سلطة الطيران المدني تصدر بيانا حول قرار الامارات بإيقاف رحلات الطيران السودانية    القائد العام يشرف اجتماع اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمات بولاية الخرطوم – يتفقد وزارة الداخلية والمتحف القومي    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    تشكيل لجنة تسيير لهيئة البراعم والناشئين بالدامر    هل تدخل مصر دائرة الحياد..!!    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    بدء برنامج العودة الطوعية للسودانيين من جدة في الخامس عشر من اغسطس القادم    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعالجات الإعلامية للظواهر السالبة
نشر في السودان الإسلامي يوم 06 - 10 - 2010

لم تقدم بحوث متخصصة من قبل تحت هذا العنوان على وجه التحديد و لكن ظل مضمونه يظهر بتجليات شتى و يشغل بال الدولة و مؤسساتها و أجهزتها و المجتمع و منظماته و هيئاته و الوسط الصحفي و جمهور القراء ، و تعالت أصوات كثيرة جداً منادية بالإصلاح و إدراك المعالجات الإعلامية للظواهر السالبة حتى لا تصبح هي ذاتها جزءاً من المشكلة و حافزا لإنفجارها و ليست جزءاً من الحل و العلاج الناجع لها.
تهدف الورقة إلى التصويب نحو الظواهر السالبة المتفق على سلبيتها و المختلف حول طرق المعالجات الإعلامية لها بين ممارسي المهنة و محترفيها الذين يرون في النشر و مكاشفة المجتمع و صناع القرار بالظواهر السالبة في حجمها الحقيقي مدخلا لمعالجتها و ما بين المدارس الرسالية و المبدئية التي ترى أن الصحافة يجب أن تكون محكومة بقواعد الستر و بسط الطمأنينة الإجتماعية و تفادي التهويل و الإثارة قدر الإمكان و الكف عن الفت في عضد الأمة.
السودان مصنف دوليا – حسب المراصد المعتدلة- أنه يفوق جيرانه الإقليميين و العرب في وجود صحافة فاعلة و قوية و مؤثرة ، تتمتع بحريات نسبية تتخللها كثير من الإنتهاكات . و يضع الإتحاد الدولي للصحفيين الإنتهاكات في السودان في فئة الخلل في (سيادة القانون) مع وجود تشريعات ديموقراطية و لم يتهم السودان ب (الفراغ القانوني) إلا في جنوب السودان و في حالات محددة و مرصودة.
تجربة السودان في الصحافة الاخلاقية تعتبر تجربة معيارية على مستوى أفريقيا جنوب الصحراء ، و الصحافة الاخلاقية (Ethical Journalism Initiative ) مبادرة أطلقها الإتحاد الدولي للصحافيين عقب نشر الصحف الدانماركية للرسومات المسيئة إيمانا منه بعجز التشريعات و الدساتير عن معالجة قضية الحريات التي تستدعي إلتزاما أخلاقيا من أصحاب المهنة دون المساس بالحريات المكفولة لهم . و تعتبر لجنة مسائلة و محاسبة الصحافيين وفق ميثاق الشرف الصحفي في الإتحاد العام للصحافيين السودانيين تطبيقا للصحافة الأخلاقية تعترف به المنظمات الإقليمية و الدولية كما يعتبر ميثاق الشرف الصحفي السوداني مرجعا من المراجع المعتمدة في هذه المبادرة الدولية (راجع ifj.org )
إضاءات حول بعض المفاهيم و المصطلحات
معالجة الأخبار: هي عملية تقييم البيانات و المعلومات و استكمالها و صياغتها و إخراجها في قالب خبري لم يتم حتى الآن صك المصطلح (المعالجات الإعلامية) و لكنه يعني القيام بمعالجات خبرية أثناء العملية الإعلامية أو في خطواتها الأخيرة. نلاحظ أن عملية التخطيط للخبر و إعتماد المصادر و استخلاص المعلومات ليست جزءا من معالجة الخبر أو المادة الإعلامية التي نعنيها و لذلك دائما ما يستخدم مصطلح معالجة للتعبير عن خطوة مهنية في صناعة المادة الصحفية قبل إخراجها النهائي ، و يدل هذا المصطلح على مقدرة الصحفي أو مطبخ الصحيفة على التصرف المهني المحمود في المادة بما لا يهدر مصداقيتها و لكن بغرض إعادة توجيهها و ضمان ردود أفعال و نتائج محددة لها وسط جمهور القراء.
وفقا لهذا الشرح و التقييم فإن الصحف مسئولة عن ردود الأفعال و النتائج المتوقعة لما ينشر فيها من مواد و ذلك تأسيسا على فرضية هامة و هي مقدرتها على المعالجة الإعلامية المسبقة. و على هذا المفهوم تتأسس الفروض الوطنية و الاخلاقية الملقاة على عاتق الصحف و هي تمارس عملية المعالجة الإعلامية لما ينشر فيها.
الظاهرة:
يميل الباحثون لوصف السلوك الإجتماعي بالظاهرة إذا لم يترسخ في المجتمع و لم يصبح عادة من عاداته أو لم يتصالح المجتمع معه بصورة نهائية . و بالرغم من إحتمال هذه المفردة لمعان إيجابية إلا أنها دائما تستخدم لوصف السلوك الجماعي السالب.
و عليه يتم ترتيب السلسلة على النحو التالي:
1- حدث معزول أو عدد من الأحداث غير المرتبطة ببعضها.
2- أحداث مرتبطة ببعضها تكتسب ميزة التكرار و تدفع بشبه يقين أنها ستتكرر.
3- الظاهرة الكاملة بعد أن تتخذ لنفسها إسما و اوصافا محددة.
4- العادة المجتمعية أو العرف الراسخ
5- التشريع القانوني أو الدستوري المؤسس على أعراف و تقاليد.
الظاهرة السالبة:
هي السلوك الجماعي السالب أو هي سلسلة من الأحداث المتشابهة المترابطة قد تصل درجة الجريمة أو قد تتقاصر عنها إلا أنها في كل الحالات تدل على أمر مذموم .
توطئة ... إشكاليات الإعلام المعاصر
قبل أن ندلف إلى ثنايا هذا الموضوع لا بد من تسليط الضوء على الإشكالية الأساسية في أنماط الإعلام المعاصر و التي دائما ما تخلق التوتر و القطيعة بينه و الإصلاحيين خاصة في المجتمعات الإسلامية .
بالرغم من كثافة ما كتب في هذا المجال إلا أن النقد كان دائما ما يصوب نحو شرعية و أخلاقية المواد الإعلامية (الحكم على المنتجات و المخرجات) و لم تتطرق الكتابات الناقدة إلى جوهر الخلل أو قل المفارقة بين الإعلام المعاصر و التصورات المبدئية الإسلامية و الأخلاقية.
لقد تناول هذا الجانب بكثير من العمق العلامة عبد الوهاب المسيري في مؤلفه القيم "العلمانية الجزئية و العلمانية الشاملة" و خلص للآتي:
1- علمنة التوجهات الإعلامية تكمن في افتراض حاجة خبرية يومية متكاملة لدى المواطن لا بد من إشباعها و يؤدي هذا لإلتزام الصحف و المؤسسات للإلتزام بجرعة إثارة يومية
2- من غايات الإعلام العلماني التطبيع مع العنف بنشر أخبار الجريمة و التطبيع مع الإباحية بنشر أخبار الجنس اليومية حتى و لو في قوالب جرائم مدانة أو ظواهر منتقدة.
3- عزل الفرد و المجتمع عن خصوصيته و جعل (البراني و الجواني) واحدا
الخلاصة هي صناعة فرد فاقد للخصوصية و علاقته مع العنف و الجنس طبيعية و يومية ، لديه نهم و تلهف دائم لخدمات خبرية تلبي حاجته. لمزيد من التوضيح يقصد المسيري بالعنف كل أنواعه حتى العنف اللفظي الذي يتجسد في المخاشنات و المساجلات بين نجوم المجتمع و ربما يشمل حتى العنف القانوني بإنفجار منازعات قضائية مستمرة.
تحت هذا المجهر الذي ارتكز عليه المسيري نكتشف أن العطب الأساسي يكمن في القوالب المهنية و الشكلية و الزمنية للإصدارات الصحفية و هذا يعني أن تحرير هذه الإصدارات من التوجهات العلمانية أو المعادية للقيم و الاخلاق لا يكفي طالما أن الصحف لديها (مثلا) أبواب ثابتة (جريمة و حوادث) ، و ربما أكثر تخصصا (جرائم أسرية) أو (جريمة من خارج الحدود) أو (خيانة زوجية) ، و في أخبار الفنون مثلا لا بد من الإلتزام بعمود عن ملاحظات عن سلوك النجوم و خبر عن نزاع حول ملكية أغنية أو عمل فني ، و كل هذه القوالب تبحث عن ضحايا و قرابين يومية يجب أن تتوفر إرضاءا للقاريء الذي أعيد تشكيل وجدانه لتزداد شراهته يوما بعد يوم.
حتى الصحافة السياسية الشاملة التي تبدو أكثر أناقة و رصانة في إخراجها قد تلتزم بعمود أو جرعة أسرار و مشاغبات فيلتزم المحرر بنشر أخبار صراعات مكتومة في المجتمع أو المبالغة في أحداث بعينها مما يجعلها ظاهرة كاملة.
و مع هذه الصورة الكالحة لواقع الصحافة كمهنة و تخصص هنالك افتراض أساسي و هو أن الإصلاح عن طريق الإنعزال و تحطيم هذه المدارس الموجودة متعذر و متعسر ، و لا بد رضينا أم كرهنا أن نمر بفترة تصالح مع الانماط الصحفية الموجودة مع تطويرها و تعديلها.
أضف إلى هذا أن كبت القاريء و دق إسفين بينه و بين الصناعة الوطنية الصحفية على علاتها سيجعله عرضة لإجتياح ثقافي كامل يقضي على هويته بالضربة القاضية فهذا العصر لا تصلح فيه لغة المنع و التوقيف بمقدر ما تصلح فيه لغة الخيارات المتعددة و المنافسة و التسويق للجديد.
و في هذا السياق و رغم المرونة المطلوبة على الصعيد العملي تبقى خطورة (علمنة الإعلام) لا تقل عن علمنة السياسة ، فهذه تعرف بأنها اللادينية السياسية و هذه تعرف بأنها اللادينية الإعلامية .
قراءة الواقع .. و تصحيح قراءة الواقع
من زاوية...هنالك أوجه خلل في المعالجات الإعلامية للظواهر السالبة ، هذا هو الحكم المنتشر و المتوافر دوما في مواجهة الصحف خاصة الإجتماعية و الفنية و الرياضية ، و يعتقد البعض أن الصحافة الإجتماعية بالذات تتحمل وزرا مقدرا في إفساد المجتمع لأنها لم توفق في المعالجات الإعلامية للظواهر السالبة مما أدى و يؤدي بإنتظام إلى تفاقمها .
ظلت جبهة من أئمة المساجد و الدعاة تنتقد هذه الصحف بإنتظام و تصفها بالصحف الصفراء و هو أسم متعارف عليه عالميا ، و تدفع بالدولة و أجهزتها للحد منها و ربما إغلاقها.
و يرى عدد من الخبراء و الاكادميين أن هذه الصحف في غالبها تفتقد المهنية و تعتمد على نقل مباشر لما يحدث من ظواهر سالبة و ربما تضخم من حجم الظاهرة رغبة منها في زيادة أرقام التوزيع و تحقيق نجاحات مادية ، كما أنها تعتمد على اللغة الساذجة البسيطة و الصورة أكثر من الثقافة و المعلومات الموثوقة.
من زاوية أخرى .. في الوقت الذي يتحدث فيه المتخصصون في الشأن الإعلامي عن التسطيح و السذاجة في لغة بعض الصحف الإجتماعية تفتخر هذه الصحف بأنها لا تترفع على القاريء و لا تخاطبه بلغة معقدة و لذلك فهي رفيقة القاريء و في بعض الاحيان رفيقة الأمي أو شبهه بإعتمادها على الصورة الضخمة الكبيرة مع مواد سهلة يمكن تداولها بالألسن و هذا يزيد من نسبة الوعي و التواصل الحضاري لشرائح كبيرة و يؤسس لقنوات تخاطب جماهيري حرة و مفتوحة و زهيدة
هذا بالإضافة إلى نشر الصحف الإجتماعية للأخبار الداعمة للمروءة و الخصال الحميدة في المجتمع مثل قيام مواطن بإنقاذ أطفال بصورة تعرضه للخطر أو إستبسال الشرطة في ملاحقة المجرمين و أخبار المصالحات بين الأقطاب الفنية و الرياضية المختلفة .
ضرورة الرصد المستمر و الشامل للظواهر السالبة
ها هنا تساؤل يجب أن نطرحه على الجميع (الصحف المعنية بالنقد و الناقدين لها) هل أحطتم فعلا بالظواهر السالبة ؟ أم هل إختزلتم النزاع في قائمة معروفة و مكررة ؟ مثل : إنتشار الزواج العرفي ، الإباحية و المخدرات وسط طلاب و طالبات الجامعات ، اللقطاء ، العهر في بعض الحفلات الفنية داخل و خارج السودان ، الشذوذ الجنسي الخ ... إن القاريء للصحف السياسية و الإجتماعية و الفنية و الرياضية يجدها تدور حول ظواهر سالبة محددة يمكن إحصائها و لا توجد فروقات كبيرة في طرق معالجتها.
يرى معد الورقة أن الطرفين تجاهلا عددا من الظواهر و تعاميا عنها ، فلا الصحف طرقتها من باب المكاشفة و الشفافية المزعومة و لا النخب الرسمية و المجتمعية أدارت حولها نقاشا صريحا و جاذبا للصحف و قائدا للعملية الإعلامية. و يجدر بنا التحقق ما إذا كانت الصحف اهتمت بها أم تفادت الواجبات الإصلاحية المكلفة .
1- تفشي الجهوية و الردة للعصبية القبلية حتى على المستويات المجتمعية السياسية و الحزبية.
2- ضعف الحس الوطني الجامع مقارنة ببعض الدول: يتجلى في ظواهر محددة مثل الهجرة تحت بند اللجوء و الفرار من القهر السياسي و ربما الأخلاقي.
3- نهب المال العام و إهدار هيبة المرافق العامة أو السلوك غير الحضاري فيها.
و يبقى هنا اتهام معلق فوق القضية برمتها يهدد بأن الصراع إنما هو صراع بين متشددين لا إصلاحيين و طالبي أرباح عاجلة لا دعاة شفافية و مكاشفة و أن قضايا الإصلاح الوطنية و المجتمعية الحقيقية تلقى تجاهلا مستمرا من الطرفين.
أنواع الخلل في المعالجات الإعلامية
1- المبالغة في حجم الظاهرة و تضخيمها (المعالجة المثيرة)
2- التعامل مع حدث أو أحداث معزولة باعتبارها ظاهرة (المعالجة المعيبة)
3- العجز عن توفير معلومات تؤدي إلى إدانة الظاهرة (المعالجة الضعيفة)
4- كشف الأساليب و الطرق التي تأسست عليها الظاهرة بأسلوب تعريفي تعليمي (المعالجة الساذجة)
5- عدم الإعتراف بأن هذه الظاهرة سالبة من الأساس. (إنحراف المعالجة)
نماذج صحفية للمعالجات الإعلامية للظواهر السالبة
1- تكرار نشر صور الكلاب المتوحشة مع كل خبر سماعي أو بلاغ مدون في مراحله الأولية بما يوهم القاريء أن كل الأخبار مؤكدة.
2- اختراع تحقيقات و استطلاعات وهمية في مسألة الزواج العرفي أو الخلط بينه و بين (المخادنة)
3- تضخيم أخبار القتل و تضليل القاريء عن أسبابها
4- تضخيم الصراعات بين نجوم المجتمع و افتعالها
أسباب الخلل في المعالجات الإعلامية
1- التنافس المحموم بين دور النشر بغرض الإنتشار و جني الأرباح
2- رغبة عدد مقدر من الصحافيين في إكتساب النجومية و تحقيق سبق صحفي و شهرة اوسع
3- إختراق معادي للمجتمع (مباشر أو غير مباشر) من قبل دوائر محددة لتشويه صورة المجتمع و نقله لحالة الإعتياد على الرذيلة و التفسخ
4- ضعف المهنية و محدودية المهارات و المقدرات لدي الصحفيين بما يؤدي للخلط بين الألفاظ و الأوصاف
نتائج الخلل في المعالجات الإعلامية
* تفاقم الظواهر السالبة و اتساع دائرتها
* إرباك الدولة و المجتمع و الزج بهم في معارك في توقيت غير موات
* التكريس لآداب و انماط صحفية تصبح مألوفة و تجبر الداخلين على المهنة بالتطبع عليها
المقطورة الثالثة ..!
التصدي بصورة خاطئة للخلل في المعالجات الإعلامية أو ما يكمن تسميته بالمقطورة الثالثة و هي : الظواهر السالبة في التصدي للظواهر السالبة في المعالجات الإعلامية للظواهر السالبة.
ظهرت دعاوي لتفسيق صحف محددة و أقلام بعينها كما طالب البعض بإغلاق الصحف الإجتماعية أو صحف الجريمة و الحوادث . كما سلك بعضهم مسالك قانونية عبر المحكمة الدستورية . و بإختصار تم أكثر من مرة الإعتماد على ورقة الخلل في المعالجات الإعلامية بغرض الحد من حرية الصحافة .
الحلول المقترحات
1- عقد ملتقى للجهات ذات الإختصاص و الصلة (في الدولة و المجتمع) و ذلك بغرض توفير مواد إعلامية للصحف تؤدي دوراً في معالجة الظواهر السالبة ، و يتم هذا بناء على أجندة مجتمعية إصلاحية و وطنية نهضوية تتبناها و تدعمها الدولة مباشرة أو عبر منظمات المجتمع المدني.
2- تبصير الدولة و المجتمع بقنوات التظلم المشروعة عبر مجلس الصحافة و إتحاد الصحافيين و ذلك بغرض تنشيط الفصل في المنازعات داخل الوسط الصحفي و تعزيز الشراكة المجتمعية .
3- تجديد القوالب المهنية الموجودة و ابتكار قوالب جديدة ناسخة أو مزاحمة لقوالب الإثارة المحضة و التطبيع مع العنف و الجريمة و الجنس .
الخلاصة
إن الحديث عن سوء و تردي المعالجات الإعلامية للظواهر السالبة بغرض الحد من قوة و تأثير الصحافة أو القمع من حريتها إنما هو مدخل خطأ لمعالجة القضية ، و غالبا ما يفضي إلى تداخل الاجندات بين المصلحين و قامعي الحريات .
يجب أن تكون للدولة عبر أجهزتها و مؤسساتها و للمجتمع عبر منظماته و هيئاته شراكة مع الصحف في الحد من الظواهر السالبة و هذا يتأتى بالتوظيف الذكي لرغبة الصحف في الوصول القاريء و زيادة الإنتشار ، و يجب أن تتجاوب الصحف مع الأجندة الإصلاحية الرسمية و الشعبية طالما كانت متدرجة و معتدلة.
غير الوسائل المتاحة لتحسين المعالجات الإعلامية و حفز تطور الصحف هنالك قنوات عقابية مشروعة و منصفة يمكن سلوكها لتقويم الصحف و إيقاف (الظواهر السالبة في معالجات الظواهر السالبة) ، و غير الوسائل المشروعة و المقننة هنالك وسائل طوعية و مدنية حضارية يمكن الإقدام عليها بوضوح مع إعلان الأسباب و إستفياء المناقشة مثل المقاطعة الإعلانية أو إلغاء الإشتراكات ، و هذا سيكون البديل المناسب ما لم يتضمن رجما بأحكام دينية قاطعة و فاصلة في أمر يقبل المراجعة و التغيير و لا يستحسن فيه استعجال المفاصلة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.