مع الساعات الأولى من بدء الاستفتاء على مصير جنوب السودان، المتوقع له بالانفصال، ظهرت بقوة مؤشرات الصبغة الدينية لهذا الحدث، تمثلت في مسيرات مؤيدة للانفصال شوارع جوبا ، عاصمة الجنوب، دعت إليها الكنائس وفي اعتبار 200 قس جنوبي انفصال الجنوب المرتقب تحقيقا "لنبوءة الرب". في السياق نفسه، قام السيناتور الأمريكي جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكي ، بأداء الصلاة مع المسيحيين في كنيسة القديسة بخيتة في جوبا، واصفا انفصال الجنوب بأنه "بداية آخرى لبناء أمة تعكس القيم المسيحية"، بحسب وسائل إعلام أمريكية الإثنين 10-1-2011. وشارك أكثر من 200 قس يتبعون "الكنيسة الكوشية" (كاثوليكية) الجنوبيين في مسيرات حاشدة دعوا إليها الأحد لتأييد الانفصال خلال الاستفتاء على مصير جنوب السودان، معتبرين أن هذا الانفصال تحقيق "لنبوءة الرب والتحرر من العبودية للعرب والمسلمين". وشارك سيلفاكير رئيس حكومة الجنوب في قداس أقيم في "كنيسة القديسة بخيتة" الكاثوليكية في جوبا عاصمة الجنوب، بمناسبة الاستفتاء ، حضره جون كيري، والجنرال سكوت جرايشن مبعوث البيت الأبيض إلى السودان، وكذلك وفد من كبار أساقفة مجلس الكنائس العالمي وجنوب إفريقيا ونيجيريا وموزمبيق. وبعد القداس، ألقى جون كيري كلمة أكد فيها على "التزام الولاياتالمتحدة غير المحدود لدعم بناء الدولة الجديدة". واقتبس كيري، خلال كلمته بعض نصوص من الكتاب المقدس لدى المسيحيين "الإنجيل" ، عبر فيها عن سعادته بالانفصال المتوقع، قائلا "إن الإيمان هو الذي جمع الجنوبيين كأمة، وسيستمر هذا حتى نهاية كفاح وبداية بناء أمة تعكس القيم المسيحية، وإصلاح أخطاء الماضي". كما دعا، في وقت سابق، مجلس الكنائس السودانية في جوبا جميع المسيحيين للمشاركة في قداس إلهي والصيام من أجل استفتاء سلمي وآمن. وقام عدد من زعماء الكنائس الكاثوليكية والأسقفية بالذهاب معا للتصويت لصالح الانفصال في أول يوم للاستفتاء، وحثوا الجنوبيين على الحضور أمام مراكز الاقتراع منذ الصباح الباكر داخل مدينة جوبا وقبل بدء عملية التصويت. دور كنسي بارز وأشارت تقارير صحفية إلى أن الكنائس الكاثوليكية قامت بدور كبير منذ عدة أشهر، لحشد أتباعها للتصويت لصالح الانفصال، كما عقدت كنائس السودان اجتماعًا موسعًا في مدينة جوبا منذ 4 أشهر، اتخذت فيه العديد من التوصيات، كان أبرزها دعم الانفصال، والتركيز على مخاطبة المجتمع المسيحي، بأن الوحدة معناها "عودة المحتل العربي والإسلامي مرةً أخرى لبلدهم". وذكرت صحف سودانية، أن عشرات المسيحيين نظموا مظاهرة مساندة لفكرة انفصال الجنوب، مؤكدين أن الدولة الوليدة ستكون "مسيحية الهوية". على صعيد متصل، وفي الولاياتالمتحدة، أٌقيمت أمس الأحد 9 – 1 – 2011 ، يوم إجراء الاستفتاء في جنوب السودان، صلوات في عدد من كنائس ولاية ميسوري، بدعوة من كاثرين جيفيرتس من قادة الكنائس الكاثوليكية في الولاية ، التي دعت إلى صلوات سابقة تحت مسمى " موسم صلاة من أجل السودان".، بحسب صحيفة واشنطن بوست الاثنين 10-1-2011 وقالت كاثرين "نخشى على أصدقائنا، إذا عادت الحرب، أن لا يجدوا من يقف إلى جانبهم. لهذا، يجب أن نقف معهم، وأعتقد أن هذا ما يريده منا يسوع (المسيح)" مضيفة أنه "يجب عدم السماح للعنف، وأن تستمر العلاقة التي تربطنا، وتؤثر على حياتنا، هنا في ولاية ميسوري". وفي تصريحات أخرى لصحيفة واشنطن بوست، انتقد الفريد لادو، مدير مكتبة جامعة جوبا، الحكومات الشمالية المتعاقبة، قائلا: " كان العرب يقولون لنا إننا لا يمكن أن نصلي يوم الأحد.. وإن علينا أن نصلي يوم الجمعة .. تعرضنا لمضايقات كثيرة"، بحد قوله. ولا يعرف على وجه التحديد عدد المسلمين والمسيحيين في جنوب السودان، ولم يجر إحصاء علمي في الجنوب سوى عامي 1956 و1983، لكن مجلس الكنائس العالمي أجرى إحصاءا عام 1986، أشار فيها إلى أن نحو 31% من الجنوبيين هم من المسلمين، وقرابة 48% من المسيحيين، والبقية تتوزع بين الأرواحيين واللادينيين، وأصحاب الديانات الأفريقية الأخرى.