بإعداد وترتيب من المجلس الأعلى للدعوة الإسلامية وهيئة علماء السودان ومباركة من رئاسة الجمهورية دُعينا إلى لقاء مع السيد رئيس الجمهورية بغرض التفاكر والتناصح.. وقد ضم اللقاء نخبة صالحة من أهل العلم وأهل الفكر وأهل الدعوة وأهل التصوف.. افترع الحديث الشيخ عمر إدريس حضرة رئيس المجلس الأعلى للدعوة وذلك بعد تلاوة مباركة من آي الذكر الحكيم تلاها الشيخ الفاتح عثمان الزبير. بعد حديث الشيخ حضرة قدم الأمين العام لهيئة علماء السودان البروفيسور محمد عثمان صالح المذكرة الناصحة والتي عكف عددٌ من أهل العلم على إعدادها لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور وذلك من خلال أربعة محاور أو لجان: 1. محور الدائرة الفقهية المتعلقة بالسياسة الشرعية. 2. محور الدائرة الاجتماعية. 3. محور التعليم والإعلام. 4. محور دائرة الخطاب الإسلامي. وقد أكدت المذكرة الناصحة على ضرورة الأخذ بالأصل الشرعي في إعداد الدستور القادم للبلاد بصورة قاطعة لا تترك اعتراضاً لمعترض ولا ثغرة تؤدي إلى نقد أو اختلاف. وأكدت على اعتماد مصادر التشريع المقررة عند أهل النظر وأهل العمل وأهل الحكم. وبعد تطواف شامل لخّص الأخ الأمين العام لهيئة علماء السودان والمتحدث الرئيسي في اللقاء ما جاء في المذكرة الناصحة في جملة من النقاط نعرض لما تيسر منها: 1. القرآن الكريم قانوننا الأعلى مع السنة المطهرة. 2. المرجعية العليا للدولة هي الكتاب والسنة. 3. الدعوة إلى إعمال التركيبة الاجتماعية والاهتمام بها في كل المجالات خاصة الضبط العام. 4. المبادئ الموجهة هي تثبيت الهوية قبل سواها من الاحتياجات. 5. الالتفات إلى ضبط الجبايات وضبط العاملين عليها. 6. الحد من العمالة الوافدة ومراقبة سلوك الوافدين. 7. الحد من المقاهي التي انتشرت انتشاراً مزعجاً في كل أنحاء العاصمة. 8. التصدي للهجمة العقدية المتمثلة في مذهب الشيعة الرافضة الاثني عشرية الذي بدأت هجمته على السودان بدعم مالي وثقافي من الجمهورية الإيرانية. 9. الحد من انتشار الأغاني والموسيقا في كل القنوات والإذاعات بصورة كبيرة إلى درجة إعطائها حيزاً أكبر في رمضان شهر الصوم والعبادة وشهر القرآن. بعد حديث الأخ البروف أمين عام هيئة علماء السودان وخطيب العلماء أمام السيد رئيس الجمهورية أُتيحت الفرصة للعلماء للمشاركة في المناصحة. وكان أبرز من شارك في المداولات الأخ الشيخ إسماعيل عثمان، الشيخ الدكتور مهدي رزق الله، الشيخ علي أحمد سليمان إحيمر، الدكتور علاء الدين الأمين الزاكي، الأخ علي محمد أحمد جاويش والأخ الدكتور محمد بخيت البشير. وكان محور الحديث عند كل هؤلاء الأئمة والشيوخ هو تطبيق الشريعة وإقرار الدستور الإسلامي وكلهم تقريباً أشاروا إشارة واضحة إلى أن الظرف أصبح أكثر مواتاة لإقرار الدستور الذي يحفظ للبلد هويته ودينه وشخصيته بعد انفصال الجنوب وقرب إعلان دولة الجنوب الجديدة. وكان مما أشار إليه العلماء الدعوة إلى ضرورة محاربة الفساد في كل المستويات وإلى ضرورة ضبط الشارع ومحاربة التبرج الذي أصبح لا يخفى على العين خاصة بعد قدوم العشرات بل المئات من الوافدين والوافدات من دولتي الجوار الحبشة وإريتريا. ولم يغب عن ذاكرة العلماء التنويه والإشارة تلو الإشارة عن الجبايات وعن البطانة وضرورة اختيار البطانة الصالحة.وقد أُتيحت لي الفرصة لأخاطب السيد الرئيس فتحدثت في ثلاث قضايا: القضية الأولى الجبايات التي ذكرت أنها أرهقت كاهل المواطنين دون أن تستند إلى أصل شرعي ترد إليه حتى كادت أن تكون مكوساً أو قد أصبحت فعلاً. ولقد أشرت إلى أن الله سبحانه وتعالى يُدني كل مسلم يوم القيامة ويسارّه ويحاله حتى يقرره بما عليه من الذنوب ثم إن شاء عذبه وإن شاء غفر له إلا صاحب المكس فإنه يؤخذ ويلقى في النار. وذكرت للأخ الرئيس أن القرآن في مدارس السودان يكتب منكساً حيث تكون الإخلاص في أقصى اليمين وعم في أقصى اليسار من جزء عم ونفس الشيء في تبارك.. وذكرت للأخ الرئيس أن البيعة التي في أعناقنا له كانت على إقامة الشريعة كاملة غير منقوصة.. لا تقبل ولا تستقبل. وقد رد الأخ الرئيس رداً ضافياً قارع فيه العلماء بعض ما جاءوا به من الحجج.. ولكن البشارة أنه التزم بأن تقنن الجبايات.. وألا تُترك بلا ضابط ولا قانون. وكان هذا من أبرز ما جاء في خطابه للعلماء. كما أنه أكد على حقيقة أن الشريعة ليست مجرد قوانين أو حدود وأشار الى الانتشار الواسع للتديُّن في الأوساط الاجتماعية والشبابية على الخصوص وإلى الأعداد الكبيرة من المساجد التي ظلت تمتلئ بالمصلين من جميع الأعمار. وقد أكد الرئيس كما قد نوه عددٌ من العلماء من قبل إلى ضرورة التلاقي والتناصح والتشاور بين أولي الأمر من حكام وعلماء وألاّ يقتصر ذلك على اللقاءات العابرة ولا اللقاءات المتباعدة.