطة قراصنة صوماليين, قبالة سواحل الصومال. جالت كل هذه التداعيات في خاطري مما جعلني أهاتف اللواء بيور أجانق نائب رئيس هيئة الاركان للوجستيات, مستقصيا منه الحقيقة فأوضح أجانق للأحداث "أن الطائرة الموجودة الآن بمطار جوبا, هي طائرة تحمل معدات وذخائر عسكرية, مصنعة في دولة اثيوبيا, من أجل معرض تسويقي تنظمة إثيوبيا بالتعاون مع الجيش الشعبي، وان قوات المراقبة التابعة للامم المتحدة قامت بإحصاء جميع الذخائر الموجودة على متن الطائرة وفقا لارقامها المتسلسلة, وكمياتها لحظة وصولها المطار, وستقوم بعثة يوناميس بإعداد كشف مماثل لحظة مغادرة الطائرة مطار جوبا في طريق عودتها بعد انتهاء أيام المعرض". إذن فالامر معرض تسويق سلاح ليس أكثر ولا أقل, لكن هذا لم يعفني من سؤال بيور أجانق عن احتمال تغيير الذخائر واستبدالها بأخرى عند مغادرة الطائرة, ضحك بيور أجانق ضحكة مجلجلة، وقال "هذا الأمر ليس وارد في حساباتنا أصلا, ورغما عن هذا, فإن بعثة اليونميس الموجودة بمطار جوبا أعدت كشفا يحتوي الكميات لحظة الوصول وستقوم بمقارنته بالكشف الذي سيعد لحظة مغادرة الطائرة, مع مقارنة الارقام المتسلسة للذخائر". وكان نائب رئيس حكومة الجنوب د. رياك مشار قد تحدث الى راديو مرايا حول نفس الموضوع، وتساءل عن السبب من هذه الضجة، وهو يقول "لو ثبت أن الأسلحة تتبع للجيش الشعبي فليس في الأمر مشكلة، لأن اتفاقية السلام تجيز للجيش الشعبي تسليح نفسه من أي مصادر خارجية. كما أن الجيش الشعبي لا يحتاج إلى التنسيق مع القوات المسلحة في استيراد الأسلحة، لأن القوات المسلحة لم تنسق مع الجيش الشعبي حينما استوردت طائرات مقاتلة مؤخرا". وكان متحدث باسم مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة قد رفض التعليق على الخبر, وقال "الخلافات حول التسليح تدخل في الإطار السياسي". ونحا المتحدث باسم بعثة يوناميس براين كيلي نفس النحو، وهو يرفض التعليق على الخبر عندما هاتفته (الأحداث) وقال "لاتعليق". الشاهد في هذه القضية هو ان الجيش الشعبي قبل بفكرة أن يعرض الاثيوبيون إنتاجهم الحربي عليهم, حتى إذا رغبوا في شراء أسلحة أن يكونوا على علم بالانتاج الاثيوبي الذي يوفر الكثير من الاموال بحسب اللواء بيور أجانق, لكن الرغبة الجامحة للتسليح التي اعترت الجيش السوداني, والجيش الشعبي تثير القلق على مستقبل السودان, خاصة وانه ليس هناك أي حصار عالمي يمنع شمال أو جنوب السودان من الاحتفاظ بجيوشهما, حيث ان الحظر العالمي الوحيد على التسلح والذي يشمل الحكومة والحركات المسلحة يسري على الصراع فى اقليم دارفور. وحول هذا الموضوع تقول جيل لاسك من مؤسسة (رسالة أفريكا كونفيدنشال الاخبارية) ومقرها لندن بحسب وكالة رويترز للأنباء إن “الخرطوم تزيد من أسلحتها كثيرا في الآونة الأخيرة. و كانت تشتري معداتها من اوكرانيا. وتشتري الكثير من الأسلحة روسية الأصل." وتشير جيل لاسك في هذا التقرير الى اتفاقيتين للتعاون العسكري وقعتهما الخرطوم مع ايران العامين الماضيين. وان الجيش السوداني لديه الآن اكتفاء ذاتي من الاسلحة التقليدية، وبدأ يحشد صواريخ وطائرات مراقبة دون طيار. وساعده في ذلك ارتفاع أسعار النفط وزيادة الانتاج الحكومي في حشد ترسانته العسكريه, انتهى. ولفهم تداعيات هذه الهرولة للتسليح نجد تفسيرا منطقيا للأمر فيما نشرته صحيفة (الشرق الاوسط) اللندنية أمس على لسان مصادر قالت إنها قريبة من الحركة الشعبية "هنالك ثلاثة سيناريوهات تتحسب لها الحركة الشعبيه, أولها أن جهات سودانية شمالية مؤثرة قد تدعم رئيس الحركة الفريق سلفاكير ميادريت, الذي سيترشح ضد المشير عمر البشير, وإذا حدث ذلك فإن فوز سلفاكير سيكون مرجحا, وهو أمر ربما يدعو المؤتمر الوطني للتدخل وحماية البشير, وتعديل النتيجة على هذا النحو ربما يعيد السودان الى الحرب"، ويضيف المصدر للشرق الأوسط أن السيناريو الثاني بعد إجراء الاستفتاء على الجنوب 2011, فإذا صوت الجنوبيون للانفصال قد يغضب الشماليون، مما يمكن أن يعيد السودان الى الحرب أيضا". المصدر: جريدة الأحداث - عمار عوض